تعد جماعة إنشادن بإقليم اشتوكة آيت باها واحدة من الجماعات السهلية التي تزخر بمؤهلات عديدة، أبرزها واجهة بحرية أطلسية تحتضن محطة ضخمة لتحلية مياه البحر، إلى جانب عدد هائل من الضيعات الفلاحية العصرية ووحدات تلفيف الخضر، فضلا عن تواجد مراكزها الثلاثة (مركز تن منصور، أربعاء آيت بو الطيب وقهوة الرومية) على الطريق الوطنية رقم 1، الرابطة بين شمال المغرب وجنوبه وإفريقيا، مما فرض على الجماعة إكراهات مرتبطة بالبنيات والخدمات الأساسية نتيجة التحولات العميقة في المجالين الديمغرافي والعمراني.

ويرى الفاعل الجمعوي عبد الله دكاير أن المراكز الصاعدة والتكتلات السكانية بجماعة إنشادن يعتريها التهميش منذ زمن طويل، “فبعد التدفق البشري بفعل فرص الشغل المتاحة في المجال الزراعي، تدخلت الجمعيات لتزويد المراكز بالكهرباء والماء الصالح للشرب. لكن بالمقابل غابت المرافق الاجتماعية والرياضية والتعليمية والتهيئة المجالية الحقيقية. كما شهدت هذه المراكز والتكتلات انتشار ظواهر سلبية كتنقل الساكنة إلى أسواق أسبوعية تقع بجماعات مجاورة بغرض التبضع، وغياب شخصية عمرانية وهندسية محلية، وغياب فضاءات للترفيه، وضيق الطرق، والاعتداء على الملك العمومي، وغياب علامات التشوير البارزة، وتزايد النفايات، وبروز ظاهرة الكريساج…”، يقول الفاعل الجمعوي ذاته.

ويشير دكاير إلى أن جماعة إنشادن تعد واحدة من المناطق التي استقبلت استثمارات ضخمة في المجال الزراعي. غير أنه في المقابل، يضيف الفاعل الجمعوي ذاته، برزت مشاكل اجتماعية واقتصادية وبنيوية، تمثلت في “انتشار البناء العشوائي، وتزايد معدل الجريمة، والتفكك الأسري، واستعمال المبيدات الكيماوية التي تهدد البيئة والبشر، وتصاعد مظاهر الانحلال الأخلاقي. ونلاحظ في جانب آخر أن التوسع العمراني للمنطقة يتم بشكل طولي على الطريق الوطنية، وكذا في داخل الدواوير، ويمتد إلى المجال الفلاحي. كما تنتشر وحدات إنتاج الدواجن، التي لا يحترم بعضها معايير السلامة البيئية. فيما تشتكي الساكنة المحلية من تعقيدات الحصول على رخص البناء في غياب إعادة الهيكلة داخل الدواوير، وهذا ما ساهم في تكاثر البنايات المغشوشة التي لا تليق بالعيش الكريم”.

ورغم أن امتداد جماعة إنشادن لا يقل عن 15 كيلومترا على مستوى الواجهة الأطلسية، فهي “تعاني من جميع أصناف التهميش، ومن غياب بنيات تحتية شاطئية ومرافق صحية، إضافة إلى كثرة النفايات في فصل الصيف، وغياب الماء الشروب والكهرباء، وانعدام علامات التشوير.. كل هذا يستدعي التفكير في مخطط تسويقي من قبيل مشاريع سياحية، وتشجيع الرياضات البحرية والصيد التقليدي، وبناء ميناء بحري مناسب ومرافق صحية. وكل ذلك سيساهم لا محالة في الدفع بعجلة التنمية المتنوعة في المنطقة. فتدخل الجماعة المحلية لم يعد محصورا في التدبير المحلي الكلاسيكي والعادي، بل أصبحت اليوم تلعب أدوارا طلائعية تشمل مجالات تنموية اقتصادية واجتماعية وثقافية وتعليمية وغيرها، من أجل تجاوز تلك المعيقات التنموية”، يقول دكاير.

وصلة بمسؤولية المجلس الجماعي عن عدد من “التعثرات” التنموية، يعيب الفاعل الجمعوي ذاته على رئاسة المجلس الحالي ومكتبه “القرارات التنموية لأزيد من 20 سنة، عمر تدبير الرئيس لشؤون الجماعة، وتجاهله مقترحات المجتمع المدني والقفز عليها، وأحادية صنع القرار دون مراعاة المنطق التشاركي في مختلف مراحل إعداد المشاريع، من التشخيص والبرمجة إلى التنفيذ والتقييم ثم المحاسبة في إطار الشفافية”.

