في الطريق إلى جبال توبقال وجماعات أوكايمدن وأسني ومولاي إبراهيم بجبال الأطلس الكبير الغربي في إقليم الحوز، تقع عيناك على بناية وحيدة تشكل مقرا للجماعة الترابية أغواطيم، التي تبلغ مساحتها 290 كيلومترا مربعا، وتتكون من 97 دوارا.

وتشكو هذه الجماعة الحديثة النشأة، التي أنجبت مقاومين بالحركة الوطنية، من غياب تام لمشاريع تنموية، وتعاني من الافتقار إلى الموارد المالية، ما يجعلها من أفقر الجماعات بإقليم الحوز.

مبارك الغدوي، من أبناء دوار بلعباس، أوضح أن “شباب الجماعة يعيشون مصيرا مجهولا، لغياب منطقة صناعية بمخطط التنمية المحلية، رغم معاناة هذه الفئة العمرية التي تخرج في الصباح الباكر وتقصد مدينة مراكش من أجل البحث عن لقمة عيش مرة”.

وفي تصريح لهسبريس، قال الناشط الجمعوي إن “95 في المائة من خيرة شباب المنطقة الحاصلين على شهادات عليا، ومنهم حرفيون مبدعون مهرة، يقصدون مراكش باستعمال الدراجات النارية، عبر دوار بوعزة على مستوى طريق جماعة أوريكة، إلى حدود الحي الصناعي بالمدينة الحمراء، فيتعرض بعضهم لحوادث السير”.

وتأسف الغدوي لغياب فضاء يستوعب مؤهلات شباب الجماعة، الذين يبحون عن منطقة توفر لهم فرصة استثمار قدراتهم، مضيفا: “حتى النساء يعانين الأمرين لقلة ذات اليد، بسبب غياب فرص الشغل التي يمكن أن توفرها منطقة صناعية بالجماعة التي تتوفر على أراضي “الجيش””.

لقد حاولت نساء الجماعة تأسيس تعاونيات، لكن مشكل التسويق كان وراء فشل استمرارهن في هذا المشروع، يورد المتحدث نفسه مؤكدا أن “الجماعة التي أحدثت، أخيرا، في حاجة إلى التفكير في تمكينها من موارد مالية، فلا أسواق جماعية بها، والمقالع في حاجة إلى تدبير عقلاني حكيم”.

وضعت جماعة أغواطيم مخططا لتحديد الآفاق المستقبلة، وتحقيق التنمية المحلية، من قبيل إحداث منطقة صناعية، وتوفير أماكن رياضية للشباب، وإنشاء مصحة متخصصة وغير متخصصة، يقول حميد الغراس، رئيس جمعية اتحاد أغواطيم الشمالي للتنمية.

وتابع الغراس قائلا في تصريح لهسبريس: “الجماعة التي يقطنها تقريبا حوالي 34 ألف نسمة، بها مركز صحي واحد بدوار بن الشيخ ومستوصفان بابن كبور وتدرارة، وتفتقر إلى ثانوية إعدادية، رغم تنصيص المخطط الجماعي على إنشاء مستوصف متنقل، وتقريب العدل من المواطنين بإنشاء محكمة، وإحداث إعدادية وثانوية ومعهد إسلامي”.

وأوضح الفاعل الجمعوي أن الهرم السكاني لجماعة أغواطيم يتشكل من حوالي 60 في المائة من الشباب، ورغم ذلك فلا منطقة صناعية لمواجهة البطالة والحد من هجرة هذه الفئة إلى مدينة مراكش، ولا إعدادية لمحاربة الهدر المدرسي.

وأجمع الغدوي والغراس على أن الصحة معضلة بالمنطقة، ما يخلق معاناة مزدوجة للنساء قبل وبعد الحمل، وبالخصوص ما يتعرضن له من أمراض، ناهيك عن مشكل التنقل إلى مدينة تحناوت.

وللاستفسار عن انشغالات السكان، ربطت هسبريس الاتصال برئيس جماعة أغواطيم، الذي رتب موعدا مع الجريدة فأخلفه، لكن نائبه الرابع، لحسن بوراس، رد بأن التنمية بالمنطقة متأخرة جدا، لأن الجماعة تفتقر إلى الموارد المالية.

أما على مستوى التعليم، فالمنطقة تعاني من الهدر المدرسي، مضيفا: “تمت برمجت ثانوية إعدادية بالقرب من مقر الجماعة، خلال الموسم الدراسي 2019 / 2020، لكن ذلك لم يتحقق، في وقت نعاني فيه من مشكل الهدر المدرسي، لأن نسبة 10.6% فقط هي التي تتمكن من متابعة تعليمها بالمستوى الإعدادي”.

