“تدهور خطير عرفته الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بإقليم الناظور”، بعد إغلاق معابر مليلية المحتلة في وجه العديد من العاملين حاملي الرخص وعمال التهريب المعيشي، وإغلاق أسواق “دون سابق إخطار، وفي استهتار بمصالح التجار والفلاحين”، وفق تقرير حقوقي.

ويسجل التقرير تعرض حقوق المرأة لمجموعة من الانتهاكات، بسبب تداعيات الجائحة، “عبر مجموعة الإجراءات التي مست الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لفئة واسعة من النساء كالعاملات حاملات رخص العمل بمليلية المحتلة، وممتهنات التهريب المعيشي، وعاملات البيوت وعاملات النظافة”، بانتهاكات؛ من بينها “تعرضهن للطرد وفقدانهن للشغل، وتنامي ظاهرة العنف سواء في أماكن العمل أو العنف الأسري”.

ويسجل التقرير ما وقع خلال السنة الفارطة 2020 مِن “تخل عن المغاربة العالقين بالخارج وبمليلية المحتلة، في ظروف لا إنسانية، ذهبت ضحيتها إحدى عاملات البيوت بمليلية”.

ويذكر التقرير الحقوقي أن وضعية المهاجرين وطالبي اللجوء والقاصرين غير المرافَقين قد “زادت سوءا مع ظهور الجائحة وبداية الحجر الصحي”، متوقفا عند حالات وفاة، وسقوط جرحى، وما لحق هذه الفئة من إبعادات ومطاردات وترحيل، وتوقيف، ونقل إلى “أماكن احتجاز غير قانونية”، خاصة بعد عودة حملات التمشيط الواسعة على مخيمات المهاجرين مع نهاية “الحجر الصحي”.

ويقول التقرير إن المهاجرين وطالبي اللجوء قد عاشوا في فترة جائحة “كورونا” وضعا جديدا صعبا؛ فـ”السلطات لم تتخذ إجراءات خاصة بوضعية هذه الفئة”، ووجدوا أنفسهم في “شبه حصار غذائي”، مع استحالة الذهاب للمدينة لطلب المساعدة، خلال الحَجر الصحي، نظرا لعدم تسليمهم رخصا للتنقل خلال فترة الحجر خوفا من استعمالها كوثائق للتسوية، مع تسجيل منع السلطات الإقليمية جمعية تساعد المهاجرين من التنقل لتقديم مساعدات.

وفي تقديم للتقرير، يسجل عمر الناجي، الحقوقي بفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور، أن انخفاض أعداد الموقوفين والمهجرين وعدد حملات فض مخيمات المهاجرين “لا يعني تغييرا للسياسة المغربية في الهجرة نحو احترام حقوق المهاجرين”؛ بل هو تغير مرتبط بظرفية وباء “كورونا”، والنقص الكبير في المهاجرين خلال سنة 2020؛ وهو ما تبينه “عودة إحراق المخيمات، والإبعادات، في السنة الجارية 2021”.

وحول جغرافية الهجرة خلال 2020، يسجل التقرير وجود “تغيير طفيف” فيها؛ حيث انخفض عدد المهاجرين من دول جنوب الصحراء؛ وبقي داخل 15 مخيما بغابات الناظور، مهاجرون يقدر عددهم بـ 1000 شخص؛ وهو “عدد قليل مقارنة بالسنة التي قبلها”، مع توافد بعض المهاجرين على مخيم غوروغو الذي تم هدمه سنة 2014، ووجود مهاجرين داخل مدينة الناظور، في مستجد لم يحدث من قبل.

ويسجل التقرير أن “هجومات السلطات العمومية” تكون غالبا عنيفة، ويتم خلالها إحراق المخيمات، وتوقيف واعتقال المهاجرين، وهو ما قدر بـ43 هجوما سنة 2020، مع توقف تام بين 13 مارس و15 أبريل 2020 بسبب الجائحة؛ مما يمثل انخفاضا مقارنة بالسنوات الفارطة، حيث شهدت سنة 2019 حدوث 134 هجوما، وعرفت سنة 2018 وقوع 340 هجوما.

واستمرت خلال سنة 2020 التوقيفات والاعتقالات والإبعادات التي تقوم بها السلطات العمومية داخل المخيمات وداخل الطرقات أو عندما يتجه المهاجرون لسحب أموال من البنوك أو قرب المستشفيات.

وسجل التقرير حدوث توقيفات داخل البحر قبل وصول بواخر المهاجرين إلى إسبانيا، من طرف البحرية الملكية؛ مما يوضح وجود “تنسيق كبير بين السلطات المغربية والإسبانية”، حول دور “دركي الهجرة”.

ويذكر التقرير أن عدد التوقيفات المسجلة بإقليم الناظور كان قليلا خلال سنة 2020، حيث لم يتعد 860 توقيفا؛ بينما عرفت سنة 2018، على سبيل المثال، تسعة آلاف توقيف، نتيجة ظروف “كورونا”، ووجود عدد قليل من المهاجرين في غابات الناظور.

ويوثق التقرير محاكمات مهاجرين وطالبي لجوء بعد توقيفهم، راصدا، في السياق ذاته، “العديد من المحاكمات التي افتقدت شروط العدالة أثناء مرحلة التحقيق، ومرحلة التقاضي، من حيث عدم توفير الترجمة خلال جميع مراحل التقاضي، والمساعدة القضائية، وحق الدفاع في الاطلاع على جميع وثائق الضابطة القضائية، والاعتماد الحصري على محاضر الدرك”.

