أقر قانون المالية لسنة 2021 بعض المستجدات على مستوى مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة في جانب من فصولها، بغية تحسين ما قد يُرى منها من عيوب أو بقصد تحيين بعضها في اتجاه مواكبة التغيرات التي تفرضها الظرفية الاقتصادية على وجه الخصوص.
وهكذا فقد لحق التعديل كلا من الفصول 13، 49، 50، 67، 78 مكرر، 106، 107، 109، 115، 134، 164، 164 مكرر، 181، 182، 286، 293 و294. وسنتولى دراسة أهم ما جاء في بعض هذه الفصول من تعديلات على النحو التالي:
الفصل 13
“1- ما لم ينص على خلاف ذلك في النصوص التي تحدث أو تغير تدابير جمركية يطبق النظام السابق الأكثر فائدة على البضائع التي:
– تثبت سندات النقل المحررة قبل دخول هذه النصوص المشار إليها أعلاه حيز التنفيذ، أن هذه البضائع كانت منذ تصديرها تقصد مباشرة وبصفة خاصة ناحية من التراب الخاضع؛
– ائتمان مؤكد ولا رجعة فيه مفتوح لفائدة المورد الأجنبي قبل تاريخ دخول الإجراءات المذكورة حيز التطبيق.
2- لا يمكن أن تستفيد من مقتضيات هذا البند إلا البضائع المعروضة مباشرة للاستهلاك دون أن تكون قد وضعت بمستودع”.
ولقد حلت افتتاحية الفصل المذكور أعلاه محل الصيغة القديمة التي كانت تقول: “يمكن أن يقرر بصريح العبارة في النصوص التي تحدث أو تعدل تدابير جمركية تطبيق النظام السابق الأكثر فائدة على البضائع التي: …”.
ومعنى هذا الفصل أن البضائع التي وقع استيرادها في ظل قانون جمركي قائم، إنما تستفيد من مقتضيات هذا القانون ولا يُطبَّق عليها التعديل الذي يُحدثه قانون مالية السنة، وذلك بشرط أن تكون الوثائق التجارية تُثبت أسبقية الصفقة بتاريخ أُنجز قبل تعديل بنود مدونة الجمارك، وتثبت أيضا كون هذه البضائع موجهة أساساً إلى التراب الخاضع للمملكة، أو أن تكون الشركة المستوردة قد سبق لها فتح ائتمان مستندي غير قابل للإلغاء ومؤكد قبل تعديل القانون الجمركي، وهو ائتمان يضمن سداد مبلغ البضاعة للمُورِّد الأجنبي عن طريق البنك الذي يتعهد بالدفع، وغالبا ما يتم اللجوء في هذا الإطار إلى الائتمان المستندي غير قابل للإلغاء والمُؤَكَّد Crédit irrévocable confirméالذي يضمن تعهد بنك المُورِّد وبنك المُصدِّر على السواء بتسديد ثمن البضاعة للمُصدِّر البائع. على عكس الائتمان المستندي غير قابل للإلغاء وغير المؤكد، الذي يضمن فقط تعهد بنك المستورد بأداء ثمن البضاعة دون أن يتعهد بذلك بنك المُصدِّر.
وقد كان على واضع النص أن يستغني عن النقطة الثانية تفاديا للإطناب بصياغة أكثر دلالة وأبلغ في التعبير، كأن يقول: “ما لم ينص على خلاف ذلك، يبقى القانون السابق ساري المفعول على استيراد البضائع المصرح بها تحت نظام الوضع للاستهلاك إذا كان أكثر فائدة شريطة:
– أن تثبت سندات النقل المحررة قبل دخول هذه النصوص المشار إليها أعلاه حيز التنفيذ، أن هذه البضائع كانت منذ تصديرها تقصد مباشرة وبصفة خاصة ناحية من التراب الخاضع؛
– أو أن يكون ائتمان مستندي غير قابل للإلغاء ومُؤَكَّد قد تم فتحه لفائدة المورد الأجنبي قبل تاريخ دخول الإجراءات المذكورة حيز التطبيق”.
