قال الدكتور إبراهيم منصوري، أستاذ العلوم الاقتصادية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن صناع القرار في المملكة مدعوون إلى مزيد من التنويع في النسيج الإنتاجي لفك الارتباط بين النمو الاقتصادي ودورات الجفاف.

وأشار منصوري، في مقال توصلت به هسبريس، إلى أن تحقيق مزيد من التنويع في النسيج الاقتصادي سيمكن من تخفيف تبعية النمو الاقتصادي للتقلبات المناخية وما ينجم عنها من دورات جفافية طاحنة.

وأورد الأستاذ الجامعي أن “النسيج الإنتاجي في المغرب عرف تنوعا لا بأس به في السنوات الأخيرة”؛ لكنه أكد “أنه ما زال غير كافٍ لفك ارتباط الاقتصاد الوطني برحمة التساقطات المطرية”.

وحسب المقال، فإن المغرب مقبل، بعد سنة اقتصادية صعبة اقتصاديا واجتماعيا، على سنة تشهد تحسنا تدريجيا للمؤشرات الاقتصادية طلبا وعرضا، وتتميز بوفرة التساقطات المطرية المنتظمة.

ويتوقع أن يسجل المغرب ارتفاعا مهما في القيمة المضافة الفلاحية، خاصة ما يتعلق بتحسن مردودية الحبوب المنتجة في الأراضي الزراعية المسقية والبورية على حد سواء. كما ينتظر أن تتحسن أهم المؤشرات الاقتصادية للسنة الحالية؛ مما سيتمخض عنه تسجيل معدل نمو اقتصادي موجب وقوي نسبيا، إذا ما قُورِن بمعدل نمو سالب بوتيرة تناهز ـ7 في المائة سنة 2020.

وحسب التقديرات التي توصل إليها منصوري، فإن نسبة النمو الاقتصادي المحتملة عند نهاية سنة 2021 ستناهز 5,10 في المائة، مقابل انكماش اقتصادي في حدود 7 في المائة سنة 2020.

وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن “رحمة السماء ما زالت تؤثر بشكل دراماتيكي على الاقتصاد الوطني طلبا وعرضا، وأن هذا التأثير العميق لا ينحصر في القطاع الفلاحي، بل يتعداه إلى القطاعات الاقتصادية الأخرى، رغم أن القيمة الإضافية الفلاحية لا تشكل في أحسن الأحوال إلا ما يناهز 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي”.

ويُقر المتخصص بأن “الاقتصاد الوطني عرف تنوعا ملحوظا في الآونة الأخيرة، إلا أن هذا التنوع في النسيج الإنتاجي يبقى غير كاف لفك الارتباط بين النمو الاقتصادي ودورات الجفاف”.

وذكر منصوري بأن “السنوات التي سبقت صياغة وتنفيذ سياسات الأوراش الكبرى والإستراتيجيات القطاعية المرفوقة بقطارات متواصلة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، خاصة منذ النصف الأول من العُشرية الأولى للألفية الثالثة، كان وقع الجفاف على النمو الاقتصادي في المغرب أكثر دراماتيكية مما هو عليه الأمر في الوقت الراهن”.

وللتأكد من التحكم المهول لغزارة الأمطار وانتظامها في وتيرة النمو الاقتصادي خلال السنوات السابقة لبداية الألفية الثالثة، استحضر أستاذ العلوم الاقتصادية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض بمراكش ما حدث سنة 1996 التي كانت سنة فلاحية ممتازة بكل المقاييس نتج عنها وصول مردودية الحبوب إلى ما يقارب 17 قنطارا في الهكتار الواحد، مقابل ما يناهز 4 قناطر فقط سنة 1995.

وكنتيجة لتلك المردودية الحبوبية القياسية الناتجة عن غزارة الأمطار وانتظامها النافع خلال تلك السنة الفلاحية، وصل معدل النمو الاقتصادي آنذاك إلى ما يناهز 12،3 في المائة، في الوقت الذي لم تسجل فيه الصين الشعبية ذات الاقتصاد الموغل في التنوع والتكنولوجيا والصادرات ذات القيمة المضافة العالية إلا معدل نمو اقتصادي يحوم حول 10 في المائة.

أما في عام 1995، فيشير منصوري إلى أن المغرب عرف جفافا طاحنا وسجل في تلك السنة معدل انكماش اقتصادي يقارب ـ7 في المائة، أي ما يضاهي نسبة الانكماش الاقتصادي لعام 2020.

وأكد الأستاذ الجامعي أنه “لولا التنويع النسبي الذي عرفه الاقتصاد المغربي خلال السنوات الأخيرة، لاندحر معدل النمو الاقتصادي في سنة 2020 إلى أسفل سافلين ليسجل معدل انكماش ذا رقم مزدوج، خاصة أن تلك السنة كانت تحت الصدمة المناخية الوبائية المزدوجة”.

ومن أجل تجاوز مخاطر الارتباط بالتساقطات المطرية، نبه منصوري إلى أهمية التركيز في كل إستراتيجية تنويعية على القطاعات المُدرة للقيم المضافة العالية مع الحرص على الرفع من مستوى نسبة اندماج القطاعات الاقتصادية ومختلف فروعها، خاصة كلما تعلق الأمر بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإلا ظلت مرتعا لتراكم القيم المضافة التي ستستفيد منها بلدان المنبع على حساب المغرب.

hespress.com