فشلت كل جهود خصوم الوحدة الترابية (العابرين للقارات) في الضغط على مجلس الأمن لاستصدار قرار أممي بإمكانه تغيير الوضع في الصحراء المغربية، لتكون النتيجة في النهاية هي بقاء الوضع على ما هو عليه، أي إن الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه.

كان بإمكان جلسة شهر أبريل لمجلس الأمن المخصصة لملف الصحراء، التي انعقدت الأربعاء 21 أبريل 2021، أن تكون جلسة عادية مثل سابقاتها، لولا أنها انعقدت في سياق حافل بالمعطيات غير المسبوقة؛ فهذه هي المرة الأولى التي ينضاف فيها عضو قوي في مجلس الأمن إلى نادي الدول المساندة للقضية الوطنية، ويتعلق الأمر بالولايات المتحدة الأمريكية.

كما أنها المرة الأولى منذ سنوات التي يجد فيها المجلسُ نفسَه أمام خرق ميداني لاتفاق وقف إطلاق النار من طرف جبهة البوليساريو، مقابل تشبث مغربي بإعمال الآليات الأممية.

وهي المرة الأولى أيضا التي يشهر فيها المغرب ورقة الحزم في مواجهة أي محاولة لتغيير المعطيات على أرض الميدان. وما تحرير معبر الكركرات إلا واحدة من العمليات الحازمة التي أوقفت استفزازات البوليساريو عند حدها، ووضعت المجتمع الدولي أمام مسؤولياته.

انعقد اجتماع مجلس الأمن في ظرف يتسم بمواصلة “لعبة الشهب الاصطناعية” من جانب واحد؛ إذ تتوالى بيانات الغزوات الوهمية الصادرة عن جبهة البوليساريو، وكثرة الهم تضحك… فمن يصوبون بنادقهم نحو المغرب يتهمون المملكة بنسف جهود السلام، ولأنهم كذبوا فصدقوا كذبتهم، فقد كانوا ينتظرون صدور قرار بأثر رجعي يقضي بتنظيم استفتاء في الصحراء، ويربطون “تقرير المصير” حصريا بتنظيم عملية الاستفتاء المتجاوز، بينما تقرير المصير له أشكال متعددة.. ولكنهم لا يبصرون.

ولأن اجتماع مجلس الأمن خيب أمال خصوم المغرب، فقد كان من الطبيعي أن تذرف جبهة البوليساريو دموع التماسيح، في شخص ممثلها في الأمم المتحدة الذي هاجم مجلس الأمن لأنه ترك “الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام تصعيد الحرب الجارية”، في نظره. والواقع أن خطة الضغط على مجلس الأمن وعنوانها العرقلة التي مارستها كل من جبهة البوليساريو والجزائر لتعيين مبعوث أممي في الصحراء، انقلبت على أصحابها، ذلك أن أعضاء مجلس الأمن ناقشوا ضرورة “الإسراع بتسمية مبعوث أممي جديد من أجل إعادة إطلاق العملية السياسية المتوقفة في أسرع وقت ممكن”.

ويمكن لأي متتبع للشؤون الدبلوماسية أن يتخيل الأجواء التي انعقد فيها اجتماع مجلس الأمن بعد تبني بعض الدول مواقف مساندة للمغرب، وفي ظل التوتر الكبير في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، حيث تميزت الفترة الأخيرة بطرد دبلوماسيين من كلا الجانبين.

وللإشارة، فقد كان من بين المطرودين، مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، أحد أعداء الوحدة الترابية وأحد النشطاء الذين جمعوا موظفين سابقين في الأمم المتحدة لعقد ندوات شاردة، قبيل اجتماع مجلس الأمن، دعوا من خلالها إلى إحياء مطلب الاستفتاء، بل إن بعض المجتمعين وصلت بهم الحماسة إلى حد توقع أن تؤول نتائج هذا الاستفتاء المزعوم لصالح البوليساريو، وهو ما حصل مع المبعوث السابق الذي فشل في مهمته كريستوفر روس.

انتهى اجتماع مجلس الأمن، لكن المعركة الدبلوماسية متواصلة، والديبلوماسية أخطر من الحرب، لذلك يجب على المغرب أن يكون حذرا في اختيار حلفاء المرحلة المقبلة، كما يجب المرور إلى السرعة القصوى لترجمة الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء على أرض الواقع. وكل شهر أبريل والصحراء المغربية بخير.

hespress.com