مع دنو موعد الانتخابات التشريعية والمحلية بالمغرب، تدخل الأحزاب السياسية معركة تجويد ومناقشة القوانين الانتخابية داخل البرلمان، في سياق يشهد تراجع قوة الهيئات السياسية ودورها التأطيري داخل المجتمع، بينما ستتجه الأنظار إلى ما ستحمله المناقشات البرلمانية بشأن عدد من القوانين التنظيمية المتعلقة بالانتخابات.

وفي أفق التحضير للانتخابات العامة المقبلة بالبلاد، صادق المجلس الوزاري، برئاسة الملك محمد السادس، على أربعة مشاريع قوانين تنظيمية مؤطرة لهذه الاستحقاقات، تهدف “إلى تطوير قواعد النظام الانتخابي، وتقوية الضمانات الانتخابية، وضبط قواعد استفادة الأحزاب السياسية من الدعم المالي، وتخليق العمليات الانتخابية، وتعزيز الشفافية المالية للحملات الانتخابية للمرشحين”.

وسيكون البرلمان أمام تحدي تدبير عامل الزمن لإخراج القوانين الانتخابية التي أثارت الكثير من الجدل وسط الأحزاب؛ بينما لا تزال الهيئات السياسية تنتظر حصتها من الدعم المالي من أجل الاستعداد للانتخابات التشريعية المقبلة، التي تأتي في سياقات سياسية “معقدة”.

وتشير أمينة ماء العينين، القيادية البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، إلى أن “الزمن المخصص لمناقشة القوانين الانتخابية زمن ضيق، ويجب على البرلمان تدبيره بطريقة مسؤولة”، مبرزة أن “نقاش القوانين الانتخابية بالشروط الحالية لا يحمل رهانات كبيرة ما عدا مقاربة النتائج وحساب المقاعد”.

واعتبرت المسؤولة الحزبية أن “نقاش القوانين دون نقاش سياسي مؤطر للانتخابات المقبلة سيظل نقاشا إجرائيا محكوما بهاجس ما ستفرزه الخريطة من توازنات”، مبرزة أن “الانتخابات المقبلة هي انتخابات لن تكون تأسيسية لمرحلة جديدة ما لم يتم إطلاق النقاش السياسي المأمول”.

ودعت البرلمانية ذاتها إلى الانتباه إزاء الفراغ من حيث العروض السياسية والأطروحات التي ستتنافس في الانتخابات، مبرزة أن “كل هذا الانحسار والصمت السياسي الرهيب لا يمكن أن يعوضه نقاش القوانين الانتخابية في سياق مبتور”، داعية إلى “إطلاق مبادرات جديدة تفتح أفقا جديدا للمغاربة، والواضح أن الأحزاب السياسية اختارت الانسحاب من هذا الدور؛ وهو أمر مؤسف”.

واسترسلت ماء العينين: “ننتظر الإعلان عن النموذج التنموي الجديد، ونأمل أن يطلق دينامية جديدة تكسر هذا الصمت الذي اختارته الأحزاب السياسية ومعظم نخبها، وكلما تخلت الأحزاب عن أدوارها والمساحات التي منحت لها دستوريا إلا وتم إطلاق مبادرات لملء الفراغ، لتعود الأحزاب إلى خطاب الشكوى”.

واعتبرت القيادية البرلمانية، ضمن حديثها، أن الأحزاب كانت مستهدفة بقسوة من طرف النظام السياسي في فترة سابقة وكانت تقاوم. اليوم، صارت الأحزاب تستهدف نفسها بنفسها؛ فلا برامج ولا مبادرات ولا عروض سياسية ولا نخب تملأ الفراغ”، مبرزة “ننتظر انفتاحا سياسيا بمؤشرات إيجابية تبدأ بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية؛ ومنهم شباب الريف، وكذلك الصحافيون والحقوقيون”.

ودعت البرلمانية ذاتها الأحزاب إلى مراجعة مقاربة تدبيرها للانتخابات، وأن تتوقف عن ممارسة القيادة بالصمت والانسحاب والاتكال، وأن تسهم بإيجابية وبروح الإبداع والمبادرة في خلق أفق جديد يحتاجه الوطن لمواجهة التحديات الخارجية والرهانات الداخلية ما بعد “كورونا” بكل أبعادها.

hespress.com