قال خبير طبي من المستشفى الأمريكي العريق كليفلاند كلينك، إن بوسع أكثر من 800 مليون إنسان مصاب بالسمنة في جميع أنحاء العالم أن يستفيدوا من دواء يحاكي في عمله عمل الهرمونات ويُستخدم عادة لعلاج مرض السكري، وذلك بعد أن ثبتت فعاليته في إنقاص الوزن.
جاءت تصريحات الدكتور سكوت بوتش مدير طب السمنة في معهد السمنة والتمثيل الغذائي التابع لكليفلاند كلينك قبيل الاحتفال باليوم العالمي للسمنة، الموافق للرابع من مارس من كل عام.
وأشار في تصريحاته إلى أن السمنة مرض معقّد شديد التوريث ذو أساس حيوي قوي، مقدّرا بأن ما يتراوح بين 40 و70 بالمئة من التباين في مؤشر كتلة الجسم لدى الأفراد مردّه إلى السمات الوراثية، ما يجعل فقدان الوزن أمرًا صعبًا. وأضاف: “ينبغي أن توضع خطط علاجية مصممة وفق طبيعة كل مريض وأن تتضمن أساليب متنوعة، مثل التدخّلات في نمط الحياة واستخدام أدوية السمنة، واللجوء إلى جراحات السمنة والتمثيل الغذائي”.
لكن الدكتور بوتش لفت إلى تجربة سريرية حديثة قال إنها أظهرت التأثير المفيد في الوزن، الذي يمكن أن يُحدثه عقار سيماغلوتايد الخاص بعلاج السكري، واصفا هذا التأثير بأنه “قادر على إحداث تغيير جذري في طريقة مساعدة العديد من الأشخاص المصابين بالسمنة على إنقاص قدر كبير من الوزن”.
ويحاكي سيماغلوتايد عمل هرمون الببتيد-1 (GLP-1) شبيه الغلوكاغون الذي يزيد إفراز الأنسولين، وجرى تسويقه دواءً لمرض السكري من النوع الثاني. وأظهرت التجربة السريرية، التي أجريت على هذا الدواء وأُطلق عليها الاسم “ستيب 1” STEP 1، أن غالبية المرضى، الذين يعانون السمنة يفقدون ما لا يقل عن 10 بالمئة من وزنهم، في حين نجح ثلثهم في فقدان ما نسبته 20 بالمئة على الأقلّ من الوزن.
وتُعدّ السمنة أحد أكثر الأمراض انتشارا في العالم، إذ تقدر الأمم المتحدة أن 800 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يعانون هذا المرض، في حين أن 40 مليون طفل غيرهم مصابون بزيادة الوزن.
ويُصنف الأشخاص بأنهم يعانون السمنة إذا كان مؤشر كتلة الجسم أعلى من 30، ويكونون معرضين لخطر استقلاب أعلى إذا كان محيط الخصر أعلى من 89 سم لدى المرأة و102 سم لدى الرجل. ويُحسب مؤشر كتلة الجسم بأخذ وزن الشخص بالكيلوغرام وقسمته على مربع ارتفاعه بالمتر.
ويُعدّ المرضى، الذين يعانون السمنة أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بأكثر من 220 مرضا، مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية وارتفاع ضغط الدم والسكري.
وفيما يتعلق بعلاج السمنة، فقد تحوّلت المؤسسة الطبية من اتباع تدابير مثل النظم الغذائية القاسية وحبوب الطاقة، نحو التركيز على علاج السمنة بوصفها مرضا معقدا ذا عوامل متعدّدة ينبغي أخذها في الاعتبار. ويمكن علاج الحالات الأقلّ خطورة من السمنة عن طريق ممارسة الرياضة، أو اتباع نظام غذائي صحي، أو تناول بعض الأدوية، التي تستهدف المسارات المرتبطة بتنظيم الوزن. أما الأشخاص، الذين يعانون حالات أشدّ خطورة، فقد يحتاجون إلى إجراء جراحات السمنة والجراحات الأيضية مثل المجازة المِعَدية أو تكميم المعدة، ما قد يساعدهم على فقدان ما يتراوح بين 20 و40 بالمئة من وزن الجسم.
وفي ضوء تعدّد أسباب السمنة، تشير الأبحاث إلى مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية والنفسية، وفي بعض الحالات قد تكون ناجمة عن صدمة أو جراحة دماغية. وقد تشمل العوامل البيئية قلة النشاط البدني وقلة النوم وزيادة التوتّر وتناول الأطعمة غير الصحية. كذلك يمكن أن تسبب بعض الأدوية زيادة الوزن، وفي حالات نادرة، قد يكون لدى المرضى طفرات جينية في هرمون اللبتين، مثلا، الذي ينظم شهية الجسم.
وقال الدكتور بوتش إن السمنة منتشرة في جميع المجتمعات، ويمكن أن تصيب أية فئة عمرية، وتنتشر في أي مكان في العالم، داعيا إلى الانتباه إليها، لا سيما لدى الأطفال، وأضاف موضحا: “من المرجّح أن تستمر السمنة لدى من يُصَب بها في سن مبكرة حتى عندما يصبح شخصًا راشدًا”.