حيث يُشار إلى نظام الوضع للاستهلاك بالرقم (010) ضمن الخانة الأولى من بيان التصريح الجمركي، ما يعني أن البضاعة المستوردة وفق هذا النظام يتم استيفاء الرسوم والمكوس الجمركية عنها وكذا استيفاء الرخص المتطلبة قانونا حتى يتم تداولها مباشرة في السوق الوطنية، بعكس نظام المستودع الذي يعد من الأنظمة الموقفة للرسوم الجمركية مدة من الزمن تكون محددة بقرار وزير المالية في سنتين كحد أقصى، قبل تقرير مصير البضاعة المُهَيَّأة وفق هذا النظام للتخزين من أجل سد خصاص شركات التصدير واحتياجاتها من هذه البضائع والمواد الأولية.
ولم يشأ المشرع الجمركي تخصيص نظام المستودع بهذا الامتياز، لكونه يتعلق أساسا بالادخار ولا يقتضي أي التزام مسبق تجاه أصحاب الطلبيات، مثلما قد تفرضه عمليات الاستيراد المباشرة التي يكون فيها المستورد ملزما بشروط البيع المسبق لزبنائه، خاصة من ناحية السعر الذي يتأثر بارتفاع غير مُتوقَّع لرسم الاستيراد أو لقيمة البضاعة أو ما شابه ذلك.
وللإشارة فإن نظام المستودع يتنوع بحسب نوعية الهيئة المُستغِلة له ما بين مستودع عمومي أو مستودع حر، ذلك أن المستودع العمومي يكون مفتوحا لأي شخص يرغب في وضع بضائع تحت مراقبة الجمرك في أماكن مهيأة لهذا الغرض سواء من طرف المدينة أو من طرف غرفة التجارة، ويكون رمزه ضمن الخانة الأولى من بيان التصريح الجمركي معروفا بالرقم (035)، بينما يتوزع المستودع الحر ما بين مستودع حر خصوصي يرمز له بالرقم (037) ضمن بيان التصريح، ويشمل استيراد بضائع معينة تبعا لنشاط المؤسسة وحسب الترخيص المسوح به من طرف إدارة الجمارك، ونذكر من هذه البضائع الأثواب والأسلاك المعدنية والقنب وشباك الصيد وما إلى ذلك، أو مستودع صناعي حر خاص بالاستيراد المباشر للمواد الأولية والذي يعبر عنه بالرقم (381)، ويسمح في إطاره باستيراد المواد الأولية مثل المواد الكيميائية أو أجزاء الطائرات، أو مستودع صناعي حر خاص بالاستيراد المباشر للآلات، يرمز له بالرقم (385)، ويشمل استيراد الآلات مثل آلات تلحيم المعادن وآلات تصنيع الأسلاك إلى غير ذلك.
الفصل 49
بموجب هذا الفصل تمت إضافة كلمة “رسو” ضمن الفقرة الثالثة على الشكل التالي: “لا يصبح هذا التصريح ساري المفعول إلا ابتداء من تاريخ رسو الباخرة. ويلغى من طرف الإدارة، التصريح الموجز في حالة عدم رسو الباخرة داخل أجل يحدد بقرار للوزير المكلف بالمالية”.
ومعلوم أن هذا الفصل يُحتم على ربان الباخرة أو ممثله المؤهل لهذا الغرض بأن يودع بمكتب الجمارك تصريحا موجزا قبل وصول السفينة إلى الميناء وذلك في الآجال المحددة بقرار للوزير المكلف بالمالية.
وقد تَوخَّى مُعدِّل النص من خلال هذه الإضافة حسم النقاش بخصوص البواخر التي تصل إلى الميناء وتظل متوقفة في الفَرَضَات أي المجال البحري أو النهري المحيط بالميناء، بفعل تردي أحوال الطقس أو لضعف الطاقة الاستيعابية للميناء، معتبرا تاريخ رسو الباخرة كمنطلق لسريان أجل التصريح.
إلا أن ما يلاحظ من هذه الناحية، أن واضع النص لم يكن موفقا في اختيار المصطلح المناسب، ذلك أن الرسو (accostage) يقصد به توقف الباخرة فوق الماء يستوي في ذلك أن تكون متوقفة عند الرصيف أو في الفرضات، وبالتالي فقد كان من الأجدر اعتماد عبارة “رسو الباخرة نهائيا برصيف الميناء” والتي يقابلها في اللغة الفرنسية مصطلح amarrage)).
