تعاني كثير من الحدائق في مدينة سلا من قلّة اهتمام من طرف مصالح الجماعة؛ ما حوّلها إلى فضاءات جرداء أجزاء منها تشبه قفارا لا خضرة فيها، في الوقت الذي تنال فيه الحدائق في مدينة الرباط المجاورة حظا وافرا من العناية.

في حي بطانة، عند ملتقى الطرق قرب محطة حافلات نقل المسافرين، توجد حديقة تحوّل عشب أغلب أجزائها إلى حشائش ذات لون أصفر بفعل عدم سقيه؛ بينما اندثر العشب نهائيا من وسط الحديقة، واكتستْ تُربتها لونَ الرماد.

يخال المتجوّل في هذه الحديقة نفسَه داخل غابة تعاقبت عليها سنوات الجفاف. ولا يقتصر الإهمال الذي طال المكان الذي من المفروض أن يوفّر راحة نفسية وسكينة لقاصديه على عدم العناية بعشبه وأشجاره؛ بل يعاني أيضا من قلة النظافة، حيث تبدو الأزبال بارزة جوار الكراسي الصدئة المتناثرة هنا وهناك.

تتوفر جماعة سلا على مصلحة تُعنى بالمساحات الخضراء تابعة لقسم التهيئة الحضرية. وقبل أيام، نشر عبد اللطيف سودو، نائب رئيس المجلس الجماعي لسلا، صورا يظهر فيها أعوان تابعون للمصلحة المذكورة ينظفون حديقة عمومية بسلا الجديدة، وجدها عدد من المعلقين فرصة سانحة للتعبير عن احتجاجهم على إهمال حدائق مدينتهم.

تساءلت معلقة تدعى نور الهدى قائلة في تعليق على الصور التي نشرها: “لماذا لا تلتفتون إلى حديقة الفردوس في المدينة القديمة، والتي تعيش حالة مزرية؟”، مضيفة: “نطالب بصيانتها وإعادة تشجيرها، فهي المتنفس الوحيد لساكنة سلا، وقد ضاق صدرنا ونحن نراها هكذا دون تحريك ساكن”.

يقول معلّق آخر يبدو أن الغيرة أخذته وهو يرى القاطنين في العاصمة الرباط التي لا يفصلها عن سلا سوى مجرى نهر أبي رقراق: “المزيد من المساحات الخضراء أسي سودو. الرباط هربات علينا”. ويتساءل معلق آخر يُدعى مروان: “لماذا حي الانبعاث مهمّش من ناحية المساحات الخضراء؟”.

يرد نائب رئيس المجلس الجماعي لسلا على سؤال مروان بالقول: “لأنّ من سبقَنا لم يترك لنا فضاء مملوكا للدولة لكي نهيّئه”؛ ومن ثنايا هذا السؤال ينبعث سؤال آخر يطرحه زوار الحدائق العمومية بسلا، وهو لماذا لا تنال الحدائق المتوفرة ما تستحق من اهتمام.

هذا السؤال ينتصب أمام كل زائر للحديقة المقابِلة لسوق “الصالحين” المشيّد حديثا، والتي لا تعاني فقط من الإهمال الذي ترزح تحت وطأته باقي الحدائق العمومية بعَدوة الرباط، بل إن جزءا كبيرا منها عند المَدخل تحوّل إلى محطة لسيارات الأجرة الكبيرة.

hespress.com