على غرار باقي جهات المغرب، تكبد قطاع السياحة على مستوى جهة درعة تافيلالت خسائر كبيرة، وذلك منذ تسجيل الحالات الأولى من فيروس كورونا المستجد بالمملكة، الأمر الذي انعكس على العديد من الأنشطة الاقتصادية المتعلقة بالقطاع السياحي مثل النقل والصناعة التقليدية والخدمات الأخرى.
جائحة كورونا، حسب عدد من مهنيي قطاع السياحة بأقاليم جهة درعة تافيلالت، أصابت النشاط السياحي بالشلل التام لأزيد من سنة، وذلك بسبب ارتفاع الإصابات والإجراءات الصحية المتخذة، ما جعل الكثير من المؤسسات الفندقية والمطاعم تغلق أبوابها بشكل مؤقت في انتظار عودة النشاط الاقتصادي والسياحي.
وفق تصريحات متطابقة لمهنيي القطاع على مستوى جهة درعة تافيلالت، فإن هناك أملا في عودة النشاط السياحي بالتدريج ابتداء من منتصف الشهر الجاري، خاصة مع فتح المغرب الحدود البرية والجوية مع أكثر من 70 دولة، بما فيها جميع دول الاتحاد الأوروبي.
وأوضح هؤلاء أن الحركة الاقتصادية ستنتعش خلال الصيف القادم، ليس فقط لدى قطاع السياحة بل أيضا لدى جميع المهن المرتبطة بالسياحة بشكل مباشر.
خسائر بالملايين
تسببت جائحة كورونا منذ مارس من سنة 2020 في توقف حركة السياحة بنسبة 95 في المائة في جميع ربوع المملكة، حسب إحصائيات غير رسمية أدلى بها مهنيون بدرعة تافيلالت، مؤكدين أن الفيروس القاتل دفع النشاط السياحي والأنشطة المرتبطة بالقطاع إلى حافة الإفلاس، وباتت الآن رهينة بعودة السياح بعد فتح الحدود ودخول مغاربة المهجر.
محمد ألمو، مهني في قطاع السياحة بإقليم الرشيدية، قال إن “أزمة كورونا تسببت في خسائر تقدر بملايين الدراهم في جهة درعة تافيلالت، وهناك من قام نهائيا بإغلاق مؤسسته السياحية وفقد الأمل في العودة بسبب تراكم الديون”.
وأضاف ألمو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “أزمة فيروس كورونا كنا ننتظر أن تكون مؤقتة، لكن الوضع طال أكثر من المحتمل، ما تسبب في ضياع العديد من فرص العمل والمؤسسات السياحية المشهود لها جهويا”، مشيرا إلى أن “القطاع الحكومي المعني لم يعر أي اهتمام لمشاكل المهنيين في هذه الأزمة العالمية، تاركا إياهم يواجهون مصر الإفلاس لوحدهم”، وفق تعبيره.
من جهتها، قالت رحمة شعبون، فاعلة في القطاع السياحي من إقليم زاكورة، إن “هذا القطاع الحيوي والهام يمر بأصعب فتراته، خاصة في جهة درعة تافيلالت، وزادته لا مبالاة الوزارة الوصية تعقيدا”، مشيرة إلى أن هناك من لا يزال يحصي خسائره المالية منذ بداية الجائحة إلى اليوم.
السياحة الداخلية
بدأت مؤسسات فندقية وسياحية عدة بأقاليم جهة درعة تافيلالت خلال الأسابيع الأخيرة في استقبال السياح القادمين من مختلف المدن المغربية، وذلك بعد توقف نشاطها لشهور عديدة نتيجة الأزمة العالمية التي تسببت فيها جائحة كورونا.
جمال أبرام، فاعل في مجال السياحة بإقليم ورزازات، قال إن “المؤسسات السياحة استقبلت في الأيام الأخيرة وفودا كثيرة من السياح الداخليين، ما أنعش الحركة الاقتصادية بالإقليم خاصة، والجهة عموما، في انتظار دخول مغاربة المهجر والسياح الأجانب”، وفق تعبيره.
