قالت المندوبية السامية للتخطيط إن التوقعات تفيد بأن الاقتصاد الوطني سينمو بمعدل 4.6 في المائة خلال السنة الجارية، بعد انكماش بـ7 في المائة السنة الماضية في ظل التأثير المزدوج لجائحة فيروس كورونا والجفاف.
وذكرت المندوبية، ضمن معطيات نشرتها الخميس، أن هذه التوقعات مرتبطة بافتراضات تحسن الطلب الخارجي والمحلي، إضافة إلى تسجيل محصول حبوب يبلغ في المتوسط 75 مليون قنطار.
وأشارت المندوبية إلى أن الأزمة الناتجة عن كورونا مصحوبة بتأثيرات سنتين متتاليين من الجفاف، “أدت إلى صدمة شديدة وغير مسبوقة على النشاط الاقتصادي خلال سنة 2020، نتج عنه ركود اقتصادي، هو الأول من نوعه منذ أكثر من عشرين سنة”.
ويتعلق الأمر، حسب المندوبية، بصدمة مزدوجة للعرض والطلب، نتيجة العواقب الوخيمة الناجمة عن التوقف الكلي أو الجزئي للأنشطة الاقتصادية الوطنية، خاصة الاختلالات في سلاسل الإنتاج والقيود على حركة اليد العاملة وعلى السفر وإغلاق الحدود.
لكن المندوبية أشارت إلى أن سنة 2021 تبدو ملائمة؛ إذ ستستفيد من الانتعاش المتوقع في الطلب الخارجي ارتباطا بتحسن الاقتصاد الدولي نتيجة التطورات التي يعرفها التلقيح ضد “كوفيد-19” والآمال المعقودة على فعاليته، الشيء الذي سيحفز على إعادة فتح الحدود الدولية وعودة الثقة إلى الأسر والمستثمرين.
ويعتمد تطور الاقتصاد الوطني سنة 2021 أيضا على سيناريو متوسط لإنتاج الحبوب، كما يبقى رهينا كذلك بالدينامية المرتقبة للأنشطة غير الفلاحية التي يمكن أن تشهد اهتماما أكبر للسياسات العمومية عبر النهوض بالمقاولات.
حصيلة 2020
معطيات المندوبية تكشف أن سوق الشغل خلال سنة 2020 سيعرف فقدان العديد من المناصب بما يناهز 712 ألف منصب شغل، وفي ظل هذه الظروف وبناء على فرضية استمرار المنحى التنازلي لمعدل النشاط، سيسجل معدل البطالة على المستوى الوطني ارتفاعا ليصل إلى حوالي 14,8 في المائة، أي بزيادة 5,6 نقطة مقارنة بمستواه المسجل سنة 2019.
وعلى مستوى أنشطة قطاع صناعة السيارات، المرتبطة كثيرا بالطلب الخارجي، والتي تمثل 27 في المائة من الصادرات الوطنية خلال الفترة 2010-2019، قالت المندوبية إنها تأثرت خلال السنة الماضية بشكل كبير بهذه الأزمة نتيجة التوقف الجزئي لأنشطة العديد من الوحدات الصناعية.
وأشارت المندوبية إلى أن قطاع صناعة الطائرات، الذي ينشط في منظومة سلسلة عالمية، سيتأثر بشكل مباشر نتيجة الصعوبات التي تواجهها مختلف أنشطة مصانع الطائرات، وبالتالي سيحصل تراجع كبير للطلب على الطائرات الجديدة، الشيء الذي سيقلص كثيرا من وتيرة الإنتاج من طرف شركات الطيران الجوي الكبرى.
أما خارجيا، فستعرف المبادلات الخارجية انخفاضا كبيرا نتيجة الاختلالات في سلاسل الإنتاج العالمي وتدابير الحجر الصحي وإجراءات إعادة تطبيقه، وكذا التباطؤ المتزامن للنمو الاقتصادي في العالم بأسره. في هذا السياق، سيتراجع الطلب العالمي الموجه نحو المغرب نتيجة تباطؤ الأنشطة الاقتصادية للشركاء التجاريين الرئيسيين.
وفيما يتعلق بالمداخيل الضريبية التي تمثل حوالي 86 في المائة من المداخيل الجارية، سجلت المندوبية أنها ستعرف انخفاضا بحوالي 7 في المائة في 2020 لتصل إلى 18,3 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 19 في المائة كمتوسط سنوي للفترة 2012-2019.
وتعزى النتائج غير الجيدة للمداخيل الجبائية أساسا إلى التراجعات القوية المرتقبة لجميع مكوناتها من الضرائب المباشرة وغير المباشرة والرسوم والحقوق، باستثناء مداخيل الضريبة على الشركات التي ستعرف تحسنا بناء على حصيلة السنة الماضية.
وكنتيجة لكل هذه التطورات، سيتفاقم عجز الميزانية خلال سنة 2020، ليصل إلى حوالي 7,4 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 3,6 في المائة سنة 2019، وستتجاوز هذه الحاجيات بشكل كبير المعدل السنوي للعجوزات المسجل خلال الفترة 2012-2019، أي 4,5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي وتوقعات القانون المالي لسنة 2020.
آفاق سنة 2021
تشير المندوبية إلى أن التوقعات الاقتصادية الوطنية لسنة 2021 تظهر أن الطلب الخارجي الموجه نحو المغرب سيعرف انتعاشا نتيجة الآفاق التفاؤلية والملائمة المصاحبة لحملات التلقيح، الشيء الذي سيحفز إعادة فتح الحدود، وبالتالي عودة الثقة للأسر والمستثمرين.
وستتميز سنة 2021 بانتعاش ثقة الأسر تدريجيا نتيجة التحسن المتوقع للنشاط الاقتصادي والتحكم المرتقب في الوباء، كما سيسجل حجم استهلاك الأسر المقيمة زيادة بـ3,9 في المائة بعد النتائج غير الجيدة المسجلة سنة 2020، ليفرز مساهمة موجبة في النمو الاقتصادي بـ2,2 نقطة.
وستعرف سنة 2021 انتعاشا تدريجيا للمداخيل الجبائية، نتيجة التحسن المرتقب للنشاط الاقتصادي ومختلف مكونات الطلب، كما ستتميز بمواصلة تعبئة التمويلات الضرورية لتغطية النفقات الإضافية المرتبطة بالبرامج والمشاريع المعلنة في القانون المالي لسنة 2021 وبمجهودات استعادة التوازنات الماكرو اقتصادية.