يحل اليوم العالمي لحرية الصحافة في ظلّ وجود عدد من “الملفات العالقة”، المرتبطة أساسا باستمرار اعتقال صحافيّين تطالب هيئات مدافعة عن حقوق الإنسان بإطلاق سراح بعضهم ومتابعة الآخرين في حالة سراح.
نقابة الصحافيّين: “حرية الصحافة تراوح مكانها”
قبل أيام من اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يوافق الثالث من ماي من كل سنة، قالت النقابة الوطنية للصحافة المغربية إنها تتابع “بقلق بالغ التطورات المتعلقة بمحاكمة الزميلين سليمان الريسوني وعمر الراضي في حالة اعتقال”، وجددت “التأكيد على موقفها الذي أعلنته منذ الإعلان على متابعة الزميلين في حالة اعتقال، حيث طالبت بمحاكمتهما في حالة سراح بسبب توفرهما على جميع ضمانات الامتثال للمحاكمة العادلة”.
كما استنكرت النقابة في بيان لها يوم 23 أبريل الماضي، “الحملات التي تستهدف الذين تقدموا بالشكايتَين، والتشهير الذي تعرض له الزميلان المعتقلان”، مسجّلة “احترامها لاستقلالية القضاء الذي يبقى المخول الوحيد لاستجلاء الحقيقة فيما جرى”.
وفي ملخص تركيبي حول وضع الصحافة بالمغرب، قالت النقابة إن الصحافيين والصحافيات المغاربة قد عاشوا خلال السنة الجارية (2021)، “ظروفا قاسية جدا بسبب تداعيات انتشار وباء كورونا”، مضيفة أنه “رغم الدعم المالي الاستثنائي الذي خصصته الحكومة في السنة الفارطة لدعم المقاولات الصحافية الورقية والإلكترونية وقطاعي الطباعة والنشر، والذي كان له جزء كبير من الفضل في ضمان بقاء العديد من وسائل الإعلام على قيد الحياة، فإن صرف هذا الدعم تم خارج إطار عقد البرنامج الذي أصبح متجاوزا منذ أكثر منذ سنتين، ولم تبادر الأطراف المعنية به من وزارة وصية وناشرين إلى تجديده وتحيينه”.
وتحدّثت النقابة الوطنية للصحافة المغربية عن وقف إصدار جريدة “أخبار اليوم” من طرف ملاكها “بطريقة تشوبها مظاهر الشطط وهضم حقوق الصحافيين والصحافيات”، حيث “في تجاوز خطير لقانون الشغل، ولباقي القوانين، أقدم هؤلاء الملاك على توقيف الجريدة والطرد التعسفي لجميع العاملين فيها”.
وترى نقابة الصحافيين أن حرية الصحافة بالمغرب “ظلت تراوح مكانها خلال السنة الفارطة”، موردة أنه “إذا كان من الصعب إنكار وجود هذه الحرية في وسائل الإعلام الوطنية، من الصعب أيضا تجاوز القول بأن أدوار الإعلام تزداد أهمية مع مرور الوقت، فإنه لا يمكن التغافل عن وجود العديد من الإكراهات التي تعيق هذه الحرية. من ذلك أن واقع الحال يفرض نوعا من الرقابة الذاتية على الصحافيين”.
وسجلت النقابة “تواصل إمكانية تسجيل متابعة الصحافيين في قضايا تتعلق بالصحافة والنشر بقوانين أخرى غير قانون الصحافة، خاصة بالقانون الجنائي”، الشيء الذي “يفرغ قانون الصحافة والنشر من محتواه، ويجرده من أية مشروعية أو أهمية”.
كما تحدثت النقابة عمّا عرفته هذه المرحلة من “إصرار على متابعة بعض الصحافيين في حالة اعتقال، رغم توفرهم على جميع ضمانات الامتثال للقرارات القضائية”، مضيفة أنه “بغض النظر عن موضوع المتابعات الذي يبقى من اختصاص القضاء، فإن روح العدالة تقتضي إعطاء الأولوية لقرينة البراءة بما يستوجب ذلك من متابعة في حالة سراح”.
وذكرت النقابة أن “أخلاقيات هذه المهنة النبيلة” قد عرفت خلال هذه الفترة “خروقات واختلالات غير مسبوقة في بعض وسائل الإعلام، خصوصا الإلكترونية، منها السب والقذف والتشهير ونشر الأخبار الكاذبة واستغلال صور الأطفال والقاصرين والإساءة إلى صورة المرأة، وغيرها من مظاهر الإساءة إلى مهنة الصحافة والإعلام”، وهو ما “يسيء إلى حرية الصحافة؛ حيث يتم توظيف وتسخير هذه الحرية لتحقيق أهداف تجارية أو لتصفية حسابات معينة”.