وأضاف أبرام، في تصريح لهسبريس، أن “خطوة استقبال السياح الداخليين يراد منها توجيه رسائل إيجابية إلى الأجانب والمغاربة المقيمين بالخارج، كون الجهة في أتم الاستعداد لاستقبالهم في ظروف جيدة”، مشيرا إلى أن هناك عروضا مغرية من المؤسسات السياحية، خاصة في ما يتعلق بالأثمنة، من أجل تشجيع السياحة الداخلية والخارجية.
وطلب المتحدث من جميع مهنيي القطاع “مراجعة الأثمنة السابقة في الوقت الحالي، وذلك من أجل تحريك عجلة التنمية السياحية جهويا ووطنيا، ومن أجل تدارك الخسائر المالية التي تسببت فيها الجائحة وتوقف الحركة في السنة الماضية”، على حد قوله.
فتح الحدود ينعش أمل المهنيين
كشف عدد من مهنيي قطاع السياحة بأقاليم درعة تافيلالت (زاكورة، ورزازات، تنغير، الرشيدية، ميدلت) أن مبادرة المملكة المغربية المتعلقة بفتح الحدود مع أكثر من 70 دولة، بما فيها دول الاتحاد الأوروبي، ستكون لها انعكاسات إيجابية على القطاع السياحي على المستوى الوطني عموما.
وفي هذا الإطار، أكد علال بندريس، فاعل سياحي بإقليم تنغير، أن “مبادرة فتح الحدود من طرف المغرب أمام السياح الأجانب والمغاربة المقيمين بالخارج تنعش أمل مهنيي هذا القطاع الذي تضرر بشكل كبير”، مضيفا أن “مبادرة الدولة المغربية يجب دعمها من طرف مهنيي قطاع السياحة بالمغرب من خلال تقديم خدمات ذات جودة وأثمنة مناسبة، لضمان عودة الثقة بين المهنيين والزبائن”، وفق تعبيره.
وأورد بندريس، في تصريحه لهسبريس، أن “فتح الحدود سيمكن المغرب من استقبال ملايين السياح، سواء المغاربة المقيمين بالمهجر أو الأجانب عشاق المغرب”، مشددا على أن “الكل ينتظر نهاية هذا الشهر من أجل استقبال الأجانب ومغاربة الخارج بعد طول انتظار”.
تصنيف دول كثيرة، خاصة الأوروبية منها، المملكة المغربية أفضل وجهة سفر في المغرب العربي وإفريقيا، قد يجعلها تستقبل العديد من السياح بداية من الشهر المقبل، وهو ما سيساهم بلا شك في تدوير عجلة التنمية، بحسب نعيمة جلال من إقليم تنغير.
وقالت نعيمة في تصريح لهسبريس: “هناك أمل كبير في عودة السياحة، خاصة الخارجية، إلى المغرب عموما”، ملتمسة من جميع المهنيين “عدم استغلال المناسبة لرفع الأثمنة أمام السياح لضمان استمرارية الثقة وعودة النشاط إلى ما كان عليه من قبل”، وفق تعبيرها.
مسؤول سياحي يوضح
في وقت حاولت فيه جريدة هسبريس التواصل مع المدير الجهوي لوزارة السياحة لنيل تعليقه على الموضوع، ظل هاتفه خارج التغطية منذ ثلاثة أيام، فيما أكد مسؤول سياحي بالجهة أن “هناك تحركات من طرف القطاعات الحكومية المسؤولة، بتنسيق مع السلطات الولائية والإقليمية، لضمان استقبال السياح في أحسن الظروف”.
وأوضح المتحدث أن “القطاع السياحي الرسمي سيقوم بدعم المهنيين وجلب السياحة إلى المغرب، من خلال إعلانات عن أماكن ترفيهية وسياحية ومؤسسات فندقية من أجل التعريف بها وتسهيل ولوجها من طرف السياح القادمين إلى المغرب”.
وأضاف المسؤول السياحي ذاته أن “هناك مجهودات تقوم بها وزارة الصحة على مستوى هذه الجهة بغية مساعدة المهنيين لتجاوز المحنة”.