ابتلي المغرب بمسؤولين أغبياء في الجارة الشرقية، يجرون بلادهم نحو خراب حتمي، والسبب هو عقدة تاريخية اسمها المملكة المغربية. ومن يعرف الجزائر، يعرف أنها بدون تاريخ، بخلاف الإيالة الشريفة، وقمة الغباء هي معاكسة التوجهات المغربية، واحتجاز الشعب الجزائري في الزاوية الضيقة للحقد الأعمى.
“اللهم ارزقنا عدوا عاقلا”؛ فعندما كان المغرب بصدد توقيع اتفاق للتعاون الثلاثي بينه وبين أمريكا وإسرائيل، كان البرلمانيون الجزائريون يساقون نحو البرلمان، مثل القطيع، للمصادقة على قرار لتجريم التطبيع. ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ ففي بلاد تعيش أزمة معيشية، رغم غازها الطبيعي، تم دفع البرلمانين إلى توقيع مراسلة مجنونة موجهة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن يطالبونه فيها بسحب الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وكأن أمريكا بلد لا سيادة له.
الجزائر غارقة في المشاكل، وليست أزمة الحليب إلا واحدة من الأزمات، حيث سخرت المواقع من وزير التجارة الجزائري الذي قال إنه وضع نظاما لتتبع مسار أكياس الحليب التي تتاجر بها عصابات ومافيا منظمة تقف وراء الأزمة، ولكن البرلمانين الجزائريين تركوا أزمة الحليب وفضلوا رفع رسالة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن قالو فيها: “إن الجزائر تشبه أمريكا، في معركتها ضد الاستعمار”، كما روجوا واهمين أنهم مؤمنون “بضرورة تفعيل مبادئ الشرعية الدولية والدفاع عن حرية وسيادة القانون من أجل تحقيق السلم والأمن الدوليين”، في حين إن المسؤولين الجزائريين هم من وقفوا طيلة عقود عقبة أمام تحقيق السلام في إفريقيا من خلال دعم حركة انفصالية وهمية، أليست أول مبادئ الشرعية الدولية هي احترام حدود الجيران وعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول؟
بأي حق تقحم الجزائر نفسها في مناقشة قرار سيادي أمريكي؟ أليس من الغباء فعلا جر البرلمان الذي يفترض فيه أنه يمثل الشعب إلى مناقشة الاختيارات الاستراتيجية لإحدى أقوى الدول في العالم؟ هل يعتقد البرلمان “الملجم” أنه بنفس قوة الكونغرس الأمريكي؟ هل يعتقد البرلمانيون الجزائريون أنهم بحجم “سيناتورات”؟ كم من المخدرات يحتاجها المرء لعقد مقارنة من هذا النوع؟ هل يعقل أن تصدر تصرفات ديمقراطية عمن يجوع شعبه ولا يقدر حتى على توفير مستلزماته من الحليب؟
لقد تحولت الجزائر إلى “دولة محتجزة” في دائرة ضيقة، مقبلة على خراب حتمي، والدليل هو مشاركتها الباهتة قبل أيام في القمة الـ 34 للاتحاد الإفريقي، حيث فقد الجزائري اسماعيل شرقي منصبه على رأس لجنة الأمن والسلم الإفريقي، بعدما مني بخسارة فادحة أمام المرشح المدعوم من طرف الدولة المغربية النيجيري بانكولي أديوي، كما خسرت الجزائر رهانها على إلحاق أي تغيير بمفوضية الاتحاد الإفريقي، وهما الجهازان اللذان لطالما تم استعمالهما في مؤامرات ضد المغرب، رغم أنه بلد من بلدان الاتحاد الإفريقي الذي لا ينبغي المس بمصالحة، حسب ميثاق هذه المنظمة الإفريقية.
فبالإضافة إلى تجديد الثقة في التشادي موسى فقي محمد رئيسا لمفوضية الاتحاد الإفريقي لولاية جديدة مدتها أربع سنوات، وهو أيضا واحد من أصدقاء المغرب الكبار، عادت الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهنا تكفي الجزائريين إشارة افتتاح قنصلية للكونغو الديمقراطية في الداخلة، بمعنى أن رئاسة الاتحاد الإفريقي اليوم عادت إلى أصدقاء المملكة المغربية.
ربما لا يملك كثير من المغاربة أي تعاطف مع تجربة المسؤولين في الجزائر، لكن يحز في النفس احتجاز الشعب الجزائري ومؤسساته في دوامة معاداة المغرب حتى لو أدى ذلك إلى هلاك أمة بكاملها.
فاللهم خلص الشعب الجزائري من غباء مسؤوليه.