“الجمعية”: “استمرار انتهاكات حرية الصحافة”
بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكبر الجمعيات الحقوقية بالمملكة، إن وضع الإعلام بالبلاد يشهد “استمرار انتهاكات حرية الصحافة تشريعا وممارسة، حيث تراجع المغرب بثلاث نقط في ترتيب منظمة مراسلون بلا حدود مقارنة مع سنة 2020، أو صُنِّف ضمن البلدان التي تعاني من وضعية صعبة، حيث احتل المرتبة 136 ضمن 180 بلدا في مؤشر حرية الصحافة في العالم”، وهو ترتيب تقول الجمعية إن “الأوضاع المتردية لحرية الصحافة” تؤكّده، حيث يوجد “حصار الصحافة المستقلة، والقمع الممنهج للصحافيين المستقلين والمدونين ومستعملي وسائط التواصل الاجتماعي للتعبير وتبادل الأخبار وتلقّيها”.
وسجّلت الجمعية “غياب الضمانات الدستورية والقانونية الكافية لحماية الحق الأساسي في حرية الصحافة، واستمرار اللجوء إلى القانون الجنائي عوض قانون الصحافة والنشر لمتابعة الصحافيين بسبب التعبير عن آرائهم، ولتجريم التعبير المشروع عن الرأي، بما في ذلك عبر الانترنيت”، مع “مواصلة حملات الاعتداءات والمتابعات والاعتقالات التعسفية والمحاكمات غير العادلة ضد الصحافيين والمدونين، علما أن العديد منهم ما زالوا في السجون، من بينهم المعتقلون على خلفية حراك الريف”.
وذكّرت الجمعية بـ”غياب أي تحقيق فيما نشرته المنظمات الحقوقية الدولية، وبيانات المعنيين، في ما أقدمت عليه السلطات الأمنية المغربية، من مراقبة لمحتويات شبكة الإنترنيت، واستهداف الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ببرنامج تجسس يدعى (بيغاسوس) تابع لشركة (إن إس أو) الإسرائيلية، واعتراض الاتصالات وانتهاك الحق في الخصوصية، دون اعتبار للمعايير الدولية ذات الصلة ومبادئ الشرعية والضرورة والتناسب”.
وعدّدت الجمعية مجموعة من “الاعتقالات بسبب التعبير عن الرأي” التي عرض المعنيون بها “لمحاكمات جائرة وزج بهم في السجون ظلما”، ومن ضمنهم “اليوتوبر شفيق العمراني، والناشط الفبرايري ادريس بوطرادا، والصحافي عادل البداحي، وغيرهم”، مع “استمرار استدعاءات السلطات للمدونين بسبب التعبير عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وإصدار أحكام جائرة ضدهم، ومن ضمنهم صفية المخلوفي وسهام المقريني ومحمد جفى”.
الجمعية تحدثت أيضا عن “استمرار الاعتقال التعسفي للصحافي توفيق بوعشرين بالرغم من وجود رأي لفريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي الذي وقف على الانتهاكات المتعددة للحق في المحاكمة العادلة خلال محاكمته واعتبر اعتقاله تعسفيا ومرتبطا بعمله كصحافي، وطالب الدولة المغربية بالإفراج عنه وتعويضه”.
كما سجلت الهيئة الحقوقية “استمرار أطوار محاكمة المعطي منجب، الرئيس السابق للجمعية المغربية للصحافة الاستقصائية، ورفاقه بتهم خطيرة، تتعلق بالمس بسلامة أمن الدولة الداخلي، وزعزعة النظام العام، انتهت باعتقاله، وإصدار أحكام جائرة في حقهم، دون حضوره، بعد إضافة تهمة غسل الأموال لمنجب، مما أدى به إلى الدخول في إضراب عن الطعام، وإطلاق سراحه دون وقف متابعته”.
وفي اليوم العالمي لحرية الصحافة، قالت الجمعية إن الدولة ومؤسساتها “تستمر في فرض احتكارها ووصايتها على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وإغراق بعض المؤسسات الإعلامية بغرامات مالية كبيرة إثر دعاوى قضائية ضدها، لدفعها إلى الإفلاس المالي، ومن ثم إغلاقها (…) واستمرار وصايتها على جل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وعدم انفتاح الإعلام العمومي على مختلف الآراء والمواقف، بما في ذلك المعارضة للسياسات الرسمية”.
