عقب فاجعة وفاة 28 عاملا وعاملة، أغلبهن نساء في معمل غير قانوني، استنكرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إقدام السلطات المحلية بطنجة على “فرض دفن الضحايا في وقت متأخر من مساء يوم الحادث، حارمة الأسر المفجوعة من تأبين ضحاياها وإعلان الحداد عليهم، وتلقي العزاء فيهم”.
جاء هذا في بيان للمكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، قال إن “تسييد المقاربة الأمنية، دون احترام لمشاعر الأسر المكلومة، وتدابير التحقيق”، يستوجب مساءلة السلطات المحلية بخصوص قرار الدفن.
واعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن “هذا الحادث المأساوي ليس معزولا ولا استثناء أو سابقة”، مضيفة أنه “نتاج للفساد المستشري في كل دواليب الدولة، ما يؤدي إلى تواطؤ المسؤولين مع الشركات الجشعة، ويحمي المشغلين الذين لا تهمهم إلا الأرباح ولو على حساب الأرواح، وهو ما يجعل منه انتهاكا جسيما لحقوق الضحايا وذويهم، يستوجب العقاب وجبر الضرر وعدم التكرار”.
في هذا السياق، دعت أكبر الجمعيات الحقوقية المغربية إلى “إعلان هوية كل المقاولات المشاركة في سلسلة الإنتاج، من الشركات العالمية صاحبة الطلبيات، إلى الورشة مكان الحادث، ومضامين الاتفاقات التي أبرمت في مختلف المراحل، والتصريحات التي سلمت لتنفيذها؛ إعمالا للحق في المعلومة بخصوص مدى احترام حقوق العاملات والعمال”.
كما دعت الجمعية “كل الهيئات والتنظيمات المناهضة للظلم والاستعباد” إلى “مواجهة الاستغلال البشع التي تلجأ إليه الشركات العالمية اتجاه شعوب دول الجنوب، لرفع أرباحها بشكل صاروخي، على حساب حياة وكرامة وحقوق العمال والعاملات، تهربا من التزاماتها الاجتماعية في بلدانها”.
وطالبت الهيئة الحقوقية، أيضا، بوضع حد على المستوى المحلي لـ”القطاع غير المهيكل في مجال الصناعة، خاصة النسيج والصناعات الجلدية، التي تنشط بقوة في العديد من المناطق”، مسجلة “ضرورة ضمان الصحة والسلامة للعاملات والعمال في كل الوحدات الإنتاجية، وتفعيل دور لجان السلامة وفق الضوابط القانونية ذات الصلة”.
و”حتى لا تذهب أرواح ضحايا هذه الفاجعة سدى”، يقول المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان إنها يجب “أن تشكل منطلقا لحركة نضالية واسعة ضد الفساد، والاستبداد، والرشوة، واللوبيات الاقتصادية المنفلتة من أي التزامات اجتماعية، باعتبارها السبب الرئيسي لتكرار هذه الفواجع وتواتر المآسي التي يسقط فيها عشرات الضحايا بسبب لقمة العيش، هذا الحق الذي يعد أساسيا، ومن مسؤولية الدولة أن توفره للجميع، وتمكن منه كافة الناس بكرامة”.
وفي البيان نفسه، اعتبرت الجمعية “التصريحات الواردة على لسان رئاسة الحكومة، وما نقلته وسائل الإعلام التابعة لها، حول أن وحدة الإنتاج المعنية تعمل في السرية، اعترافات تدينها ولا تبرئها”.
كما طالبت الجمعية بجعل حد لـ”أسلوب المماطلة الذي ساد في التحقيقات بشأن الحوادث المماثلة السابقة، بعدم إعلان نتائجها، ما يؤدي إلى تكرارها، بسبب سياسات الإفلات من العقاب، التي تحمي المفسدين، وتشجع على مزيد من انتهاك القانون، وضرب حقوق الإنسان”، منادية بضرورة “التحقيق الفوري، الجدي والفعال، من أجل إجلاء الحقيقة كاملة، وإعمال القانون بشأن هذه الفاجعة، وكل ما واكبها من قرارات، وإعمال العدالة الفعلية بشأنها، وترتيب المسؤوليات ومعاقبة كل من يثبت تقصيره أو تواطؤه أو مسؤوليته المباشرة أو غير المباشرة في ما وقع، وإعلان مآل التحقيق ونتائجه للرأي العام (…) وجبر ضرر أسر الضحايا معنويا وماديا”.
تجدر الإشارة إلى أن مدينة طنجة شهدت وفاة 28 عاملا، أغلبهم عاملات، في معمل غير قانوني ينتج ملابس علامات تجارية عالمية، بقبو فيلا بمنطقة سكنية، بعدما تسربت المياه إليه.