الفصل 67
– إن التعديل الذي لحق بهذا الفصل عند النقطة الأولى منه، جعل من إثبات ملكية البضاعة -زيادة عن سندات النقل- يمتد كذلك إلى أي وثيقة أخرى محررة في اسم مالك البضاعة أو بأمر منه. حيث أصبحت هذه الفقرة بعد التعديل تقول: “1- لا يمكن أن يقوم بعمل المصرح بالبضائع المقدمة أو المودعة في الجمرك إلا مالكي البضائع المذكورة والمعشرين المقبولين وكذا الأشخاص الذاتيين أو المعنويين المشار إليهم في الفصل 69 بعده.
يجب على مالك البضائع المصرح أن يثبت صفته كمالك للبضائع بتقديم:
– الوثائق التجارية التي تثبت أن شراء أو بيع هذه البضائع قد تم باسمه الخاص؛
– سندات النقل أو أي وثيقة أخرى محررة في اسمه الخاص أو بأمر منه”.
ومعلوم أن الأشخاص المعنوية مثل الشركات عموما، لا يقبل لها أي نشاط تجاري ما لم تكن مسجلة ضمن السجل التجاري الذي يضبط شكلها كشركة ذات مسؤولية محدودة أو كشركة مجهولة الاسم إلى غير ذلك، كما يضبط اسم مالكها أو الشخص المتصرف قانونا باسمها، وذلك حتى تكون المراقبة مُجْدِية في ضمان الرسوم والمكوس الجمركية من جهة، وفي تتبع نشاط الشركة من جهة ثانية تفاديا لأي انفلات أو تغيير في الوجهة غير مرخص به، خاصة بمناسبة استعمال بعض المواد الأولية مثل الأشياء الكيميائية التي قد تهدد في هذه الحالة أمن المواطنين أو تنال من سلامة المملكة.
وتتنوع المستندات التي تصدر باسم مالك البضاعة ما بين وثائق تجارية تشكل أساسا لاحتساب الرسوم والمكوس الجمركية، مثل الفاتورة أو لائحة الطرود التي تحدد نوع ومحتوى وعدد كل طرد بالشكل المتطلب قانونا لتسهيل عملية المراقبة الجمركية على البضاعة، وما بين وثائق يُعْتَمد عليها في الاستفادة من النظام التفضيلي من قبيل شهادة قابلية الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة، التي تسلمها مصالح الإدارة العامة للضرائب على الآلات واللوازم الثابتة داخل الشركة والتي يقع استيرادها في إطار تشجيع الاستثمار داخل أجل سنتين من بداية نشاط الشركة، أو من قبيل شهادة المنشأ المقررة في إطار الاتفاقيات الدولية من أجل إعفاء البضائع من الرسوم والمكوس الجمركية، أو ما بين وثائق تصدر عن قطاعات وزارية أخرى تنفيذا لتوجيهات هذه المصالح من قبيل طلب الإعفاء الجمركي الذي يضم في معلوماته الكمية المطلوب استيرادها لبعض المنتجات أو المواد تحت سقف معين لا ينبغي تجاوزه حماية للإنتاج المحلي، أو من قبيل شهادة الترخيص بالاستيراد أو بالتصدير التي تصدر عن بعض القطاعات كالتجارة الخارجية أو وزارة الداخلية أو مؤسسة محمد السادس للقرآن الكريم في ما يخص الشروط المتطلبة في المصاحف إلى غير ذلك.
كما يدخل في حكم الوثائق الأخرى المثبتة لملكية البضاعة ما يعرف بعقود التوزيع الحصري، التي تجعل الشركة في بلد الاستيراد وكيلا حصريا لنوع معين من البضائع كشركة أوطو نجمة في ما يخص استيراد سيارات مرسيدس.
الفصل 78 مكرر
بموجب هذا الفصل، تم تعداد الحالات التي توجب إلغاء بيان التصريح الجمركي بعد تسجيله، حيث تشترط بشكل عام عدم خروج البضاعة من الميناء بألا يتم تسليم شهادة الإبراء أو رفع اليد عنها، وقد شمل التعديل حذف النقطة (ك) التي كانت تذكر من ببن موجبات الإلغاء، البضائع المصرح بها خطأ وفق رمز مغلوط لتعيين نظام جمركي يترتب عنه استيفاء رسوم وضرائب استيراد تفوق ما هو مستحق.
