عبرت الجزائر، في مراسلة رسمية، عن تخوفها من حشد المملكة المغربية دبلوماسيتها من أجل الترويج عبر العالم لخرائط تضم أقاليمها الجنوبية.
وكانت عدد من المؤسسات الدولية، وخصوصا التابعة للولايات المتحدة الأمريكية، اعتمدت خريطة رسمية جديدة للمملكة تضم أقاليم الصحراء المغربية، وأزالت الخط الوهمي الفاصل بين المغرب وصحرائه.
وكشفت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالجزائر عبر مراسلة لها أنها تلقت توجيهات من وزارة الخارجية الجزائرية بخصوص “تبني المملكة المغربية إستراتيجية يطلق عليها البعض تسمية دبلوماسية الخرائط، في خدمة الوحدة الترابية”.
وأضافت المراسلة الرسمية أن “هذه الإستراتيجية، التي نظّر لها أستاذ الجغرافيا والخبير الجيوسياسي المغربي موسى المالكي، تتمثل في الترويج عبر العالم لخرائط للمملكة المغربية تضم إقليم الصحراء الغربية، بما في ذلك عبر الإنترنت، وحث المؤسسات الرسمية والدبلوماسية على تنظيم تظاهرات لعرض خرائط مغربية بالعديد من اللغات، وتجنيد الشعب المغربي والجالية المغربية في الخارج للتنديد بكل خريطة لا تضم إقليم الصحراء المغربية إليها خلال الملتقيات والندوات الدولية”.
ويأتي تحرك الخارجية الجزائرية بعدما اعتبر الباحث في القضايا الجيو-استراتيجية موسى المالكي، في مقال له على جريدة هسبريس الإلكترونية، أن أول ما ينبغي الحرص عليه في المقام الأول “هو استناد المواطنين المغاربة داخل الوطن وخارجه من الجاليات بكافة بقاع العالم حصريا إلى خرائط رسمية صادرة عن المؤسسات الحكومية المغربية ذات الاختصاص، والمؤهلة لإنتاجها، خاصة مع كون المغرب مازال يخوض معركة استكمال وحدته الترابية”.
وأكد الباحث، في مقال له حول “دبلوماسية الخرائط في خدمة قضية الوحدة الترابية الوطنية”، على ضرورة تشكيل خلية رسمية لليقظة الخرائطية على مستوى أجهزة وزارة الخارجية، “لمكافحة ومقاومة نشر الخرائط المبتورة أو المشوهة أو المخلة بوحدتنا الوطنية، خاصة على المواقع الرسمية للمنظمات الدولية ووكالات الأسفار العالمية والإعلام الأجنبي، ممثلا في القنوات التلفزية والمواقع الإلكترونية والصحافية ووسائل التواصل الاجتماعي”.
وجاء في وثيقة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالجزائر، التي اطلعت هسبريس عليها، أنه “أمام الدعاية المغربية والتطورات الأخيرة للقضية الصحراوية نرجو منكم اتخاذ التدابير الضرورية لتحسيس مدراء المؤسسات الجامعية والعلمية وكافة الأسرة الجامعية بكل مكوناتها، وبالخصوص الوفود الرسمية والعلمية المتنقلة للخارج، لغرض طلب سحب كل مستند، إعلان أو وثيقة، سواء كانت ورقية أو رقمية، تحتوي على خرائط أو معطيات تهدف إلى ضم إقليم الصحراء الغربية إلى الأراضي المغربية أثناء مشاركتها في الندوات والمحاضرات والملتقيات الجهوية والدولية”.
ويبدو أن الجزائر خائفة من تأثير اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية على دعم دينامية مغربية الصحراء، إذ عبرت الوثيقة الرسمية عن ذلك بشكل واضح بإشارتها إلى أن المملكة المغربية تستعد لنشر حملة واسعة لتغيير الخرائط الورقية والرقمية التي لا تضم الأقاليم الجنوبية، وذلك بعد إعلان الرئيس ترامب في 10 دجنبر 2020 الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء.
وأثار تسريب هذه الوثيقة بمواقع وصفحات جزائرية غضب وزارة الداخلية الجزائرية، التي سارعت إلى تحذير “من تداول وثائق إدارية على منصات التواصل الاجتماعي”، وأمرت “المؤسسات والإدارات في مختلف القطاعات باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين الوثائق الإدارية حفاظا على سرية التعاملات الإدارية”.