ككل موسم انتخابي، تتسابق “النخبة السياسية” للبحث عن “أفضل العروض” لخوض غمار المحطة التشريعية، ما يفسّر تنامي وتيرة تقديم الاستقالات الفردية والجماعية في الأحزاب المغربية، وما يرافق ذلك من نقاش عمومي حول مشاكلها الداخلية.

تبعا لذلك، يعرف المشهد الحزبي الوطني تغييرات كثيرة خلال الفترة الأخيرة، بعد انشقاق قيادات بارزة عن أحزاب وانضمامها بشكل فوري إلى أخرى، الأمر الذي دفع متتبعي الشأن السياسي إلى انتقاد مسألة تغيير “الألوان الحزبية” قبل حلول الموعد الانتخابي بأشهر قليلة فقط.

ويفسر بعض الجامعيين والباحثين “الحمى الانتخابية” التي يشهدها المغرب بغياب ثقافة الانتماء إلى الأحزاب الوطنية التي فقدت هويتها الفكرية والإيديولوجية بمرور السنين، بخلاف أحزاب الأمس التي كانت تدافع عن مشروعها السياسي إزاء مغرب ما بعد الاستقلال.

وفي هذا الإطار، قال الباحث في العلوم السياسية محمد شقير إن “النخبة السياسية التي تتميز بصفة تغيير اللون الحزبي تكون مرتبطة بمنظومة ثقافية أساسها مناسباتي، وهو ما أمكن ملاحظته من خلال عادات المغاربة تجاه المناسبات الدينية والاجتماعية؛ إذ يتم النزوع نحو التجمعات والقيام بأنشطة غير عادية. وبالتالي، فالنخب السياسية بدورها لا تخرج عن سياق المنظومة”.

وأضاف شقير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المغرب يتوفر حاليا على نخبة سياسية محترفة للانتخابات، التي تحولت إلى مناسبة للتنافس والبحث عن أفضل الفرص السياسية التي يمكن أن يحققها هذا الحزب دون الآخر، استحضارا للتحولات التي يعرفها المشهد السياسي الوطني”.

وشرح بأن “المنظومة الحزبية تسمح كذلك بهذا النوع من الممارسات، لأن الأحزاب لم تعد قائمة على الإيديولوجيات الواضحة التي تدفع الأعضاء إلى التشبث الوثيق بها، بل لم يعد هؤلاء يكترثون بالمشروع الفكري للحزب بقدر ما يتم التركيز على المصلحة الذاتية”.

وأوضح الباحث السياسي أن “الأحزاب تبحث بدورها عن أحسن الفرص من خلال اختيار طبيعة الأشخاص المشاركين في الانتخابات قصد نيل أكبر عدد من المقاعد، ما يفسر مسألة الرقص الانتخابي القائمة في الوقت الحالي”، مشددا على أن “عدم التشبع بثقافة الانتماء الحزبي يؤدي إلى تعزيز الاحتراف السياسي المرتبط بالمصلحة المتبادلة”.

hespress.com