الاثنين 10 غشت 2020 – 02:00
أجمعت نقابات قطاع الصحة والجمعيات والمنظمات الحقوقية بمراكش على أن الوضعية الخطيرة تؤشر على انهيار المنظومة الصحية، بعد الارتفاع المهول في إصابات “كورونا”، التي لم ينج منها الطاقم الطبي والتمريضي.
وكانت المديرية الجهوية للصحة بجهة مراكش آسفي قد أعلنت عن تسجيل 335 حالة مؤكدة بفيروس “كورونا”، خلال 24 ساعة فقط، لترتفع الحصيلة التراكمية لعدد الإصابات من 4858 حالة إلى 5193 حالة.
واستنادا إلى النشرة المسائية للمديرية الجهوية للصحة، فالحالات النشطة على الصعيد الجهوي بلغت حاليا 1633 حالة، بنسبة 31.4 بالمائة، منها 1500 بمراكش، و42 باليوسفية، و28 بالحوز، و25 بآسفي، و15 بالرحامنة، و10 بإقليم السراغنة، و11 بإقليم الصويرة، وحالتان بشيشاوة.
وأفادت بيانات النشرة الجهوية أن حصيلة الوفيات بالجهة بلغت حاليا 88 حالة وفاة، بنسبة إماتة بلغت 1.7 بالمائة، وتتوزع على عمالة مراكش بـ70 حالة، و8 بإقليم الحوز، و4 بإقليم آسفي، ووفاتين بالرحامنة والصويرة، ووفاة واحدة بإقليمي شيشاوة وقلعة السراغنة.
وأصيب إلى حدود اللحظة حوالي 76 إطارا صحيا بوباء “كوفيد-19”. ومع تزايد أعداد المصابين في صفوف الأطر الصحية، بدأ الخوف يدب في صفوف الأطباء والممرضين، الذين يعانون من صعوبة التحكم في المرضى الخاضعين للعلاج بأقسام الإنعاش.
وتنتشر بالمستشفيات أعداد كبيرة من المرضى يصارعون الموت في أقسام الإنعاش، وأسر تشكو الإهمال وتُركت وحدها تعاني. أما المشكوك في إصابتهم بالفيروس من المواطنين فلا يجدون من يستقبلهم بالمستشفيات العمومية باستثناء الحراس.
ودقت نقابات وكذا الجمعية المغربية لحقوق الإنسان- فرع مراكش ناقوس الخطر منذ بداية الجائحة لحماية الأطر الصحية وضمان سلامتها وأمنها الصحي، وكذا لمواجهة الأعداد المتزايدة للمصابين بفيروس “كورونا”، خاصة الحالات التي تحتاج إلى الإنعاش من قبيل كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة.
وفي بيان استنكاري توصلت به هسبريس، ذكرت النقابة الوطنية للصحة العمومية (فدش) “بعد التضحيات الجسام التي قام بها جل العاملين بمستشفى الرازي بالمركز الجامعي محمد السادس، وأدت إلى نتائج هامة، نستنكر الوضعية الحالية التي تنذر بكارثة وبائية”.
وطالب التنظيم النقابي بـ”احترام مبدأ التساوي في العلاج وعدم خلق الفئوية بالنسبة للعاملين المصابين بـ “كوفيد-19″، مع تسطير استراتيجية لعلاجهم، والإبقاء على وسائل الحماية نفسها، لأن الخطر ما زال قائما بالنسبة لجميع العاملين”.
أما نائب الكاتب العام للمكتب النقابي الموحد (UMT)، عماد سوسو، فقال في تصريح لهسبرس إن “الإصابات في صفوف الأطر الصحية بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش كانت متوقعة وتحصيل حاصل لحالة التراخي المسجلة لدى إدارة المركز بعد رفع إجراءات الحجر الصحي”.
وأوضح هذا الطبيب، الذي خبر معاناة فريق “كوفيد”، أن “معضلتنا تتجلى في غياب وسائل الحماية والإجراءات الاحترازية في المصالح الحيوية كأقسام المستعجلات. أما اللجنة العلمية ولجن اليقظة فلا وجود لهما، إلى جانب سوء تدبير الموارد البشرية، مما تسبب في عشوائية القرارات وكثرة الإصابات”.
وتابع متسائلا: “كيف يعقل أن هناك فرق مداومة تعمل في “كوفيد” منذ مارس، وأصيبت بالعياء والإرهاق النفسي والجسدي، مما انعكس سلبا على صحتها النفسية والجسدية، وفيما تعمل بعض الأطقم الصحية بنظام حراسة 12/36، تشتغل أخرى من الأطباء المقيمين والداخليين بنظام يوم حراسة كل يومين أو ثلاثة 1/2 و1/3؟ هذا غير إنساني”.