ومن أجل تفعيل حكامة معقلنة يرى دكاير أنه يلزم “وضع مخطط تنموي استراتيجي يتضمن برامج مدروسة وقابلة للتنفيذ، وتأهيل العنصر البشري لتتبع ومواكبة جميع البرامج التنموية، واستشارة وإشراك الهياكل الموازية والهيئات المدنية والشرائح الاجتماعية في المخطط الجماعي، مع تقييم مستمر ومراقبة داخلية للمعيقات التنموية، وخلق مشاريع مربحة جديدة لإنعاش المداخيل ولتمويل المخطط، وتقريب الإدارة من المرتفقين”.

وفي معرض رده على ما سبق، أكد رئيس المجلس الجماعي لإنشادن، لحسن فتح الله، في تصريح لهسبريس، أن “ما تحقق واضح ولا يحتاج إلى تفسير، وقد اعتمدنا في ذلك على برنامجنا الحزبي، ويمكن ألا يروق تنفيذه للبعض، ولكننا فخورون بما تحقق، إذ يرتكز على مستويات أساسية، هي التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والبنيات التحتية والخدمات الإدارية والشبابية. فعلى مستوى التعليم تم تجديد جميع المؤسسات التعليمية الابتدائية بشراكة مع الشركاء: خمس مجموعات مدرسية والسادسة في الطريق. كما تم إحداث ثانوية تأهيلية، بشراكة مع وزارة التربية، وهي الأولى في تاريخ المنطقة، والثانية في الطريق. أما على مستوى التعليم الإعدادي، فقد تم إحداث إعداديتين والثالثة في الطريق، بعد أن وجدنا الجماعة بدون إعدادية. وفيما يخص روض الأطفال والتعليم الأولي، فقد أعدت العديد منها، وبنيت ست قاعات للتعليم الأولي، بشراكة مع الجمعيات، وتسع أخرى في الطريق، بالإضافة إلى المساهمة، رفقة الجمعيات، في اقتناء وتسيير أسطول النقل المدرسي لتشجيع التلاميذ على التفوق”.

وتابع المسؤول ذاته قائلا: “على مستوى الطرق لم نجد ولو مترا واحدا معبدا داخل الدواوير، فقمنا بربط جميع الدواوير بالطريق الوطنية عبر طرق معبدة، أي حوالي أكثر من 80 كلم، بعد توسيعها”.

وفي ما يخص الماء الشروب، أوضح رئيس الجماعة أن “المجلس قام، بشراكة مع الجمعيات، بإحداث نقط لتزويد جميع الدواوير بالماء الشروب (إحداث أكثر من 16 صهريجا مع التجهيز الكامل)”.

وفي مجال الكهرباء “عمل المجلس على توسيع الشبكة وربط جميع الدواوير بها، بشراكة مع الجمعيات والمكتب الوطني للكهرباء”، يضيف فتح الله.
أما فيما يتعلق بقطاع الصحة فقال: “لم نجد سوى بناية متهالكة للتداوي، فسلمنا مقر الجماعة إلى وزارة الصحة لتوفير مركز أفضل، وهو اليوم يجدد بالكامل”.

وبخصوص الخدمات الاجتماعية، أكد المصدر ذاته أن جماعة إنشادن جعلتها ضمن أولوياتها، مضيفا “لقد وضعنا سيارات الإسعاف رهن إشارة الساكنة مجانا وبشكل يومي، كما وضعنا حافلتين رهن إشارة مرضى القصور الكلوي لنقلهم يوميا للاستشفاء بالمجان، مع دعم الجمعية ماديا. كذلك ساهم المجلس في اقتناء سيارات لنقل ذوي الاحتياجات الخاصة، وحافلة لنقل الفرق الرياضية بالمجان، بالإضافة إلى المساهمة ماديا مع الجمعيات العاملة في مجال جمع النفايات، أضف إلى ذلك الخدمات التي تقدمها الجماعة بالمجان في هذا المجال”.

وفي ما يتعلق بالمراكز الجماعية، أوضح رئيس الجماعة أنه “تم بذل مجهود كبير في تنميتها رغم كثرتها. وبخصوص انتشار البناء العشوائي، فالمجلس الجماعي صارم في الترخيص داخل مجال إلزامية الرخصة، إذ أن أمر المراقبة والزجر موكول إلى السلطة المحلية. أما منح وثيقة ما يطلق عليه بـ”الإشهاد”، فهو لتحديد المناطق الموجودة خارج إلزامية الرخصة، والحيلولة دون انتشار التجزئات السرية، التي نواجهها بكل الوسائل المتاحة، رغم أن أمر التتبع والزجر من اختصاص السلطة. ونحن نؤكد أن الأمر يسير وفق ما تنص عليه القوانين”.

وفي ختام تصريحه، قال رئيس المجلس الجماعي لإنشادن: “رغم ضعف ومحدودية الإمكانات، فإن المجلس الجماعي فخور بما تحقق في الواقع، إذ تم تنزيل أكثر من 80 بالمائة من برنامج عمل الجماعة، غير أننا لا نتقن عمليات تلميع الصورة عن طريق الإعلام “الفايسبوكي”، وإن كان المواطن يعرف الحقيقة”.

hespress.com