إذا قصدت إقليم الحوز، فستلاحظ أن الدواب الرئيسية لدى سكان هذه المنطقة، التي تستخدم في نقل الناس والبضائع، هي الحمير التي تقدم خدمات على مدار سنوات وهي في عز قوتها، لكن في لحظات ضعفها ومرضها، فالمجهول مصيرها حين يتخلى عنها أصحابها.
من أجل الدواب التي بلغت من العمر عتيا وأصاب جسدها الوهن أو تعرضت لإصابة ما، أنشأ الزوجان البريطانيان سوزان ماشين وتشارلز هانتوم، منذ 6 سنوات، بسفح جبال أطلس بجماعة تمصلوحت بإقليم الحوز، ملجأ الجرجير، لتقديم عناية خاصة للحمير والبغال.
سوزان ماشين (Susan Machin) قالت: “كان أول حيوان يتلقى الرعاية في هذا الملجأ هو الحمار اليتيم تومي، الذي ماتت أمه عام 2009، وبقي عامين في مؤسسة SPANA، أما اليوم فقد أضحى المركز يحتضن حوالي 130 دابة تحتاج إلى الرعاية، ويمنح كلًا منها اسما بمجرد وصولها، ليساعد العاملين على الارتباط عاطفيًا بها”.
وأوضحت سوزان ماشين، في تصريح لهسبريس، أن “هذا المشروع أنشئ منذ 6 سنوات للعناية والحفاظ على الحمير والبغال المتخلى عنها، لأننا نعتقد أن خدمة الحيوانات تماثل الدفاع عن حقوق الإنسان”، مضيفة: “واجهنا وضعا صعبا خلال الجائحة بسبب الدواب المصابة التي تصلنا وهي في حاجة لرعاية خاصة”.
وواصلت المتحدثة بأن غلافا ماليا يناهز 12 ألف درهم أسبوعيا، و48 ألف درهم شهريا، يهم إحداث جزء جديد بُني خلال هذا الأسبوع لاستقبال المزيد من الدواب”.
وتابعت سوزان: “الملجأ يوفر فرص شغل لحوالي 15 مغربي”، مضيفة: “عقدنا شراكات مع منظمات ببريطانيا، وللملجأ داعمون من كل دول العالم”.
وكشفت ماشين أن كل ما تريده وزوجها مستقبلا، إلى جانب الدعم المادي، هو “اعتراف السلطات المغربية بمجهودهما، لأن هذا العمل قانوني ومعقول، ومهم للمغرب ولقطاع السياحة كذلك”، ولفتت إلى أن “هذا الأمر مهم جدا عند الغربيين، ويولونه أهمية كبرى، ويسجلون مدى اهتمام البلاد بالحيوانات”.
محمد تاغزولت، مشرف على ملجأ جرجير، الذي يبعد بـ25 كيلومترا عن مدينة مراكش، قال إن “الدواب التي تصل مصابة إلى هذه المؤسسة الخيرية، تتلقى العلاج بعد فحصها من طرف طبيب بيطري، والتي تعاني من كسر نعتمد الطريقة التقليدية (الجبيرة) في علاجها لتلتئم كسور العظام”.
وأضاف الشاب تاغزولت قائلا: “نستقبل الحمير والبغال التي يتخلى عنها أصحابها بعد بلوغها سنا لا يسمح لها بأداء مهامها، لحمايتها من سوء المعاملة، ولتقضي المريضة أو الهرمة أيامها مسترخية، تحت رعاية أطباء يساعدون على تخفيف آلام الحيوانات التي لا يتوقع أن تعيش طويلًا، لجعل أيامها الأخيرة أكثر قابلية للتحمل”.
وتابع المتحدث ذاته: “نعتني بالدواب المصابة في أي جزء من جسدها، كالتي أصيبت في عينيها، والتي تشكو من جرح بقوائمها، إلى أن تسترجع عافيتها، أما الحيوانات التي تلفظ أنفاسها الأخيرة فلها مقبرة خاصة بالملجأ، نغطي قبرها بالأشواك لنقيها من نهش الكلاب الضالة”.
من جهته، أوضح أيوب حلكان، مسير بالملجأ، أن “تغذية الدواب تنقسم إلى ثلاثة أصناف؛ فصغار الحيوانات وحديثو الولادة والذين فقدوا الأم، وجبتهم الحليب والنخالة والشمندر، أما الدواب التي ما زالت أسنانها قوية فأكلها يتكون من الشمندر والتبن، فيما تتناول تلك التي فقدت أسنانها الشمندر والنخالة”.
وحدد حلكان عدد الوجبات التي يستفيد من قطيع الدواب في أربع وجبات؛ الأولى في الصباح والثانية في فترة الزوال والثالثة ابتداء من الرابعة زوالا والأخيرة بعد الساعة 8 ليلا، مشيرا إلى أن “حيوانات الملجأ تستفيد أيضا من تنظيفها ونظافة مكان استقرارها صباح كل يوم”.