توصيات إفريقية شاردة
صورة: أرشيف


سعيد ابن عائشة


الثلاثاء 23 مارس 2021 – 09:13

هناك عدة حركات انفصالية في العالم، عدد كبير منها يوجد في القارة الإفريقية. وإذا كانت كل حركة تواجه مصيرها بشكل مختلف، في عالم متغير، فإن الاتحاد الإفريقي يظل المنظمة القارية الوحيدة التي تضم في عضويتها “حركة مسلحة”، إلى جانب دول كاملة السيادة، لغاية في نفس يعقوب، إذ تشكل “جبهة البوليساريو” حجرا مزعجا يتحرك في حذاء كل مبادرة للتعاون أو التحالف أو التصالح الكبير بين الدول الإفريقية، التي تواجه موجة استعمار جديدة، بأشكال أكثر تطورا.

ورغم أن المغرب قرر العودة إلى الاتحاد الإفريقي، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن الحيلة قد انطلت عليه، إذ مازال محور الشر يواصل جهوده لإفساد علاقته مع إخوانه في إفريقيا، من خلال محاولة الترويج لقرارات متجاوزة، كان آخرها ما صدر عن مجلس السلم والأمن بالاتحاد، بإصداره توصية غير قانونية، في بيان مزور، يوم 19 مارس الجاري (أي بعد عشرة أيام من الاجتماع الأصلي)، يقول فيها إنه “يطلب من مفوضية الاتحاد الإفريقي اتخاذ الخطوات اللازمة لإعادة فتح مكتب الاتحاد في العيون، بالصحراء الغربية، على وجه السرعة، من أجل تمكين الاتحاد الإفريقي من إعادة إحياء دوره في البحث عن حل سياسي لهذا الصراع طويل الأمد”.

هكذا إذن يظهر أن محور الشر، المتموقع بين الجزائر وجنوب إفريقيا، استغل اجتماعا رفض المغرب حضوره، وقاطعته جل الدول الإفريقية، لمحاولة التشويش على مبادرة افتتاح قنصليات إفريقية في الأقاليم الجنوبية، بدعوته إلى افتتاح مكتب للاتحاد الإفريقي في العيون؛ بينما يفترض في الاتحاد الإفريقي أن يبقى بعيدا عن قضية الصحراء، لأنها اختصاص حصري لمجلس الأمن؛ وعلما أن كل الدول الإفريقية مرحب بها في الصحراء، إذ لا تجد أدنى صعوبات لوضع دبلوماسييها في الأقاليم الجنوبية.

ما الذي يمكن أن يضيفه مبعوث إفريقي ممثل للاتحاد الإفريقي في الصحراء، غير بعض المشاكل المتجاوزة، وكثير من التشويش على جهود المغرب، والأمم المتحدة في الصحراء؟ كيف يمكن الوثوق في مبعوث منحاز كليا للطرف الآخر؟.. ثم إن هذا القرار تفوح منه رائحة المناورات القديمة التي تزعمتها رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي السابقة دالاميني زوما، المعروفة بعدائها للمغرب، إذ سبق أن تزعمت مبادرة لتسريب مثل هذا القرار لمجلس الأمن، لولا أن المغرب كان يؤكد في كل مرة أن حل قضية الصحراء مرهون بقرارات مجلس الأمن.

وحتى لا ينسى الخصوم فإن المغرب لم يعد ينظر إلى قضية الصحراء المغربية كما اعترفت بها الولايات المتحدة الأمريكية إلا من خلال أربعة محددات أساسية؛ أولها رفض أي حل خارج سيادته الكاملة على صحرائه، ثانيها أن حل هذا النزاع المفتعل يكمن في الحكم الذاتي؛ أما المحدد الثالث فيكمن في الالتزام بالمرجعيات التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي لمعالجة هذا النزاع الإقليمي المفتعل، باعتباره الهيئة الدولية الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية. وأخيرا فإن المملكة ترفض كل محاولة للمس بحقوقها المشروعة، وبمصالحها العليا.

تبعا لما سبق، كان من الطبيعي أن تعلق الدبلوماسية المغربية على محاولة إحياء فكرة تعيين مبعوث إفريقي إلى الصحراء بأنها حدث غير ذي شأن.

الاتحاد الإفريقي توصية جبهة البوليساريو قضية الصحراء

hespress.com