بينما مازالت الخلافات السياسية بين المغرب والجزائر عائقا أمام بناء صرح الاتحاد المغاربي، بسبب دعم “الجارة الشرقية للمملكة” جبهة البوليساريو، قال تقرير أصدره مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد إن الحلّ لتجاوز الجمود الحالي هو إقامة مشاريع مشتركة، على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، ريثما تنضج الشروط السياسية الكفيلة بتحقيق الاندماج المغاربي.
واعتبر التقرير السنوي حول اقتصاد إفريقيا أنه بدلا من انتظار يقظة الضمائر، لتحقيق التكامل في المنطقة المغاربية، بعد مضيّ أكثر من ستين عاما على اجتماع طنجة، وبعد ثلاثين عاما من على قمة زرالدة ومعاهدة مراكش، “سيكون أحد الحلول هو العودة إلى البراغماتية من خلال إقامة مشاريع مشتركة”.
ورغم أن هذا الحل يبقى، حسب ما جاء في الوثيقة نفسها، أقلَّ طموحا من الحلم الذي حملته الأجيال القديمة، والذي تولّد عن نضالات التحرير؛ “لكنه يسمح، من خلال مراكمة المنجزات المشتركة بالوصول إلى العتبة الحاسمة التي يصبح بعدها اجتماع كافة المجتمعات المغاربية، برؤية مشتركة للمستقبل، أمرا ممكنا”.
وأكد التقرير أن المشاريع المشتركة التي ينبغي التركيز عليها في إطار الشراكة بين الدول المغاربية، من أجل التغلب على ظروف الانسداد الحالية، مرتبطة بالتحديات الراهنة التي تواجهها البلدان الخمسة، خاصة الأمن الصحي في مواجهة الصدمات، والأمن الغذائي، فضلا عن استدامة عوامل الإنتاج الأساسية؛ لاسيما من خلال تطوير سوق الكهرباء داخل المنطقة، ودمج الطاقات المتجددة في نظام الكهرباء المغاربي.
وأشار التقرير إلى أن الاستنتاجات المتفرقة للبلدان المغاربية لجائحة فيروس كورونا كانت دليلا آخر على عدم التكامل في المنطقة المغاربية، مشددا على أن وجهات النظر المشتركة للتنمية التي من شأنها أن تدعم بناء الاتحاد المغاربي موجودة، “ولكنها لم تكن قادرة، حتى الآن، على أن تتجسد بسبب تقسيم المساحات، وبسبب صراع سياسي مرتبط بإنهاء الاستعمار استمر لمدة نصف قرن، والتلاشي التدريجي للتاريخ والقيم المشتركة الناجم عن إغلاق الحدود”.
من جهة ثانية، أفاد التقرير بأن أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد خلّفت صدمة مفاجئة تميزت بانخفاض في مؤشرات الاقتصاد الكلي الرئيسية للدول الإفريقية؛ كما أن الانخفاض في إجمالي الناتج المحلي عام 2020، يضيف، كان غير اعتيادي.
وحسب المصدر نفسه فإن تداعيات الوباء على القارة الإفريقية جعلت دولها تواجه انخفاضا في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، وتفاقُما في أوجُه الهشاشة الاجتماعية، مشيرا إلى أنه من المحتمل أن تكون العودة إلى الوضع الطبيعي تدريجية، إذ يُفترض أن يحدث نمو قوي خلال العامين المقبلين، لينتعش الاقتصاد الإفريقي بحلول عام 2023.
ورغم أن دولا إفريقية تسجّل معدلات نمو مرتفعة خلال السنوات الأخيرة، فإن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد شدد في تقريره على أن الخروج من الجائحة وبناء مناعة صحية وقدرة على الصمود اقتصاديا واجتماعيا، في مواجهة الموجات الجديدة من “كوفيد-19″، يتطلب مراجعة نماذج التنمية القائمة في القارة.
وأكد المركز أن مراجعة نماذج التنمية القائمة في إفريقيا أصبح ضروريا من أجل ضمان الأمن البشري للسكان، وتعزيز تضامن دول القارة لخدمة قارة إفريقية قوية ومستقلة في إطار نظام اقتصادي عالمي أكثر توازنا، مشيرا إلى أن الدرس الذي ينبغي تعلمه من الجائحة هو “مدى اعتماد الدول على بعضها البعض”.