أطلقت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير مركز بيانات (داتا سنتر) جديدا يؤوي أكبر الحواسيب العملاقة وأكثرها قوة على صعيد القارة الإفريقية. ويندرج المركز الجديد ضمن أفضل مائة مركز ذكي مخصص للبحث العلمي والابتكار في العالم.
ويوفر المركز العالمي، حسب إفادات المسؤولين، أعلى درجات الأمان والجاهزية القصوى، إلى جانب المرونة العالية والاتصال المثالي، مما سيساهم بالتأكيد في خدمة المنظومة الرقمية الوطنية، عبر ضمان السيادة الرقمية للمملكة من جهة، وتطوير خدمات رقمية جديدة مغربية مائة بالمائة، من جهة أخرى.
ويتألف المركز الإفريقي للحاسوب العملاق من حواسيب عملاقة، تضم آلاف وحــدات المعالجـة المركزيـة المرتبطة ببعضهــا البعــض. وكانت الأجهزة الأولى من هذا النوع، الــتي ظهــرت في الســتينيات، تَســتعمل وحدة معالجة مركزية واحدة بسعة 3 ملايين عملية حسابية في الثانية، قبل أن ترتفع سرعتها بشكل مطرد خلال العقود الأخيرة.
وأصبح استعمال الحواسيب العملاقة، اليوم، أساسيا في تحليل كميات هائلــة مــن المعطيــات خلال وقت وجيز، بخلاف الحواسيب البسيطة، التي تتطلب أسابيع، إن لم يكن أشهرا، من المعالجة التقنية.
ويؤوي المركــز الإفريقي للحاســوب العمــلاق، الكيــان الجديــد التابع لجامعة محمــد الســادس متعـددة التخصصـات التقنيــة، الحاســوب الأقــوى عــلى الصعيــد الإفريقــي. إذ تعادل طاقته الحسابية 8000 حاسوب أساسي، ويمكنه إنجاز 3 ملايــين مليــار عمليــة في الثانيــة، فيما تبلــغ سعته التخزينية 8000 تيرابــات.
لذلك يمكن استعمال مركز البيانات مــن قبــل المقــاولات مــن أجــل تنظيــم ومعالجــة وتخزين وإيداع كميــات ضخمــة مــن المعطيــات، وهو ما سيفتح آفاقـا واسعة للبحث العلمي والابتكار أمــام الجامعات المغربية بشكل عام، وأمام جامعــة محمـد السـادس متعددة التخصصات التقنيــة بشكل خاص.
واحتــل هــذا الحاســوب العمــلاق، الــذي طـُوّر في إطار شـراكة مـع جامعـة كامبريـدج، الرتبـة 98 مـن حيـث قـوة الحواسيب العملاقــة عــبر العالــم، محســنا بذلــك ترتيــب المغرب، الذي انتقل إلى الدرجة الـ26 عالميا، والأولى إفريقيا، من حيث القدرة الحسابية أمام النمسا وهونغ كونغ.
وقال سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، إن “جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية شهدت حفل الافتتاح الرسمي لمركز الحوسبة فائقة الأداء، بحضور وزير الصناعة والاستثمار والوزير المنتدب المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي”.
وأوضح أمزازي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المركز الجديد مفخرة لبلدنا لأنه يجعل المغرب أول دولة إفريقية في مجال البيانات الضخمة، مما سيُقدم خدمة متينة للمقاولات والفعاليات البحثية”، مبرزا أن “الآلية الجديدة ستعمل على مساعدة الشركات والمقاولات الصناعية في مجال البيانات”.
وأكد المسؤول الوزاري أن “الجامعات المغربية تتوفر على مؤهلات بحثية عالية، ضمنها جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية الرائدة في هذا المجال، نظرا إلى عملها الدؤوب في شتى المجالات البحثية، لا سيما في صناعة السيارات والطيران والفلاحة والصحة”.
من جانبها، أشارت كريمة شهادي، أستاذة جامعية بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، إلى أن “الابتكار التكنولوجي يعد من أهم ركائز النمو والتطور في الجامعة، التي تتوفر على مجموعة متألقة من الباحثين الذين يشتغلون في ميادين أساسية بالنسبة إلى المغرب وإفريقيا”.
وذكرت شهادي أن “الفعاليات البحثية كانت تشتري البيانات بأسعار باهظة من الخارج، فيما سيساعد المركز حاليا على توفير تلك البيانات الضخمة في مختلف المجالات، بما في ذلك البيولوجيا والطب والتمويل وغيرها”. وتابعت قائلة: “هي بيانات متعددة الأبعاد تأخذ أشهرا من العمل الدؤوب، لكن المركز الإفريقي الجديد سيسهم في صناعة البيانات خلال ظرف وجيز”.
فيما قال مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، إن “المركز الإفريقي للحاسوب العملاق يعد مبادرة رائدة على الصعيد الإفريقي، بالنظر إلى الحاجة الأساسية لتعميم الرقمنة بمختلف القطاعات، وهو ما أظهرته لنا الجائحة خلال الفترة المنصرمة”.
وتابع العلمي أن “الأزمة الوبائية الراهنة قلصت سنوات كثيرة من مجهودات الرقمنة بالبلاد، وهو ما سيعود بالنفع على الأجيال الصاعدة، مما يتطلب العمل على ورش تعميم الرقمنة في المستقبل، عبر تضافر جهود القطاعين العام والخاص في هذا المجال”.
جدير بالذكر أن جامعــة محمــد الســادس متعـددة التخصصـات التقنيــة مجهــزة بمختبرات للبحــث العلمــي التقليــدي، وأيضا بمختــبرات حيــة، موجهــة بشــكل كامــل إلى البحــث التطبيقــي، في قلــب نموذجها للبحــث العلمــي المرتكــز عــلى المزاوجة بين العمل النظري والتطبيقي.
[embedded content]