وهي حالة لم تكن تستدعي النص عليها ما دام الفصل المذكور قد أشار إلى مثل هذه الحالات بالتفصيل عندما قال:
“1- لا يمكن إلغاء التصاريح بعد تسجيلها؛
2- غير أن الإدارة ترخص، بطلب من المصرح، بإلغاء التصاريح عندما يتعلق الأمر بالبضائع:
أ) …..؛
د) المصرح بها في أول الأمر لأجل عرضها على الاستهلاك في حين أنها كانت معدة لوضعها وفقا لنظام اقتصادي جمركي بشرط أن لا يكون قد تم تسليم رفع اليد عن البضاعة المذكورة؛
ز) المصرح بها في أول الأمر بحكم نظام اقتصادي جمركي في حين أنها كانت معدة لعرضها للاستهلاك؛
ن) المصرح بها من أجل تفويتها بحكم أحد الأنظمة الموقفة، عندما يتعذر، بسبب ظروف خاصة، تحقيق التفويت المزمع إنجازه.
لا يجوز الترخيص بالإلغاء إلا بعد موافقة المفوت والمفوت له. غير أن موافقة هذا الأخير لا تكون لازمة إذا تعذر الإدلاء بها لأسباب يتم تبريرها.
في جميع الحالات، لا يجوز الترخيص بالإلغاء إلا إذا لم يقع تسليم “شهادة الإبراء” أو “شهادة الإبراء الجزئي” المنصوص عليهما في الفصل 117 بعده.
ح) المصرح بها في أول الأمر تحت أحد الأنظمة الموقفة في حين أنها كانت معدة لوضعها وفقا لنظام موقف آخر.
ل) المصرح بها لأجل عرضها للاستهلاك على إثر الأنظمة الاقتصادية في الجمرك في حين أنها معدة للتصدير شريطة أن لا يكون قد تم أداء أو ضمان الرسوم والمكوس الجمركية أو قد تم تسليم شهادة الإبراء وأن لا يكون أجل استحقاق الحسابات موضوع التسوية قد حل.
م) التي لا يترتب على التصريح بها أي أثر جبائي أو أي أثر على تطبيق نصوص تشريعية أو تنظيمية أخرى…”
وقد أضاف الفصل المذكور حالتين أخريين إلى جانب الحالات التي يقبل فيها إلغاء بيان التصريح الجمركي وهما على التوالي حالة البضاعة:
س) التي تم تسجيل تصريح مفصل بشأنها ولم يتم تفريغها، مع مراعاة تقديم المصرح شهادة عدم تفريغ البضائع، مسلمة من طرف الناقل؛
ع) المصرح بها تحت نظام اقتصادي جمركي والتي لم يقدم المتعهد الكفالة المطلوبة بشأنها.
ويلاحظ أن المشرع الجمركي لم يكن موفقا عندما اعتبر عدم التفريغ موجبا لإلغاء بيان التصريح الجمركي دون ذكر الأسباب، مكتفيا بما يمليه عليه الناقل في شهادته، حيث إن مثل هذه الصياغة تحد من سلطة الرقابة الجمركية في الدائرة الجمركية، والتي يعتبر الميناء جزءا متأصلا منها، بحسب الفصل 24 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة في النقطة الثانية منه التي تقول: “2 – تنظم منطقة حراسة خاصة على طول الحدود البرية والبحرية وتكون دائرة الجمارك”. كما أنه يتعارض مع حق التفتيش الجمركي المكفول بموجب القانون الجمركي لكل ما يصل إلى التراب الخاضع، من ذلك مثلا ما يقضي به الفصل 39 من مدونة الجمارك الذي يقول: “1- يجوز لأعوان الإدارة أن يصعدوا إلى البواخر الموجودة بداخل المنطقة البحرية لدائرة الجمارك وأن يطلبوا الوثائق التي تشهد بحمولتها وكذا بأصل البيان الذي يؤشرون عليه بعبارة “غير قابلة للتغيير” ويستلمون نسخة منه.