ويسجل التقرير استمرار وجود “أماكن احتجاز غير قانونية للمهاجرين في الناظور”، يُحتَجَزون فيها “خارج أي مراقبة قضائية، وفي غياب أي قرارات كتابية ومعللة للتوقيف”، مع وجود “مركز لاحتجاز القاصرين المغاربة”، بالإقليم، مقره مؤسسة تعليمية للمستوى الثانوي.

وشهدت سنة 2020 انخفاضا، أيضا، في عدد المهاجرين المصابين بجروح، بعدد 55 مهاجرا، ونقصا في الوفيات حيث وصلت إلى مستشفى الناظور 15 جثة، من بينها جثث ثلاثة أطفال صغار.

ويشدد التقرير المقدم على أن “عدد الوفيات يظهر عدم وجود وسائل الإنقاذ اللازمة، ويظهر أن الأموال التي يتوصل بها المغرب وإسبانيا في إطار ملف الهجرة لا تُستَثمَر في تعزيز وسائل الإنقاذ بل تُستَثمَر في إبعاد المهاجرين وقمعهم”.

ويعرج التقرير على وضع المهاجرين القاصرين المغاربة غير المصحوبين، الذين يقدر عددهم بـ 600 قاصر يعيشون في الشوارع، موثقا حالة وفاة قاصر في بني أنصار داخل قناة للصرف الصحي، وحدوث 80 مطاردة من عناصر لا تملك السلطة الضبطية، من أعوان سلطة وأشخاص بزي مدني، مع توثيق ترحيلات قاصرين إلى مدينة الدار البيضاء، رغم أن عائلاتهم لا تقطن بها، مستحضرا حالة قاصر أبكم من الناظور، أُبعِد إلى الدار البيضاء، و”ظلت تبحث عنه عائلته لتجده في حالة مزرية بفاس بعد 8 أشهر”.

وفي تقرير مواز حول وضعية حقوق الإنسان بإقليم الناظور، سجل فرع أبرز الجمعيات الحقوقية المغربية ما شهدته سنة 2020 من “اعتقالات ومتابعات غير مسبوقة طالت نشطاء ومدونين ومدافعين ومدافعات عن حقوق الإنسان، على خلفية تدوينات “فيسبوكية” أو المشاركة في وقفات وأشكال احتجاجية”، بعدد بلغ 13 مواطنا متابعا على مستوى الإقليم.

وسجل التقرير تعرض “جل الوقفات والاحتجاجات على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وعلى رأسها احتجاجات الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، للقمع والتعنيف”. كما تحدث عن “سوء الأوضاع بالسجن المحلي بسلوان من سوء معاملة واستهتار بالحالة الصحية لأحد النزلاء وعدم نقله إلى المستشفى الإقليمي لتلقي العلاج مما تسبب في وفاته، إضافة إلى الوضعية الصعبة التي عانى منها معتقلو الحراك الشعبي بالريف الموجودين بالسجن ذاته جراء شروط اعتقالهم وسوء معاملتهم؛ مما أثر على أوضاعهم الصحية والنفسية، خاصة في ظل انقطاع الزيارة بسبب تدابير حالة الطوارئ، وهو ما دفع مجموعة منهم إلى خوض إضرابات طعامية وصل مجموعها إلى 51 يوما.

ويقف التقرير عند “تواتر حملات المطاردة ومصادرة سلع الباعة الجائلين، دون إيجاد حلول وبدائل تقي هذه الفئات من البطالة والفقر المدقع والحاجة إلى أبسط مقومات العيش الكريم”، وعدم إسهام “تنفيذ مشروع مارشيكا ميد، الذي كان من المفروض إنهاؤه بحلول سنة 2024، في تنمية المنطقة اقتصاديا، وتوفير مناصب شغل جديدة.

كما وثق التقرير “اعتداء على الحقوق الثقافية” من طرف سلطات مدينتي أزغنغان والعروي “تجلى في إتلاف جداريات تحتوي رموزا ثقافية أمازيغية، رسمها مجموعة من الشباب بكلتي المدينتين”.

ويذكر التقرير أن حقوق الأطفال قد عرفت “عدة انتهاكات”؛ أهمها “الحق في الحياة لأحد القاصرين المغاربة بعد دهسه من قبل أحد المراكب التابعة للحرس المدني الإسباني، أثناء قيامه بمحاولة الصعود إلى أحد بواخر المسافرين سباحة”.

واستحضر فرع الجمعية الحقوقية أيضا “استمرار الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال؛ كالجريمة البشعة التي سجلت داخل إحدى المؤسسات التعليمية الابتدائية بالناظور، بعد قيام أحد الأعوان باغتصاب مجموعة من تلاميذ المؤسسة”.

كما سجل التقرير “انتهاك الحق في التعليم” خلال السنة الفارطة “بسبب توقف الآلاف عن التمدرس بسبب الإجراءات الفاشلة المتخذة ضد الجائحة من طرف الدولة، ولغياب تكافؤ الفرص في التمدرس والتحصيل العلمي عن بعد؛ لعدم قدرة جميع الأسر توفير الإمكانيات لهذه العملية”.

hespress.com