وأوضح أن “المركز الاستشفائي يضم ما يقارب 3000 إطار، فيما تقف إدارته عاجزة عن تعويض فرق المداومة المتعبة والمنهكة”، مضيفا “كل هذا نبه إليه مكتبنا النقابي الموحد للجامعة الوطنية للصحة (ا. م. ش) في مراسلات وبيانات عديدة، لكن للأسف لم يتم الأخذ بها”.
وسجلت الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك أن ما ترتب عن غزو “كوفيد- 19” لمراكش، أمام أعين المديرة الجهوية للصحة، هو نوم المصابين في حديقة المستشفى، وترك الحالات المؤكدة والمخالطين دون أي متابعة طبية.
وواصل هذا التنظيم على منصته بشبكة التواصل الاجتماعي، متسائلا “هل تخلت وزارة الصحة عن مدينة مراكش التي تحتضر بسبب هجوم وباء “كورونا”، في ظل “قرارات عشوائية تنذر بالسكتة القلبية”؟.
وطالب الإعلامي عزيز باطراح المديرة الجهوية للصحة بالرحيل، بعدما تسببت فيما أسماه “الأزمة البنيوية التي اعترت وتعتري قطاع الصحة العمومية بمدينة مراكش، التي تحولت إلى بؤرة وبائية بسبب العبث والفوضى السائدين بكبريات مستشفياتها”.
“وقفت هذه المسؤولة عاجزة عن إدارة هذا الملف”، يورد باطرح، مشيرا إلى أنها “بقيت شهورا تمسح أخطاءها في مديرين إقليميين ومدراء المستشفيات، حتى كانت الإقالة مصيرهم، واليوم تبين للجميع أنك المسؤولة الأولى والأخيرة عن هذه الفوضى وهذا العبث”.
أما عادل آيت بوعزة، الفاعل الجمعوي بمقاطعة المنارة، فقال في تصريح لهسبريس: “كل شيء ينذر بالسكتة الصحية بالمدينة، فعلى الرغم من المجهودات الكبيرة التي تقوم بها الأطقم الطبية في مستشفيات المدينة، فقد أربك ضعف التدبير السير العام للنظام الصحي”.
واستدل على كلامه بتذبذب الأرقام المعلنة، “فمرة تتعدى الحصيلة الإجمالية 250 حالة مؤكدة، وفي أخرى يتم تسجيل حصيلة لا تتجاوز 40 إصابة مؤكدة، إلى جانب نشر الإحصائيات وسحبها في الحين بمجموعة تطبيق “الوتساب” التي أحدثتها المديرية الجهوية للتواصل مع ممثلي وسائل الإعلام”.
وذكّر الحقوقي عمر أربيب بالتنبيه الذي وجهته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان- فرع المنارة مراكش، منذ بداية الجائحة، حين طالبت بضرورة إعطاء الأولوية لتحصين الأطر الصحية وحمايتها، وتقوية البنيات الصحية لمراكش، مضيفا “لقد قدمنا اقتراحات وتم تجاهلها”.
هل هو انهيار المنظومة الصحية بمراكش رغم توفرها على مركز استشفائي جامعي ومستشفى عسكري؟، وأين هي ما يسمى بالشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام؟ يتساءل الحقوقي أربيب، الذي أشار إلى أن “الأطر الصحية التي تشتغل تحت وطأة وضعف مستلزمات الوقاية والإمكانيات والمتطلبات الحقيقية للتدخل العلاجي أنهكت”.
نتيجة هذا الوضع تنكب لجنة تفتيش، منذ يوم الجمعة، على التحقيق في تداعيات حالة الفوضى، بعدما أصبح عشرات المرضى ينتظرون في طوابير بحدائق المستشفيات، وتسربت مياه الصرف الصحي إلى غرف “كوفيد” بمستشفى ابن زهر (المامونية).
يذكر أن هسبريس حاولت مرارا الحصول على رأي المديرة الجهوية للصحة بجهة مراكش آسفي، غير أن هذه المسؤولة لا ترد على الاتصالات.
تجدر الإشارة إلى أن المسؤولين عن تدبير أزمة “كورونا” بجهة مراكش لم يأخذوا كذلك باقتراحات العاملين بالقطاع لمواجهة الجائحة، من قبيل تفعيل المستوصفات بالأحياء، وإخضاع الشواهد الطبية التي قدمت خلال الجائحة للمراقبة، تقول أطر طبية طلبت من هسبريس عدم الكشف عن هويتها.