2- يمكن لهؤلاء الأعوان أن يطاردوا البواخر حتى في عرض البحر وأن يستعملوا جميع الوسائل الملائمة لإيقاف البواخر التي تصل إلى المنطقة البحرية لدائرة الجمارك ولم تمتثل لإنذاراتهم ولم تنفذ أوامرهم.
ويمارسون حينئذ الحقوق المشار إليها في الفقرة 1 من هذا الفصل”.
كما نذكر من ذلك أيضا ما جاء به الفصل 40 من مدونة الجمارك الذي نص على أنه: “1- يجوز لأعوان الإدارة الصعود إلى جميع البواخر الموجودة بالموانئ أو الفرضات أو التي تصعد إلى الأنهار أو تنزل منها ويمكنهم البقاء بها حتى تفرغ أو تقلع”.
وبالتالي، حسب واضع النص يكون لمن استورد شحنة من البضائع المحظورة أو المستلزمة لترخيص معين أو تحمل أسلحة تهدد أمن المملكة، أن يعدل على أمر الاستيراد باستصدار شهادة عن الناقل تنص على عدم التفريغ حتى يتمكن من إرجاع البضاعة والتنصل من مسؤوليته التي يفترض فيها كونها جنائية تستلزم المساءلة.
لهذا نعتقد أن تلك الإضافة ما كان لها أن تتبوأ مكانا لها ضمن قائمة حالات إلغاء بيانات التصاريح الجمركية، وإن يكن من بد، فلا مفر من إقامة شرط يحفظ للإدارة الجمركية حقها في الرقابة من قبيل الصياغة التالية: (التي تم تسجيل تصريح مفصل بشأنها ولم يتم تفريغها، مع مراعاة تقديم المصرح شهادة عدم تفريغ البضائع، مسلمة من طرف الناقل، ما لم تفض المراقبة الجمركية إلى الكشف عن بضائع محظورة أو مخالفة للقوانين؛
الفصل 294
في هذا الفصل تم تجريم البضائع المحظورة التي صدر بشأنها بيان التصريح الجمركي، حيث نص بالقول: “تشكل مخالفات من الطبقة الثانية:
6 المكرر مرتين- مع مراعاة أحكام الفصل 6-299 أدناه، كل استيراد لبضائع محضورة المشار إليها في البند ب) من1 من الفصل 23 أعلاه، بدون رخصة أو بحكم سند لا يطابق هذه البضائع و الذي هو موضوع تصريح مفصل عندما لا ينتج عن ذلك تجانف عن رسم أو مكس أو تملص منهما”.
ولعل هذه الإضافة تتناقض مع التعديل الذي سبقت الإشارة إليه أعلاه في الفصل 78 مكرر حول إلغاء بيان التصريح الجمركي موضوع البضائع التي لم يتم تفريغها، عندما لم ينتبه المشرع إلى ضرورة التفرقة بين البضائع المحظورة التي يشكل جلبها جريمة جمركية وبين البضائع الأخرى غير المشمولة بالحظر.
ففي إطار الفصل 294 نلاحظ أن المشرع الجمركي لم يكن موفقا في إحداثه للنقطة 6 المكررة مرتين، بحيث لم يعمل سوى على تكرار النقطة ما قبلها وذلك حينما قال:
“- تشكل مخالفات من الطبقة الثانية:
1 …..
6 مكرر- مع مراعاة أحكام الفصل 299-6 بعده، استيراد أو تصدير البضائع المحظورة، المشار إليها في البند ب) من 1 من الفصل 23 أعلاه، الذي هو موضوع تصريح مفصل، بدون رخصة، أو بحكم سند لا يطابق هذه البضائع؛
6 المكرر مرتين- مع مراعاة أحكام الفصل 6-299 أدناه، كل استيراد لبضائع محضورة المشار إليها في البند ب) من1 من الفصل 23 أعلاه، بدون رخصة أو بحكم سند لا يطابق هذه البضائع و الذي هو موضوع تصريح مفصل عندما لا ينتج عن ذلك تجانف عن رسم أو مكس أو تملص منهما”.
وقد كان يكفيه فقط، ضمن النقطة 6 مكرر، إضافة صياغة تؤكد على اعتبار الفعل مخالفة جمركية حتى ولو لم يكن هناك أي تجانف عن الرسوم أو التملص منها.
