ألقى عبد اللطيف كيداي، عميد كلية العلوم بالتربية، بمسؤولية ضعف البحث العلمي والتربوي في المغرب على الباحثين، لعدم قدرتهم على نشر أبحاثهم في المجلات العلمية ذات التأثير، رغم التحفيزات المخصصة لهم.
وقال كيداي في ندوة رقمية نظمتها جمعية أماكن لتحسين جودة التعليم، بشراكة مع المكتبة الوسائطية بالرباط، مساء الجمعة، إن مشكلة ضعف البحث العلمي في المغرب راجعة بالأساس إلى “عدم وجود باحثين جيّدين قادرين على إنجاز بحوث من المستوى الرفيع، خاصة باللغة الإنجليزية”، وأضاف أن ما يُنشر من البحوث العلمية من طرف الباحثين الجامعيين المغاربة لا يُنشر في المواقع العلمية التي لها تأثير على المستوى العالمي، ما يجعل نطاق إنتاجهم محدودا، وتابع: “ليس هناك باحثون جيدون يمكن أن يصلوا بالبحث العلمي إلى العالمية رغم وجود تحفيزات مهمة”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن الدولة تبذل مجهودات لتطوير البحث العلمي، عن طريق رصد ميزانيات للبحث في مختلف العلوم، إضافة إلى تحفيزات، مبرزا أن جامعة محمد الخامس بالرباط تخصص مبلغا ماليا تحفيزيا بقيمة خمسين ألف درهم لكل باحث ينشر بحثا في مواقع علمية مرموقة، “ولكن نادرا ما يُقدم بحث جيد”.
ونادى عميد كلية علوم التربية بتغيير مناهج تكوين الباحثين في الجامعة المغربية، معتبرا أن “زمن الأستاذ التقليدي والطالب التقليدي انتهى، وهذا يتطلب إعداد باحث قادر على مواكبة التطورات العالمية المتسارعة، والاستفادة من التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي والمعرفة التي تتركز على الدقة والذكاء”، مضيفا: “اليوم هناك مَعيرة للبحث العلمي، وللأسف فإن باحثينا مازالوا يعيشون في الماضي، وبعيدين جدا عن مَعيرة البحث العلمي”.
وتوقف كيداي عند مشكل عدم التمكن من اللغة الإنجليزية، الذي يحُول دون تمكّن الطلبة من الاستفادة من المعرفة الهائلة التي تتيحها قواعد البيانات العالمية، رغم أن الجامعات المغربية تتيح الولوج إليها مجانا.
وإذا كان الباحثون المغاربة يواجهون صعوبات في إيصال إنتاجهم إلى العالمية فإن أثر ما يُنتج من البحث العلمي، حتى على الصعيد المحلي، يظل محدودا، إذ أشار كيداي إلى أن أبحاث الدكتوراه تظل حبيسة رفوف الجامعات، ولا يتم تسويقها لتنعكس على المحيط الاقتصادي والاجتماعي.
وانتقد المتحدث الفردانية التي تسم عمل الباحثين المغاربة، قائلا: “يشتغلون ويبحثون لأنفسهم، بينما البحث العلمي يتطلب العمل الجماعي، كما هو الحال في الجامعات العالمية المرموقة، حيث يقوم الباحثون بأبحاث مشتركة، بينما نحن ما نزال تقليديين في ممارسة البحث العلمي”.
ودعا كيداي إلى “عدم تبخيس المجهودات المبذولة لتطوير البحث العلمي في المغرب، رغم وجود معيقات”، معتبرا أن “العائق الأساسي لا يكمن في الموارد المالية، بل في طرائق تكوين الباحثين”، ومشددا على ضرورة “القطْع مع قبول الباحثين في سلك الدكتوراه إذا لم يكونوا مؤهلين”.
وأضاف المتحدث ذاته: “قبول الطلبة الباحثين في سلك الدكتوراه ينبغي أن يقوم على معايير دقيقة وصارمة، وألا يُقبل أي طالب إلا إذا كانت له القدرة على النشر العلمي العالمي”، وتابع: “أحيانا لا يستطيع الطالب نشر مقاليْن علميين اثنين، فكيف سيكون باحثا؟ بل كيف يتمّ قبوله في سلك الدكتوراه؟”.