ما زالت السيول التي غمرت القطب المالي تثير الجدل في الأوساط السياسية والمدنية بالمغرب، نظرا لغياب أي تحقيق رسمي بخصوص الوقائع التي تسببت في “غرق” المنازل من جهة، وتضرّر ممتلكات المواطنين من جهة ثانية، في ظل عدم اتخاذ أي إجراءات عملية من شأنها تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

ودخلت الجبهة الاجتماعية المغربية على خط الأزمة، معتبرة أن “الأمطار قد كشفت عن هشاشة البنيات التحتية المهترئة، وحجم الفساد المستشري في مجلس المدينة، وتلاعبات التدبير المفوض”، داعية إلى فتح تحقيق في الموضوع بغية إقالة المسؤولين عن تلك “الجرائم”.

وطالبت الجبهة بـ”إعادة الاعتبار للمرفق العمومي، وإلغاء سياسة التدبير المفوض التي خلفت الكوارث”، مبرزة أن مسؤولية “فيضانات” الدار البيضاء تتوزع بين مجلس المدينة وشركة “ليديك”، معربة، في الوقت نفسه عن استعدادها للانخراط في مسلسل ميداني تصعيدي.

وفي هذا السياق، قال يونس فراشين، المنسق الوطني للجبهة الاجتماعية المغربية، إن “التساقطات المطرية ألحقت أضراراً كبيرة بممتلكات المواطنين والشركات أيضا، غير أن كل الأطراف المعنية بالواقعة تتهرب من تحمّل مسؤوليتها، فشركة ليديك الفرنسية تدعي أنها غير مسؤولة بتاتاً عما جرى بعدما نفّذت محفظتها الاستثمارية بالكامل”.

وأضاف فراشين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “مجلس المدينة لم يتحمل كذلك مسؤوليته في الفيضانات التي شهدتها مدينة الدار البيضاء، ليبقى المواطن البيضاوي هو الضحية في نهاية المطاف”، معتبرا أن “المسؤولية يتقاسمها ثلاثة أطراف بدرجات متفاوتة”.

وأوضح الفاعل المحلي أن “مجلس المدينة يمثل السكان، لأنه الجهة المنتخبة التي صوّت عليها المواطنون؛ ومن ثمة من المفروض أن يحاسب الشركة الفرنسية التي تعد الطرف الثاني فيما وقع، لأنها استنزفت جيوب المغاربة منذ سنوات دون أي مساءلة، ناهيك عن وزارة الداخلية التي تمثل سلطة الوصاية، حيث يُفترض أن تمارس مهامها الرقابية على الشركة”.

جدير بالذكر أن الدار البيضاء عرفت تساقطات مطرية مهمة أفضت إلى تعطيل حركة السير والجولان بمجموعة من “النقاط السوداء” التي غمرتها المياه بشكل كلي، الأمر الذي استحال معه عبور المركبات إلى حين تدخل المصالح المعنية بشركة “ليدك” لمعالجة الوضع.

وترى شرائح مجتمعية كبرى أن إشراك القطاع الخاص، الوطني والدولي، في تدبير المرافق العمومية عن طريق عقود التدبير المفوض لم يعطِ الثمار المرجوة منه، بالنظر إلى عدم إسهامه في تحسين الخدمات العمومية مثلما كان منتظرا، بل إن تلك العقود أعطت نتائج عكسية ببعض المدن.

hespress.com