ومن البضائع التي تدخل في حكم المحظور ويكون سندها غير مطابق، نذكر استيراد الدراجات النارية التي يقع تصنيفها على مستوى النظام المنسق للتعريفة الجمركية ضمن البند 8711.20.80.00 المخصص للدراجات النارية التي يفوق حجم أسطوانة محركاتها 50 سنتمترا مكعبا دون أن يتعدى 250 سنتمترا، لكن شهادة المطابقة الصادرة عن مصالح وزارة التجهيز برسم عملية الاستيراد هذه، لا تشير إلى الحجم الحقيقي بقدر ما تشير إلى حجم يقل عن 50 سنتمترا مكعبا يستدعي التصنيف ضمن البند 8711.10.11.00، حيث يعتبر الترخيص في هذه الحالة أمرا حتميا لما تشكله هذه الدراجات ذات الأسطوانات الكبيرة من مخاطر أثناء السير والجولان.
الفصل 115
– إن التعديل الذي لحق هذا الفصل يتعلق بتمكين المصنعين المعتمدين في صناعة الأسلحة من رفع الحظر على وارداتهم من هذه المعدات والأجهزة التي تدخل في الصناعات الحربية، تمهيدا لريادة المملكة في المستقبل على هذه الصناعة في نسيجها الاقتصادي وفي تأمين ذرعها الدفاعي، حيث يقول: “لا تطبق هذه الأنظمة على البضائع المحظورة الآتية بصرف النظر عن الاستثناءات الخاصة بكل نظام من الأنظمة الموقفة المبنية أعلاه:
– الحيوانات والبضائع الواردة من بلدان مصابة بأوبئة طبق الشروط المنصوص عليها في التشريع الخاص بأنظمة سلامة الحيوانات والنباتات؛
– المخدرات والمواد المخدرة؛
– الأسلحة الحربية وقطع الأسلحة والذخائر الحربية باستثناء الأسلحة وقطع الأسلحة والذخائر المعدة للجيش أو المستوردة من طرف المصنعين الحاصلين على تراخيص، طبقا للقانون رقم 10.20 المتعلق بعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.20.70 بتاريخ 4 ذي الحجة 1441 (25 يوليو 2020)؛
– المكتوبات والمطبوعات والرسوم والإعلانات الملصقة والمنقوشات واللوحات والصور الفوتوغرافية والصور السلبية والطوابع والصور الإباحية وجميع الأشياء المنافية للأخلاق أو التي من شأنها الإخلال بالأمن العمومي؛
– المنتجات الطبيعية أو المصنوعة المثبتة عليها أو على لفائفها علامة صنع أو إجارة أو اسم أو إشارة أو بطاقة أو زخرفة تمثل صورة لجلالة الملك أو لأحد أفراد الأسرة المالكة أو زخارف أو رموز أو شعارات وطنية أو من شأنها أن تحمل على الاعتقاد أن المنتجات المذكورة ذات أصل مغربي بينما هي أجنبية”.
وإن كان مغزى التعديل محمود في صياغته، فإن صياغة الفصل ككل لم تكن موفقة من حيث الإفصاح عن قصد المشرع، ولربما كان يستحسن اعتماد صياغة أكثر وضوحا في هذا الإطار من قبيل: “أيا كانت الاستثناءات التي ترد على الأنظمة الموقفة، فإنها لا تشمل البضائع المحظورة التالية: …”
كما يلاحظ في الوقت ذاته أن المكتوبات والمطبوعات قد شملت بالحظر الأشياء المنافية للأخلاق دون تلك المسيئة إلى الدين وإلى الوحدة الترابية للمملكة وإلى جلالة الملك باعتبارهم من الثوابت المقدسة.
ختاما نعتقد أن مساهمة إدارة الجمارك في سن سياستها التشريعية، لم تسعفها هذه المرة في التجويد الأمثل لبعض الفصول من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، نظرا لتعدد الفصول التي قد لا يسلم بعضها أحيانا من الإطناب، مثلما قد يستعصي بعضها الآخر على الفهم بما تشمله من حمولة ذات دلالة تقنية أو أمنية وجب الانتباه إليها في القادم من التعديلات، وهو ما لا يمكن إدراكه إلا بتدبير أمثل للموارد البشرية.