وزاد النائب نفسه موضحا أن “الجماعة تدخلت خلال هذه الولاية للتخفيف من الهدر، عبر توفير الإقامة لحوالي 170 تلميذا(ة) بدار الطالبة في مدينة تحناوت لمتابعة دراستهم بإعدادياتها، ما جعلنا نحظى بنسبة 46 في المائة من التحصيل الدراسي خلال الموسم الدراسي الحالي”.

أما فيما يخص القطاع الصحي، فيطرح نفسه بحدة بجماعة تضم حوالي 30 ألفا و700 نسمة، وتتوفر على مركز واحد بدوار بن الشيخ، ومستوصف بدوار تدرارة بني على عقار تبرع به محسن، وكان يؤدي المستحقات المالية للمرض، إلى أن تبنته وزارة الصحة، فأضحى يتوفر على ممرض يتغيب في معظم الأحيان، فيما مرضى ما يقارب 13 مدشرا يعانون في صمت.

أما مستوصف بن كبور بسيدي بوعمر، فهو في أغلب الأحيان مغلق، يضيف بوراس، مؤكدا أن “الأمهات يعانين لحظة التلقيح حين ينتقلن إلى مدينة تحناوت، ويكون الرد لديكم مستوصف بالجماعة رغم أنه خارج الخدمات الصحية”.

ومن أجل توفير الموارد المالية للجماعة، فـ”إننا نترافع من أجل إحداث سوق أسبوعي، ونحاول برمجة حي صناعي، لكن لحدود الآن لم نوفق في ذلك بهذه الجماعة الشاسعة”، يختم لحسن بوراس.

يوسف أيت حدوش، المدير الإقليمي للتربية والتكوين بإقليم الحوز، أوضح، من جهته، أن إعدادية أغواطيم تعتبر من بين أولويات المديرية، نظرا للعدد الكبير من المتمدرسين الذين يتابعون دراستهم بتحناوت، لتقريب هذه المؤسسة من عدد من الدواوير بالجماعة، ومحاربة الاكتظاظ الذي تعرفه إعدادية الرازي بعاصمة الإقليم، وتقليص معاناة التلميذات والتلاميذ.

وزاد المسؤول عينه موضحا: “تدخل هذه المؤسسة في إطار برنامج المديرية الإقليمية مع شراكها، لبناء ثانوية إعدادية بكل جماعة في الإقليم، لتحسين وتطوير الخدمة التربوية، وتقريبها من التلاميذ لمحاربة الهدر المدرسي، وتحسين ظروف استقبال التلاميذ بالعالم القروي”.

وأكد مولاي أحمد لكريمي، المدير الجهوي للتربية والتكوين، أن المديرية الإقليمية ترافعت بشأن هذه الإعدادية لمدة ثلاث سنوات خلت، وتم إعداد الدراسات الخاصة بالبناء برسم السنة المالية 2020.

وأضاف المسؤول نفسه، في تصريح لهسبريس، “بعد برمجتها سنة 2020، حالت الجائحة دون بنائها، فتم الاحتفاظ بإنجاز الدراسة، وتمت برمجة صفقتها برسم ميزانية 2021، وسيتم قريبا انطلاق أشغال هذه الثانوية الإعدادية”.

وأكد لكريمي وأيت حدوش أن التحضيرات الإدارية جارية الآن لإطلاق صفقة الأشغال، لتكون جاهزة لاستقبال التلاميذ برسم الدخول المدرسي شتنبر 2022.

وفي انتظار إحداث هذه المؤسسة التعليمية، تجندت عمالة إقليم الحوز، والمجلس الإقليمي، لتوفير حافلات النقل المدرسي، حيث قامت أخيرا بتوزيع 17 سيارة، تم اقتناؤها بمبلغ إجمالي يقارب 5 ملايين درهم، و16 أخرى وفرتها جهة مراكش آسفي، لمحاربة الهدر المدرسي، وتسهيل الولوج إلى المؤسسات الدراسية، تقول مصادر هسبريس من إقليم الحوز.

وتروم هذه العملية تعزيز أسطول النقل المدرسي بالإقليم، وتسهيل ولوج تلاميذ الجماعات الترابية إلى المؤسسات التعليمية، من أجل محاربة الهدر المدرسي وتشجيع تمدرس الفتاة بالعالم القروي.

وأكدت المصادر ذاتها أن قطاع الصحة يعاني بالإقليم، مستدلا بمعاناة العديد من المرضى الذي يقصدون المستشفى الإقليمي من قرى جبال الأطلس الشاهقة، ما دفع عامل الإقليم إلى التدخل في أوج الحالة الوبائية، وتكليف باشا تحناوت بتدبير الفترات الحرجة، من أجل تمكين المواطنين من الولوج إلى الخدمات الصحية.

hespress.com