وجدّدت الجمعية، في بيانها، المطالبة بـ”الإفراج عن الصحافيين عمر الراضي وسليمان الريسوني المعتقلين دون محاكمة، خاصة أن وضعهما الصحي متدهور بسبب الإضراب عن الطعام الذي خاضاه ومازال سليمان الريسوني مستمرا فيه منذ 8 أبريل الماضي، مما يشكل تهديدا حقيقيا لحياته”. كما طالبت بـ”الإفراج عن كل المدونين المعتقلين تعسفا، ومن ضمنهم شفيق العمراني المضرب عن الطعام منذ اعتقاله يوم 7 فبراير، إنقاذا لحياته وسلامته البدنية”.
وألحت الجمعية أيضا على “وجوب جعل الصحافة، وعلى رأسها وسائل الإعلام العمومية، في خدمة قيم حقوق الإنسان والتربية عليها، وقضايا المواطنات والمواطنين، ومناهضة الكراهية والعنصرية والعنف، وفتح المجال أمام كل الهيئات والمشارب الفكرية والسياسية والثقافية للتعبير عن آرائها والاستفادة من خدمات الإعلام العمومي.”
“العصبة”: “انتهاكات لحق الرأي والتعبير”
بدورها، تأسّفت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، بـ”عمق” لـ”الانتهاكات الحقوقية التي تطال الصحافيين والصحافيات، وكل حامل لواء حرية الرأي والتعبير”، معتبرة هذا الموعد الدولي “فرصة لتسليط الضوء على أعمال العنف والتضييق والاعتقالات والمحاكمات في حق الصحافيات والصحافيين المضطهدين بسبب إبداء الرأي”.
ونبّهت العصبة إلى “استمرار متابعة الصحافيين في حالة اعتقال، وخارج المساطر القانونية المعمول بها، أو على أساس القانون الجنائي الذي يشكل إخلالا واضحا بأحكام الفصل 28 من الدستور، الذي يضمن حرية الصحافة، والمادة 4 من القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر”، الذي ينص على “وجوب الاقتصار على هذه النصوص في كل القضايا المتعلقة بالصحافة والنشر”.
وقالت العصبة الحقوقية إن “وجود نظامين قانونيين بخصوص جرائم النشر، أمر يبعث على القلق، حيث إن استبعاد التشريع المتعلق بالصحافة والنشر كليا في القضايا ضد الأفراد الذين يمارسون حرية التعبير خارج المنشآت الصحفية، ومن خلال الوسائط الجديدة للنشر، واستبداله بالقانون الجنائي، يعدّ أمرا مخالفا للمعايير الدولية التي تقضي بوجوب احترام مبدأ الأمن القانوني ومبدأ المساواة بين الأفراد في ممارسة جميع حقوقهم، ومن بينها الحق في حرية التعبير، كما أنه ضرب للمبدأ الراسخ في التشريع الجنائي المتعلق بوجوب تطبيق القوانين الأصلح للمتهم”.
وتضامَنت الهيئة الحقوقية “مع كل الصحافيات والصحافيين الذين تعرضوا للقمع والتضييق والتشهير والملاحقة القضائية والاعتقال”، وجدّدت مطالبتها بـ”إطلاق سراح كافة الصحافيين المعتقلين ومعتقلي الرأي، ووقف المتابعات في حقهم بالاستناد إلى مقتضيات القانون الجنائي”؛ مع دعوتها “السلطات المعنية” إلى “استحضار روح القانون، وإعلاء قِيَمه النبيلة من خلال تمتيع الصحافيين سليمان الريسوني وعمر الراضي بالحق في السراح من أجل التمكن من إعداد الدفاع وضمان المحاكمة العادلة لهما”.
وجدّدت العصبة “تنبيهها للمجلس الوطني للصحافة من أجل استعمال الصلاحيات التي يخولها له القانون في مجال التأديب، وملاحقة صحافة التشهير، وذلك من خلال تفعيل عقوبة الحرمان من البطاقة المهنية في حق المواقع الإلكترونية والجرائد المختصة في التشهير”، كما دعت “مؤسسة النيابة العامة إلى ضرورة الالتزام بمقتضيات القانون المتعلق بالصحافة والنشر، باعتبارها جهازا للإشراف على تنفيذ السياسة الجنائية، التي يختص التشريع وحده بوضعها”.
