خابت آمال فعاليات مهتمة بتنظيم الحقل اللغوي بالمغرب من إمكانية حسم تقرير النموذج التنموي الجديد لبعض من “جدال اللغات” الدائر حاليا، أمام غياب أي مؤسسة ترتب الداخل اللسني بالبلاد.

وبقيت طروحات اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي على المستوى اللغوي منحصرة على إعادة الموجود بالدفاع عن اللغات الوطنية، والدفاع على الانفتاح على اللغات الأجنبية؛ وهي توصيات تقليدية طرحت على مستوى مؤسسات عديدة.

وراهن المتخصصون على طرح خارطة طريق تسبق عمل “المجلس الوطني للغات”، الذي أربكته “كورونا” وبطء مسطرة التنفيذ الذي يقتضي تعيينات ملكية وحكومية.

وحصرت اللجنة نقاش اللغات ضمن خانة التعليم؛ وهو ما يغفل جوانب كثيرة لحضور اللغة على مستوى الفضاء العام، وشكل مادة سجالية واسعة الانتشار بين تيارات متباينة.

غياب المختصين

صلاح بوسريف، الشاعر والكاتب المغربي، أورد أن طرح تقرير تنموي جديد يقتضي بداية التفاعل بإيجابية، خصوصا أنه يقر بوجود اختلالات مشاكل مؤثرة على الاقتصاد والثقافة والمجتمع والسياسة.

وأضاف بوسريف، في تصريح لجريدة هسبريس، أن القراءة الأولية للتقرير تفيد غياب أي جديد، ويقع في موقع تحصيل الحاصل، مشيرا إلى أن نقاش اللغات ضمنه يجب أن ينتبه إلى عديد من الأمور؛ منها التنوع الثقافي بالمغرب.

وأوضح الشاعر المغربي أن اللغة العربية تربط المغرب بمحيطه وأي تجاهل لها هو تضييق على هوية وحضارة، كما أن الأمازيغية عنصر مهم في الهوية الوطنية المغربية، ثم تأتي الحسانية التي وجب الانفتاح عليها.

وأشار بوسريف إلى أن اللغة تقتضي التجديد وليس حصرها بشكل مكرر ضمن سيرورة تكررها السلطة والمناهج التعليمية، وتقع بذلك في النمطية؛ في حين أن جوهرها ليس كذلك.

وأردف المتحدث أن المغاربة مطالبون بالانفتاح على اللغات الأجنبية، خصوصا الإنجليزية، مع تدريسها بمناهج حديثة؛ وهو ما يقتضي مزيدا من التشاور مع المختصين، متأسفا لغياب علماء اللغة عن تشكيلة “لجنة بنموسى”.

إجحاف الأمازيغية

عبد الله بوشطارت، الكاتب والباحث المغربي، اعتبر أن التقرير العام الذي أصدرته اللجنة مخيب في كثير من المداخل الأساسية للتنمية والتغيير، أولها تدريس وتعليم اللغة الأمازيغية باعتبارها اللغة الأم للمغاربة أو للأغلبية منهم.

وأشار المتحدث، في تصريح لهسبريس، إلى أن التقرير الصادر عن اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي لم يشر نهائيا إلى دور الأمازيغية في التعليم والتربية والتكوين وفي مجالات الثقافة وعمليات التنموية الأخرى. لذلك، يتضح لنا، منذ الصفحات الأولى من التقرير، أن اللجنة تعاني من مشكل فلسفي ومرجعي ونظري حول مفهوم التنمية.

وأورد الكاتب والباحث المغربي أن التقرير تجنب وبشكل متعمد الحديث عن أهمية تدريس اللغة الأمازيغية ودورها في بناء الإنسان والمجتمع ومساهمتها في التنمية والرفاه، سواء في التشخيص وكذلك في الاقتراحات والمحاور الإستراتيجية التي اقترحها في النموذج الجديد.

واعتبر بوشطارت أن هذا التقرير يستمد روحه من التقارير والإصلاحات والقوانين القديمة التي تقصي وتهمش اللغة الأمازيغية؛ أهمها رؤية 2030 التربية والتكوين، وقانون الإطار لإصلاح التعليم.

وأكمل المتحدث ذاته قائلا الشيء نفسه، في حديثه عن الثقافة، حيث ظل التقرير يكرر مفاهيم ومصطلحات بعيدة عن الواقع وعن حقيقة المجتمع المغربي، متأسفا لكون التقرير كتب بكل اللغات إلا لغة الأرض ولغة المغاربة، وهي اللغة الأمازيغية.

hespress.com