فتيان معظمهم مغاربيون “حطمتهم” رحلة الهجرة، مدمنون على أصناف عديدة من المخدرات، يعيشون يوما بيوم من سرقات صغيرة ويرفضون أي شكل من المساعدة. تلك هي مواصفات القاصرين الأجانب غير المصحوبين بذويهم الجانحين، مثلما حددها الأربعاء ولأول مرّة تقرير برلماني فرنسي.

كذلك رسم التقرير، الذي أعدّه النائبان جان فرنسوا إلياو من الحزب الرئاسي “الجمهورية إلى الأمام” وأنطوان سافينيا من حزب الجمهوريين (معارضة يمينية) حول “الإشكاليات الأمنية على ارتباط بوجود قاصرين غير مصحوبين بذويهم على الأراضي الفرنسية”، مشهدا يظهر “تزايد وتفاقم” جنوح الأحداث، وهو موضوع يثير بانتظام سجالات.

وبالرغم من البيانات المجتزأة المتوافرة، يذكر التقرير أن 10 في المائة من القاصرين الأجانب غير المصحوبين بذويهم انحرفوا إلى الجريمة، مستندا في تقديراته إلى أرقام وزارة العدل التي أحصت ألفي إلى ثلاثة آلاف منهم في شتنبر 2020.

وقال جان فرنسوا إلياو لوكالة فرانس برس إن “الصورة النموذجية هي مغاربي في السادسة عشرة أو السابعة عشرة من العمر في قطيعة تامة مع بلده وعائلته، حطمته رحلة الهجرة، يتعاطى أنواعا عديدة من المخدرات، يمارس الجريمة ليعتاش، ويسرق ضمن مجموعة غير منظمة كثيرا”.

وتابع: “لسنا أمام مافيا، بل بالأحرى زعيم يعطيهم قرصين أو ثلاثة من الريفوتريل (مادة مضادة للصرع قوية ذات تأثير مهدئ). يقعون في فقر الشارع ويرفضون اليد الممدودة”.

وحسب التقرير، فإن 75 في المائة منهم يتحدرون من المغرب الكبير وبشكل أساسي من الجزائر والمغرب، وبعضهم من ليبيا وكوت ديفوار.

“شبكات”

ويقيم هؤلاء القاصرون في باريس وبعض المدن الكبرى، ويستهلكون مزيجا من الأدوية والمخدرات التي “تسهل ارتكاب جنح”.

وتتعلق معظم جرائمهم بعمليات سرقة في الشارع أو في وسائل النقل المشترك، تترافق أحيانا مع أعمال عنف، أو عمليات اقتحام وسرقة تستهدف خصوصا صيدليات.

وفي حي “لا غوت دور” الشعبي في شمال باريس حيث يتركز القسم الأكبر من هؤلاء القاصرين، ازدادت عمليات الاقتحام والسرقة التي استهدفت صيدليات بنسبة 133 في المائة بين 2019 و2020. ويشكل هذا الحي قاعدة ينطلقون منها ليلا لشن عمليات في الضواحي المجاورة، ولا سيما سين سان دوني.

وانتقدت فيولين أوسون، مسؤولة هذه المسائل في جمعية “لا سيماد”، التقرير لدى الاستماع لها في إطار عرضه، معتبرة أنه “يوجه الاتهام إلى هؤلاء القاصرين الواقعين في قبضة “شبكات” الاتجار بالبشر.

وترى أوسون أن المشكلة الحقيقية هي التأخر في التكفل بالقاصرين، الذين “يرغمون على ارتكاب هذه الجنح”.

ورد النائب جان فرنسوا إلياو، وهو بالأساس طبيب أطفال، بالقول: “لا نريد الخلط، فالقاصرون غير المصحوبين بذويهم ليسوا كلهم جانحين”، مشددا على “الواجب الإنساني” باستقبال هؤلاء الأطفال.

“وضعهم في مأمن”

لكن التقرير لفت إلى أن الجنح المرتكبة تثير “شعورا بالعجز لدى قوات حفظ النظام والقضاة الذين لا يملكون أي وسيلة حيال هذا النوع من الجنوح” والحلول الممكنة في مواجهته.

وتكمن “المشكلة الحقيقية”، حسب إلياو، في تحديد أعمار هؤلاء الشبان الذين يصرحون في الغالب بهوية مختلفة في كل عملية توقيف، ويرفضون أخذ بصماتهم. والهدف، حسب ما أورد التقرير عن مديرة حفظ الأمن في المنطقة الباريسية، هو “الاستفادة من تساهل قضاء الأحداث”.

وأظهرت تجربة أجرتها النيابة العامة الباريسية عام 2019 أن 91 في المائة من أصل 154 فتى تم التعرف رسميا على هوياتهم كانوا بالغين.

ورغم ذلك، لفت التقرير إلى أنه “حتى لا يخطئ هدفه، يجب ألا يكون الرد على أعمال الجنوح (…) قمعيا حصرا”.

ويدعو معدّا التقرير إلى إعادة تصميم آليات التكفل بالقاصرين في سياق نهج متعدد الجوانب، مع إقامة “شبكة حماية متواصلة” تحول دون سلوكهم مجددا طريق الجريمة.

وشدد إلياو: “إنهم أطفال! علينا أن نضعهم في مأمن. وبالتالي، نقترح إذا اقتضى الأمر احتجازهم رغم إرادتهم من أجل مصلحتهم”، مضيفا: “بعضهم يخرج من المأزق، وهذا يظهر أن هذه الوسيلة مجدية!”.

hespress.com