“صحافيو الهجرات”: ” الإفراج الفوري عن الريسوني والراضي”
يعود “اليوم العالمي لحرية الصحافة”، في سنة 2021، بشعار “المعلومات كمنفعة عامة”، بهدف “تعزيز الصحافة والنهوض بتمكين وسائل الإعلام”، لكنه يتزامن بالنسبة للشبكة المغربية لصحافيّي الهجرات، مع “التراجعات التي تمس بحرية التعبير والصحافة”، وهو ما “ما يجعلنا بعيدين عن هذه القضايا الأساسية، ويحصرنا مرة أخرى في القيام بحملات لإنهاء المضايقات التي يتعرض لها الصحافيون”.
وقالت الشبكة في بيان لها: “في مغرب 2021، تستمر معاناة الصحافيين من مضايقات عدة”، مضيفة أن “أكثر القضايا دلالة على هذا التراجع في حرية الصحافة ملفات زميلَينا عمر الراضي وسليمان الريسوني، اللذين يحاكمان في قضايا وملفات الحق العام، وهما في الحبس الاحتياطي منذ ما يقرب من عام”.
وفي اليوم العالمي لحرية الصحافة، دعت الشبكة المغربية لصحفيي الهجرات إلى “الإفراج الفوري عن زميلينا”، لأن “اعتقالهما احتياطيا لم يكن مبررًا أبدًا، ولديهما كل الضمانات لمتابعة محاكمتهما في حالة سراح”. كما طالبت بـ”محاكمة عادلة لهذين الصحافيين، تحمي حقوق جميع الأطراف دون تمييز في هاتين القضيتين”.
ودقت الشبكة، التي تجمع مهنيي الإعلام المتخصصين في الهجرة، “مرة أخرى ناقوس الخطر بخصوص الوضع الصحي جد الحرج لعمر وسليمان”، محمّلة “الدولة والأجهزة المسؤولة مسؤولية ما قد يترتب عن استمرار هذا الإضراب عن الطعام بالنسبة إلى سليمان، وتبعاته بالنسبة إلى عمر، من نتائج مأساوية بدأنا نتلمس بوادرها”.
“الجماعة”: “اشتداد التضييق”
في اليوم العالمي لحرية الصحافة، قال بيان لمكتب إعلام جماعة العدل والإحسان إن هذا اليوم عاد “على وقع اشتداد التضييق والحصار، ومزيد من مصادرة حق الرأي والتعبير في مشهد إعلامي مغربي قاتم”.
وذكر بيان الجماعة أن “السلطات المغربية” قد “انتقلت في السنوات الأخيرة من سياسة استهداف المنابر الإعلامية المزعجة لها بالمصادرة والحجب والمنع من الإشهار، إلى سياسة قمعية أكثر عنفا تبدأ بالتشهير الذي تتولاه مواقع مدعومة من السلطة وغريبة عن مهنة الصحافة وأخلاقياتها، وتنتهي بالأحكام السجنية، مرورا بمحاكمات غير عادلة تفتقر لأدنى شروط التقاضي الحر والنزيه”.
هذا الأمر، يضيف مكتب إعلام جماعة العدل والإحسان، “يفوت على بلادنا وجود صحافة قوية واعية موضوعية، تمتلك مساحة استقلالية كافية لأداء أدوارها بكل مهنية ومسؤولية، ولمساهمتها في معركة بناء دولة الحق والقانون والعدل والحرية والكرامة”.
وذكرت الجماعة أنه “رغم ما عرفته السنة المنصرمة من انتشار لوباء كورونا”، إلا أن “آلة القمع لم تتوقف؛ حيث استمر سجن الصحافي توفيق بوعشرين المحكوم بخمس عشرة سنة سجنا نافذا. ولم يطلق سراح الصحافي حميد المهداوي إلا بعد أن قضى كل محكوميته التي بلغت ثلاث سنوات. ليضاف لهما خلال هذه السنة اعتقال الصحافي سليمان الريسوني وعمر الراضي الذين قضيا ما يقرب من سنة من الاعتقال الاحتياطي التعسفي قبل الشروع في المحاكمة التي تفتقر لأبسط شروط العدالة”.
وترى جماعة العدل والإحسان أن في كل هذه الملفات “يحضر منطق الانتقام، والاختلالات الحقوقية، والخلفيات السياسية، أكثر من أي شيء آخر”.
وإلى جانب هذه القضايا، يورد المصدر نفسه، تعمل السلطات المغربية “جاهدة لإسكات صوت المدونين، مثل: عدنان أحمدون، ياسر عبادي، حفيظ زرزان، شفيق العمراني، وقبلهم عبد الكبير الحر وعمر الهضيم المحكومين بأربع سنوات سجنا ظالما (…) عبر محاكمتهم”.
