طالبت التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان بإطلاق سراح “كافة معتقلي الرأي” بالمنطقة المغاربية، وخصت بالذكر الصحافيين عمر الراضي، وسليمان الريسوني المضرب عن الطعام.
جاء ذلك في البيان الختامي الصادر عن اجتماع مكتب التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان، الذي شاركت فيه 18 هيئة عضوا، من موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس ومنظمات مغاربيّة بفرنسا.
وقالت التنسيقية الحقوقية المغاربية إن الأزمة الاقتصادية في موريتانيا قد استفحلت و”مست الأغلبية الساحقة من الفئات الشعبية، وانعكست الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ضد الجائحة على الحقوق والحريات، واستهدفت الإجراءات القمعية ضد منتهكي قوانين الطوارئ الفئات الأكثر فقرا، وقاطني الأحياء الشعبية بالأساس، ومارست ضدها القوات العمومية تجاوزات كثيرة واستعملت القوة المفرطة ضدهم.”
وفي المغرب، أوردت التنسيقية أن الجائحة “عرت الأعداد الحقيقية للفقراء، وفضحت أزمة التعليم العمومي والحالة المتهالكة للمنظومة الصحية وهشاشة وضع النساء والشروط المتدهورة داخل السجون، ومعاناة المهاجرين دون أوراق (إقامة) الذين لم تؤخذ أوضاعهم بعين الاعتبار عند وضع إجراءات الحجر الصحي، كما لم تراع حقوق العمال في المعامل والضيعات الذين استمروا في العمل في غياب شروط الوقاية من العدوى.”
وأضافت التنسيقية الحقوقية أنه “رغم نداءات المفوضية العليا لحقوق الإنسان بإطلاق سجناء الرأي، ظل العشرات منهم في السجون، بل اعتقل العديد من المدونين، واستهدف القمع صحافيين معروفين هما سليمان الريسوني وعمر الراضي اللذين أطلقت حملة وطنية ودولية من أجل إطلاق سراحهما، كما استمر الانتهاك الممنهج للحق في الاجتماعات السلمية والحق في التنظيم الذي أضحى سلوكا ممنهجا للسلطة ضد عشرات التنظيمات، من بينها هيآت عضوة بالتنسيقية، والحق في التظاهر السلمي الذي استغلت السلطات قوانين الطوارئ للإجهاز عليه بالمنع المنهجي للاحتجاجات والمسيرات.”
وفي الجزائر، ذكرت التنسيقية أن “الحراك” استؤنف “بعد فترة توقف بسبب الجائحة بقرار من نشطائه والتنظيمات المنخرطة فيه، وواجهته السلطات في الجزائر بقمع شديد، خاصة بعد تعمق الأزمة الصحية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا.”
وكشفت أنه “منذ العفو عن معتقلي الحراك الذي أصدره الرئيس الجزائري في فبراير الماضي، تم من جديد اعتقال ألفي شخص في أسبوعين، منهم من تعرض للتعذيب وسوء المعاملة، وبقي منهم عشرات سجناء الرأي، من ضمنهم صحافي، بينما المئات من نشطاء الحراك يتابعون في حالة سراح، وآخرون تحت الرقابة القضائية”، وهو ما وصفته التنسيقية بـ”الإغلاق التام للفضاء العام وللمجالات الديمقراطية والسياسية والنقابية والإعلامية”.
أما تونس، فـ”مكاسب الثورة”، بحسب التنسيقية الحقوقية المغاربية ذاتها، “تتعرض فيها إلى تهديدات قوية”، حيث “اتسم الوضع السياسي العام بتقلبات وانتكاسات تبعتها أزمة صحية وأزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، بعد فشل سياسات الوقاية والتكيف مع الوضع المتأزم”، وهو “ما عرى الواقع الاجتماعي والاقتصادي الهش، وكل النقائص التي تمر بها تونس”.
