بعد الغضب العارم لسكان مدينة الدار البيضاء إزاء المجلس الجماعي المسير لمدينتهم وتجاه شركة “ليدك” المفوض إليها تدبير قطاع الماء والكهرباء والتطهير السائل، طالبت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبارانسي المغرب) مجلس جماعة الدار البيضاء بتمكين المواطنين من الاطلاع على العقد الذي يجمعه بالشركة الفرنسية.

“تراسبارانسي المغرب” وجهت رسالة إلى رئيس مجلس جماعة الدار البيضاء، عبد العزيز العماري، تطالبه فيها بنشر نص عقد التدبير المفوض المبرم مع شركة “ليدك” بكافة ملحقاته وتعديلاته على الموقع الإلكتروني للجماعة، وكذا التقارير التي تم إعدادها خلال السنوات العشر الماضية من قبل لجنة المراقبة الدائمة المسؤولة عن مراقبة تنفيذ عقد التدبير المفوض.

وحسب نص الرسالة الموجهة من طرف الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة إلى رئيس مجلس جماعة الدار البيضاء، تتوفر عليها هسبريس، فإن نشر الوثائق الذي طالبت به، يُعتبر حقا مشروعا للمواطنين في الحصول على المعلومات المتعلقة بالخدمات التي تحكم حياتهم اليومية، تفعيلا لمقتضيات الدستور، ومن شأنه تنوير الرأي العام حول النقاش العمومي الجاري بخصوص الفيضانات التي شهدتها العاصمة الاقتصادية للمملكة.

ووجد سكان مدينة الدار البيضاء أنفسهم بعد الفيضانات الأخيرة التي كبّدتهم خسائر مادية كبيرة، أمام اتهامات متبادلة بين المجلس الجماعي المسير لمدينتهم والشركة المفوض إليها بتدبير الصرف الصحي، حيث حمل رئيس المجلس الشركة المذكورة مسؤولية غرق الدار البيضاء، بينما ينتظر المواطنون تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بممتلكاتهم.

وطالبت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة كذلك رئيس مجلس جماعة الدار البيضاء بنشر البرامج الاستثمارية لشركة “ليدك” على مدى السنوات العشر الماضية، مشددة على أن ترسيخ الحكامة الجيدة يقتضي تمكين المواطنين وكافة المرتفقين من المعلومات واتخاذ كافة التدابير لممارسة هذا الحق الذي يكفله الفصل 27 من دستور المملكة.

أحمد البرنوصي، الكاتب العام للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، قال إن تمكين المواطنين من حق الحصول على المعلومات من طرف المؤسسات العمومية، سواء المؤسسات المنتخبة أو المصالح الإدارية التي لها صفة المصلحة العامة، ينبغي أن يتم بشكل استباقي، دون انتظار أن يتقدم المواطنون بطلب نشر المعلومات المرغوب في الحصول عليه.

وتنص المادة العاشرة من قانون الحق في الحصول على المعلومات على أن “المؤسسات والهيئات المعنية يجب عليها، كل واحدة في حدود اختصاصاتها، أن تقوم، في حدود الإمكان، بنشر الحد الأقصى من المعلومات التي في حوزتها والتي لا تندرج ضمن الاستثناءات الواردة في هذا القانون، بواسطة جميع وسائل النشر المتاحة، خاصة الإلكترونية منها، بما فيها البوابات الوطنية للبيانات العمومية”.

وفي الوقت الذي ما زالت فيه التفاعلات التي أعقبت “غرق” مدينة الدار البيضاء تتناسل، أكد البرنوصي أن نشر مجلس جماعة الدار البيضاء للوثائق التي طالبت “ترانسبارانسي” بنشرها من شأنه أن يمكّن من معرفة الجهة التي تتحمل المسؤولية، مضيفا: “هذه المعلومات ستمكننا من معرفة هل قامت شركة ليديك بتنفيذ مقتضيات دفتر التحملات، وهل قام المجلس الجماعي للدار البيضاء والمصالح المعنية بدورهما في المراقبة”.

ويخول القانون رقم 54.05، المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية، المجالس الجماعية سلطات واسعة لمراقبة عمل شركات التدبير المفوض؛ فعلاوة على المراقبة التي تمارسها الدولة أو سلطات أخرى بموجب النصوص القانونية الجاري بها العمل، يتمتع المفوِّض إزاء المفوَّض إليه بسلطة عامة للمراقبة الاقتصادية والمالية والتقنية والاجتماعية والتدبيرية مرتبطة بالالتزامات المترتبة على العقد، حسب ما جاء في نص القانون المذكور.

ووفق النص القانوني ذاته، فإن المفوض يتمتع، بصفة دائمة، بجميع سلط المراقبة للتأكد من خلال المستندات وبعين المكان من حسن سير المرفق المفوض وحسن تنفيذ العقد.

وشدد رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة على أن ثمّة حاجة إلى تقييم جدوى تفويت بعض القطاعات العمومية إلى شركات التدبير المفوض، موضحا أن “الغاية من الرسالة التي وجهناها إلى رئيس مجلس جماعة الدار البيضاء، لا نقصد منها فقط تحديد المسؤوليات في ما وقع في الدار البيضاء وحدها، بل هي فرصة لتقييم تفويت قطاعات أخرى، وليس الماء والكهرباء والتطهير السائل فقط، في جميع المدن المغربية، حيث ينبغي أن يكون هناك تتبع ومراقبة للتأكد من التزام الشركات المفوض إليها بمقتضيات دفاتر التحملات”.

hespress.com