وذكّرت الجماعة بما شهدته سنة 2020 من محاولة تمرير القانون رقم 22.20، المعروف بقانون “تكميم الأفواه”، واصفة ذلك بـ”الاستغلال الفج وغير الأخلاقي لظروف الوباء”، وهو ما يؤكّد، بحسبها، أن “مضاعفة القيود على حرية التعبير والصحافة هو مسار ممنهج، يزكي التمرير السابق لقانون الصحافة والنشر الذي بسببه أصبح الصحافيون يحاكمون بالقانون الجنائي، بدل قانون إعلامي عادل ومنصف يضمن حق الرأي بكل حرية ومسؤولية”.
“حاتم”: “تراجع مقلق”
ترى منظمة حريات الإعلام والتعبير أن اليوم العالمي لحرية الصحافة يحلّ “بينما تعرف مؤشرات تلك الحرية في المغرب تراجعا مقلقا”، قائلة في بيان لها: “لطالما نبهت المنظمة، والحركة الحقوقية المغربية، إلى ضرورة معالجة أسباب هذا التراجع الذي يمس المصالح العليا للبلاد، بقدر ما يمس بالبناء الديمقراطي وبحقوق وحريات المواطنات والمواطنين”، بينما “كالعادة، التزمت السلطات الصمت إزاء هذا اليوم الذي يشكل فرصة لطرح الحصيلة وتدارسها مع الأطراف المعنية بحرية الإعلام مباشرة أو بشكل غير مباشر”.
وسجّلت منظمة “حاتم” أن الإعلام في المغرب قد عاش خلال فترة الجائحة “مزيدا من وضع اليد على مؤسساته وتوجيه أعماله وإفراغ مهنيته”، حيث “وصل الأمر إلى حد تحويل العديد منها إلى الدعاية الفجة والمنفرة، وتوقيف جرائد وطرد صحافيين والتقليص من أجورهم وإلغاء تعويضاتهم، وتشغيل من لا تكوين لهم ولا علاقة لهم بالمهنة (…) وشرعنة التشهير الذي يستعمل كأحد (وظائف الإعلام والتواصل)، دون حسيب ولا رادع مهني أو أخلاقي”.
وأضافت “حاتم” أن “التعسفات على الإعلاميين” تأكّدت “من خلال نموذجي الصحافيين سليمان الريسوني وعمر الراضي”، اللذين يستمر اعتقالهما لمدة تقارب السنة، “في تناقض مع الآجال المعقولة للمحاكمة، بينما تخفف المساطر وتعجل جلسات محاكمة عتاة المجرمين، ومنهم المشتبه في ارتكابهم لجرائم مالية خطيرة”.
وزادت المنظمة المدافعة عن حريات الإعلام أن استمرار اعتقال الصحافيّين عمر وسليمان، واعتبار التهم ملفقة لهما، إلى الإضراب عن الطعام، “دون أن تقوم مؤسسات الدولة المعنية بواجبها في إنقاذهما من الخطر الذي يهدد حياتهما، مما يؤكد الطابع الانتقامي لمحاكمتهما”.
ودعت “حاتم”، في اليوم العالمي لحرية الصحافة، إلى “رفع يد السلطات عن الإعلام وتمكينه ومؤسساته من الاستقلالية والحرية، ليقوم بأدواره لصالح التقدم والديمقراطية وحقوق الإنسان”، مع “مراجعة مدونة قوانين الصحافة والنشر، لتصبح مدونة لتنظيم الإعلام وضمان حريته واستقلاليته ومهنيته وتعدّديّته، وخلق التوازن بين واجباته وحقوقه، بما في ذلك عدم متابعة الصحافيات والصحافيين في قضايا الصحافة والإعلام بما لا تنص عليه قوانين المدونة”.
“حاتم” دعت أيضا المجلس الوطني للصحافة إلى “الشروع في القيام بأدواره وممارسة صلاحياته، وأساسا منها ألا يحمل بطاقة الصحافة من ليس أهلا لها، وإصدار القرارات بالسرعة اللازمة على من يخرق يوميا مبادئ أخلاقيات المهنة، ولا سيما عبر الخلط بين الدعاية والإعلام، والخلط بين الإشهار والإخبار وممارسة التشهير، وتقويض التضامن الواجب بين المهنيين، والاعتداء على حريات التعبير”.