تعاطٍ متشابه لأغلب الحركات الإسلامية داخل المغرب وخارجه بشأن استئناف الاتصالات الدبلوماسية الرسمية بين تل أبيب والرباط، إذ غلبت أوصاف “الخيانة” و”التطبيع” و”المقايضة” على ردود الفعل المتشنّجة تجاه الواقع السياسي الجديد الذي أملته التطورات الجيو-استراتيجية بالمنطقة الملتهبة.

وغابت “المرونة السياسية” في المواقف التي أصدرتها الحركات الإسلامية المتشبّثة بمصطلحات قديمة لا تُساير منطق العلاقات الدولية، الذي يستحضر الواقعية السياسية أكثر من المنطلقات المبدئية؛ فيما يظلّ إسلاميو المنطقة يشتغلون بميكانيزمات لا تناسب الأطروحات الدبلوماسية القائمة.

ويعيب كثيرٌ من المتتبعين لشؤون الحركات الإسلامية الإقليمية عدم ملاءمة الخطاب الديني الذي تُسوّقه هذه الأخيرة لواقع المرحلة الراهنة التي نعيشها، منادين باستحضار “فقه الواقع” أو “فقه الأولويات” في التعاطي مع المستجدات السياسية والتطورات الدينية الحاصلة بالمنطقة.

وذهبت بعض الجماعات الإسلامية في المنطقة الإقليمية إلى حدّ “تخوين” الرباط؛ فيما هاجمت بشدّة مواقف حزب العدالة والتنمية المغربي، بعدما أشرف أمينه العام على توقيع الاتفاق المغربي-الأمريكي-الإسرائيلي، الذي أعلن بداية عهد جديد بين الفواعل الثلاثة حول القضايا المشتركة على جميع الأصعدة.

وبالنسبة إلى عبد الوهاب رفيقي، الباحث في الشؤون الإسلامية، فإن “ردود الفعل الصادرة من الحركات الإسلامية طبيعية، وهي متوقعة من أشخاص وظفوا القضية الفلسطينية منذ عقود من الزمن للاستقطاب والشحن ودغدغة عاطفة القواعد (يقصد القواعد الجماهيرية)”.

وأوضح رفيقي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الإشكال يكمن في توظيف القضية الفلسطينية لأغراض إيديولوجية وسياسية، إلى درجة اعتبار بعض القضايا المتعلقة بالعلاقات والاتفاقات على أساس أنها مسلمات غير قابلة للنقاش”.

وشدد محدثنا على أن الحركات الإسلامية “ربَّت أتباعها على أن التنازل عن بعض القضايا كأنه تنازل عن المبادئ، بل وخيانة، في وقت يُفترض أن تكون عائدة للتدبير السياسي، بالنظر إلى أنها قضايا متحولة تخضع لميزان المصالح والمكاسب”.

وخلص الباحث المغربي إلى أن “الأتباع تعرضوا لعملية شحن خلال العقود الماضية لأسباب إيديولوجية صرفة”، وزاد: “نحن نرى النتيجة الآن، وهو ما يفسر ردود الفعل المتشنجة تجاه عودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل؛ فيما ينبغي رؤية الوقائع من منظور براغماتي، لأنه الأصل في التعامل السياسي”.

hespress.com