الثلاثاء 24 نونبر 2020 – 20:20
بعد التعليمات التي وجهها الملك محمد السادس إلى الحكومة في خطاب العرش سنة 2019 لوضع استراتيجية جديدة للتكوين المهني، بهدف تجويده وتقريبه إلى الشباب في مختلف مناطق المغرب، وُقعت اتفاقية لإنشاء أول قرية نموذجية للدعم والتكوين بالعالم القروي في قرية مهرجان أركان بتمنار، نواحي مدينة الصويرة.
المشروع التربوي والتكويني الأول من نوعه في العالم القروي بالمغرب، كان ثمرة اتفاقية إطار للشراكة بين أربعة أطراف، هي وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، وعمالة إقليم الصويرة، والجماعة الترابية لتمنار، ومؤسسة إبراهيم أضرضور للتربية والتنمية.
وستكون قرية الدعم والتكوين بتمنار، على غرار باقي القرى المماثلة التي ستُحدث في جميع جهات المملكة، تجسيدا لسياسة “وضع التعليم في إطاره الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، غايته تكوين وتأهيل الموارد البشرية للاندماج في دينامية التنمية، وذلك من خلال اعتماد نظام تربوي ناجع”، كما جاء في الخطاب الملكي.
وبمُوجب اتفاقية الشراكة الموقعة بين الأطراف الأربعة، فإن تحويل قرية مهرجان أركان بتمنار إلى قرية للدعم والتكوين بالعالم القروي، يرمي إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية، هي التكوين المهني للشباب من أجل الاندماج في سوق الشغل، والتوجيه والمواكبة من أجل تيسير الاندماج السوسيو-مهني للشباب والنساء، عن طريق مساعدتهم على بناء مشاريعهم الشخصية، ودعم الشباب المؤهلين من أجل التشغيل الذاتي وإنشاء مقاولاتهم الخاصة.
وتتميز قرية الدعم والتكوين بالعالم القروي المُحدثة في قرية تمنار بعدد من الخصائص؛ فعلاوة على أنها أول قرية من هذا النوع بالمغرب، فقد كانت في السابق قرية مخصصة لتنظيم مهرجان أركان، تضم اثنتي عشرة قاعة فسيحة ومكتبة ومسرحا في الهواء الطلق، وإمكانيات لإحداث فضاء للإيواء، ما يسّر مهمة إنشاء قرية للدعم والتكوين بها، مع احتفاظها بوظيفتها الأصلية.
وفي تصريح لهسبريس، قال محمد أضرضور، رئيس مؤسسة إبراهيم أضرضور للتربية والتنمية، إن القرية المشيّدة منذ سنة 1989، كانت تُستغل فقط لتنظيم المهرجان السنوي لأركان، وفي بعض المناسبات الوطنية، أو تستعملها بعض الجمعيات على قلتها، بينما تظل أغلب فضاءاتها مغلقة طيلة السنة.
وأضاف المتحدث: “نحن كأطراف أربعة فكرنا في جعل هذه القرية فضاء للتكوين في المجالات التي يحتاجها الشباب ويتطلبها سوق الشغل، مثل الإعلاميات والمحاسبة وبعض الحرف المهنية، مثل نجارة الألومنيوم والتكوين في الصيد البحري، والفلاحة، وتدبير مشاريع جمعيات المجتمع المدني”.
وستتميز قرية الدعم والتكوين في تمنار بميزة أخرى، هي أن القرية تعرف نشاطا مكثفا للتعاونيات النسائية العاملة في مجال استخراج زيت أركان، حيث سيتم تكوين النساء المتعاونات، وتعزيز قدراتهن ومهاراتهن في كيفية تدبير التعاونية وتسويق المنتجات، وغيرها من التكوينات المرتبطة بعملهن، كما أوضح رئيس جمعية إبراهيم أضرضور للتربية والتنمية.
واستطرد المتحدث أن قرية الدعم والتكوين بتمنار ستعود بنفع كبير على شابات وشبان الإقليم، حيث ستوفر لهم أصنافا كثيرة من التكوين المهني بما يمكنهم من اكتساب خبرات ومهارات تيسر ولوجهم لسوق العمل، خاصة وأن نسبة كبيرة منهم يعانون من البطالة.
والتزمت وزارة التربية الوطنية بموجب اتفاقية إطار الشراكة المبرمة بين الأطراف الأربعة بالدعم المالي للمشروع، ومواكبة وتتبع إنجازه في جميع مراحله، وتمكين المؤسسة من الوثائق والملفات والمعطيات الضرورية الخاصة بالتلميذات والتلاميذ المنقطعين عن الدراسة قصد العمل على تسجيلهم في التكوين المهني بالقرية النموذجية.
وسيتم إحداث فضاءات لإيواء المتدربين والمتدربات غير القاطنين بتمنار بقرية الدعم والتكوين، عن طريق تمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وستتولى عمالة إقليم الصويرة الإشراف على هذا الشق من المشروع، إضافة إلى تعبئة الموارد المادية والمالية لتطويره.
وستتولى الجماعة الترابية لتمنار تأهيل وإصلاح مختلف فضاءات القرية النموذجية للدعم والتكوين، والمساهمة في الحملة التحسيسية لإرجاع المنقطعات والمنقطعين عن الدراسة لتأهيلهم وإدماجهم في سوق الشغل.
وأنيط بمؤسسة إبراهيم أضرضور للتربية والتنمية مسؤولية تنفيذ المشروع إداريا وبيداغوجيا، حيث ستنفذ مجموعة من الالتزامات، منها تجهيز قرية الدعم والتكوين، بما في ذلك إحداث قاعة متعددة الوسائط، وتوفير جميع المعدّات والوسائل المعلوماتية والمكتبية الكفيلة بإنجاح المشروع، وتوفير عرض متنوع من الشعب المهنية حسب متطلبات سوق الشغل.
وأوضح محمد أضرضور أن الهدف من إحداث قُرى الدعم والتكوين بالأرياف والعالم القروي، هو تقريب التكوين في مجال المهن والحرف إلى شباب العالم القروي، والاستجابة للطلب الملحّ لهذه الفئات من الشبان والشابات الذين لا يتمكنون من الذهاب إلى المدن الكبرى للتكوين بسبب عوامل مختلفة، مثل الفقر والهشاشة الاجتماعية.
وأردف قائلا: “في إقليم الصويرة لا يستفيد الشبان والشابات المنقطعون عن الدراسة من أي تكوين، وينتظرون إلى حين إيجاد فرصة عمل إما في أكادير أو الصويرة أو مراكش، لكن يعوزهم التكوين، وكان من الضروري أن نفكر في مقاربة جديدة لتقريب التكوين إلى هؤلاء الشباب أينما كانوا وأينما وُجدوا، فكان الحل بالنسبة إلينا نحن الأطراف الأربعة هو إنشاء هذه القرية النموذجية في تمنار”.