على نحو متسارع تتوسع رقعة انتشار متاجر “بيم” التركية في مختلف مدن المغرب، حتى إنها تغلغلت داخل الأحياء الشعبية، مشكّلة بذلك منافسة شرسة لأصحاب محلات البقالة الصغيرة الذين يعانون منذ سنوات من منافسة المتاجر الكبرى.

وتلجأ متاجر “بيم” إلى تقديم عدد من الإغراءات، مثل تخفيضات في أسعار مواد معينة كل أسبوع، وهو ما يُفقد تجار المواد الغذائية الصغار مزيدا من زبائنهم، خاصة وأن المتاجر التركية تتموقع داخل الأحياء السكنية.

وسبق للحكومة المغربية أن عبرت عن قلقها من الانتشار المكثف لمتاجر “بيم” التركية، حيث تؤدي إلى إغلاق ما يناهز 60 متجرا صغيرا في كل حي، كما صرح بذلك وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي مولاي حفيظ العلمي.

وكحلّ للتخفيف من أضرارها، ألزمت الحكومةُ الشركةَ المالكة للمتاجر التركية ببيع خمسين في المئة من المنتجات المغربية، غير أن ذلك لم يحُل دون توسع انتشار هذه المحلات، وسط تزايد تخوفات التجار الصغار من بوار تجارتهم.

“متاجر بيم التركية بلاء تسلط على التجار الصغار”، يقول الطيب آيت باه، عضو غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباط-سلا-القنيطرة، مضيفا: “لقد استبشرنا خيرا عندما أظهر السيد وزير التجارة حماسا منقطع النظير في فترة من الفترات، حتى ظن التجار أن متاجر بيم سيُحد من انتشارها، لأن الحد من الانتشار على الأقل هو أخف الضررين”.

وعلى الرغم من أن الحكومة أبدت عزمها على لجْم توسع سلاسل المتاجر التركية بالمغرب، سواء “بيم”، أو متاجر الألبسة التي رفعت الضريبة المطبقة عليها إلى 90 في المئة، إلا أن السياسة التصديرية التي تنهجها تركيا، بدعمها الكبير للمصدّرين الأتراك، تحدّ من أثر قرارات الحكومة المغربية.

وقال الطيب آيت باه، المعروف بـ”مول الحانوت”، في هذا الإطار: “متاجر بيم كما يعرف جميع الممارسين في الساحة التجارية، هي البلاء الذي أضر بالاقتصاد الوطني من مختلف النواحي، وحجزت لها بالدعم الذي تحظى به سياسيا واقتصاديا مكانا أكبر من حجمها في غياب قانون منافسة يردعها”.

وأضاف: “لو كان تواجد هذه المتاجر مقتصرا خارج الأحياء الشعبية، كباقي المتاجر العصرية الكبرى، لكان الأمر هينا، ولكن تغلغلها وسط الأحياء الشعبية زاد من تأزم وضعية مول الحانوت أو البقال الصغير”.

وذهب المتحدث ذاته إلى القول إن متاجر “بيم” التركية لا تنافس التاجر الصغير فحسب، “بل استطاعت أن تذله بإغراءاتها وعروضها العجيبة اعتمادا على بضاعة تركية لا يمكن الحصول عليها كباقي المنتجات المغربية، ما جعله يسقط في فخ التحول إلى زبون يقف في الطابور، وهذا أمر أضر بالمكانة الاعتبارية للبقال بين زبائنه”.

ويتخوف التجار الصغار، بحسب إفادة آيت باه، من أن يكون انتشار متاجر “بيم” التركية، “تمهيدا لغزو متاجر عصرية أخرى للأحياء الشعبية، حتى إن هناك من يزعم بأن متاجر بيم هي السم الذي يتجرعه البقال لكي يموت في هدوء دون احتجاج أو مقاومة”.

hespress.com