وذلك أدى إلى اندلاع “احتجاجات شعبية جديدة قادها الشباب من أجل الشغل والكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية”، “ووجهت بقمع شديد، واعتقالات واسعة وسط الشباب، تبعتها ممارسات للعنف والتعذيب ضدهم خلال الاعتقال، مما جعل الحركة الحقوقية التونسية تدق ناقوس الخطر محذرة من رجوع النظام البوليسي البائد إلى الحكم.”
في ليبيا، و”بعد تواتر جرائم حرب ضد المدنيين، والانتهاكات الجسيمة ضد المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء وأيضا من البلدان المغاربية الأخرى، وخاصة المغرب، وتعثر كل محاولات الحوار الهادفة لاستتباب الأمن”، تقول التنسيقية، “لازالت صعوبات تواجه طموحات الشعب الليبي والشعوب المغاربية في أن ترى الأمن والسلم يستتب في هذا البلد المغاربي، ولازال المجتمع المدني يواجه مختلف التحديات ليلعب دوره كاملا في توفير ظروف إنجاح الحوار السياسي وبناء السلام”.
أما دول المهجر، خاصة فرنسا، فقد “عرفت بدورها حراكا اجتماعيا غير مسبوق، عرف بالسترات الصفراء، تمكن من فرض تراجعات عن بعض السياسات اللاشعبية للحكومة الفرنسية، إلا أن المشاريع التراجعية لم تتوقف حيث تم سن قوانين مكبلة للحريات، وتم الهجوم على المكتسبات الاجتماعية، وتنامت سياسة العداء للمهاجرين، والمواطنات والمواطنين ذوي الأصول المغاربية والإفريقية عموما، وتصاعدت سياسة انتهاك الحريات، من ضمن تجلياتها استهداف رئيس الجمعية الفرنسية للتضامن مع فلسطين بشكل تعسفي، ومنع المسيرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني بباريس واعتقال عدد من المشاركين فيها.”
وفي نهاية بيانها الختامي، أدانت التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان ما أسمته “الانتهاك المتواصل للحق في التنظيم بمنع تأسيس الجمعيات وحرمانها من وصولات الإيداع عند تجديد مكاتبها”، وخصت بالذكر ما تعيشه من “محاصرة ومنع من عقد اجتماعاتها في أغلب الدول المغاربية، هي وعدد من الهيآت العضوة بها”، وطالبت الحكومات المغاربية “بجعل حد لهذه التعسفات”.
وأدانت التنسيقية الحقوقية “السياسات الأوروبية في مجال الهجرة وحقوق المهاجرين” التي قالت إنها “تشجع السلوك العنصري وتنحاز لمواقف اليمين المتطرف”، مستنكرة “تعاملها مع البلدان المغاربية بعقلية استعمارية بائدة كما تؤكده عدد من الأحداث في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، من ضمنها الاعتداءات التي مورست على مهاجرين مغاربة مقيمين في إسبانيا، بعد التوترات الأخيرة التي عرفتها العلاقات الإسبانية المغربية.”
وشجبت “دخول السلطات التونسية في مفاوضات مع إيطاليا والسلطات الأوروبية ككل، من موقع الخضوع لسياسات أوروبا المتشددة ضد المهاجرين وقبولها بلعب دور الدركي لصالحها ضد حقوق وكرامة المواطنين والمواطنات التونسيين”.
كما ضمت التنسيقية الحقوقية المغاربية صوتها إلى صوت “المنظمات الحقوقية الليبية التي طالبت بإعطاء الأولوية لحرية الصحافة كشرط أساسي لضمان حرية ونزاهة الانتخابات، وإصلاح قطاع الإعلام على وجه السرعة، وتحسين إطاره القانوني، والتوقف عن احتجاز الصحافيين بسبب عملهم، والإفراج الفوري عن الصحافيين المعتقلين حاليا، مثل الصحافي إسماعيل الزوي.”