بينما تستمر تفاعلات التوتر في العلاقة بين المغرب وإسبانيا، التي أججها استقبال هذه الأخيرة إبراهيم غالي، زعيم ميليشيات البوليساريو، دعا أساتذة جامعيون إلى وقفة تأمل من أجل بناء تصوُّر جديد للسياسة الخارجية للمملكة، يراعي المتغيرات التي حصلت في المغرب والمنطقة.

واعتبر عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق أكدال، ورئيس الجمعية المغربية للعلوم السياسية، في ندوة نظمتها الجمعية حول “العلاقات المغربية الإسبانية أي أفق؟”، أن الأزمة الحالية القائمة بين المغرب وإسبانيا تقتضي التوقف عند مسبباتها البنيوية، والسيناريوهات المحتملة لتجاوزها، ووضع تصور جديد للعلاقة الثنائية بين البلدين، يأخذ بعين الاعتبار صعود المغرب كقوة إقليمية وكذلك التغيرات الحاصلة في المنطقة وفي العالم.

من جهته قال ميلود لوكيلي، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، إنّ الأزمة بين المغرب وإسبانيا “توجب علينا أن نقف وقفة تأمل من أجل وضع النقاط على الحروف لتحديد نوعية العلاقة التي نريد إقامتها مع إسبانيا”، مشيرا إلى أن للمغرب دبلوماسية تستمد مبادئها وقيَمها من التشبث بحسن الجوار والشرعية الدولية والقانون الدولي.

ومهّد زكرياء أبو الذهب، أستاذ بكلية الحقوق أكدال، لتفسير أسباب الأزمة الحالية بين المغرب وإسبانيا باستحضار الجانب التاريخي في علاقات الجارة للشمالية للمملكة سواء مع المغرب أو مع محيطها الإقليمي، مؤكدا على ضرورة “استحضار جميع العناصر، ومنها التاريخ، لكي نبني تصورا واضحا، وعدم التوقف فقط عند المستجدات التي أدت إلى نشوب الأزمة”.

واعتبر المتحدث ذاته أن النخبة السياسية التي تدير الحكم في إسبانيا الآن لم تستوعب كثيرا التراكم التاريخي في العلاقات المغربية الإسبانية، بسبب ضعف التجربة والحنكة السياسية، مبرزا أن “البلدين تجمعهما علاقات مترابطة ومتشابكة، وعليهما أن يتعايشا ويتفاديا كل تصعيد يمكن أن يؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه”.

في المقابل يرى زكرياء أبو الذهب أن المقاربة التي اعتمدها المغرب في رده على استقبال إسبانيا لزعيم ميليشيات البوليساريو لم تكن موفقة في ما يتعلق بالسماح للمهاجرين بالنزوح نحو سبتة المحتلة، معتبرا أن “هذا ينسف ما حققه البلد من منجزات على المستوى الجيو-سياسي وفي مجال الهجرة”.

وانتقد المشاركون في ندوة “العلاقات المغربية الإسبانية أي أفق” الموقف المزدوج لإسبانيا من قضية الوحدة الترابية للمغرب، إذ قال عبد الحميد بنخطاب إن مدريد تصرح في العلن بأنها مع الحل السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة، لكنها في السر تدعم طرح البوليساريو والجزائر.

واستغرب المتحدث ذاته تأكيد وزارة الخارجية الإسبانية عبر موقعها الإلكتروني أن إسبانيا هي الممول الأول لمخيمات تندوف، متسائلا: “كيف لدولة تدعي أنها تمارس الحياد في نزاع الصحراء أن تقوم، في الوقت نفسه، بتدعيم جبهة البوليساريو ماليا وسياسيا؟”.

hespress.com