الجمعة 5 فبراير 2021 – 22:22
معظم المغاربة لا يميزون في الفصل 490 بين المشكل الأخلاقي والجنائي، فهم متمسكون بالتجريم والعقوبة الجنائية، في موضوع لا يعدّ جريمة، ولا يكترثون بالجرائم الحقيقية كالرشوة والفساد والإرهاب وتعنيف النساء واغتصاب الأطفال، إنهم يتمسكون بالتقاليد في وضع غارق في الفساد العام، بينما يتناقضون في سلوكهم مع مواقفهم المعلنة، حيث عندما تسنح لأي واحد منهم أول فرصة لممارسة علاقة جنسية رضائية لا يُضيعها، بل يستغلها دون تفكير في العواقب التي ينص عليها القانون.
وعندما تقول له لماذا لا نغير القانون لحماية حريتك؟ يفضل التستر على نزواته، فينحاز للتقاليد والنزعة المحافظة، إنه لا يستطيع التخلي عن ممارسة العلاقات الجنسية الرضائية، لكنه في نفس الوقت لا يريد مواجهة نفسه بالحقيقة، وينطبق هذا على عموما على التيار المحافظ الذي ما فتئ يحرض ضد الحريات الفردية دون أن يتوقف أعضاؤه عن ممارسة حرياتهم، وعندما يقعون في فضيحة يلجئون إلى حيلة “الزواج العرفي” التي لم تعد تنطلي لا على السلطات ولا على المجتمع.
والنتيجة مجتمع مضطرب من الناحية القيمية، يراقب فيه الناس بعضهم بعضا عوض أن يعيشوا حياتهم بعفوية وبشكل مطابق لتطلعاتهم الحقيقية.
وهذا من أسباب انعدام السعادة في دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، فالسعادة مرتبطة بنسبة كبيرة بنمط الحياة وبالحرية.
من جانب آخر لا ينتبه كثيرون إلى أن النصّ الذي يتحدثون عنه تمت صياغته سنة 1962، في مجتمع لم يعُد موجودا اليوم، فلا علاقة بين المغرب الراهن ومغرب بداية الاستقلال فيما يخص العلاقات الاجتماعية ومكانة المرأة ودورها. ولا يوجد قانون يمكن أن يصمُد لستين سنة أمام تطورات الواقع، إلا إذا كنت السلطة والمجتمع يعانيان من تأخر يجعلهما يعيدان إنتاج القيم القديمة وسط تحولات لا يمكن إيقافها.
من جهة أخرى يكشف هذا النقاش حول موضوع الحريات الفردية عن وجود الحكومة والسلطة في حالة شرود، ففيما يطرح المجتمع بإلحاح وبشكل مستمر هذا الموضوع، عمدت الحكومة إلى استثنائه من التعديلات المرتقبة في المشروع المحال على البرلمان، وهذا في حدّ ذاته يعكس مقدار تخلف السياسات عن تحولات المجتمع المغربي.