أدت جائحة كورونا إلى مزيد من الانكماش في عدد الإسرائيليين الذين يزورون مسقط رأس آبائهم وأجدادهم بحي الملاح في مدينة فاس؛ غير أن استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية أنعش الآمال في عودة تدفق مزيد من اليهود، وبأعداد كبيرة، على هذا الحي الذي يفوح منه عبق التاريخ المفعم بثقافة هذه الطائفة الدينية التي عاشت بين أحضانه لفترة طويلة.

تجار حي الملاح بمدينة فاس أكدوا، ضمن تصريحات متطابقة لهسبريس، أن الشروع في تنظيم رحلات جوية مباشرة بين المغرب وإسرائيل، سيساهم في تشجيع اليهود على زيارة مدينة فاس، بغية اكتشاف الآثار الدينية والبيوت والمتاجر وورشات الصناعة التقليدية التي خلفها أسلافهم، قبل اختيارهم الهجرة نحو الدولة العبرية.

تاريخ حافل تشهد عليه، فضلا عن آثارهم، ذكرياتهم التي عاشوها بين دروب وأزقة هذا الحي القديم وسط جيرانهم من المسلمين، والتي لا يزال يرويها بشغف أهل الملاح، كما هو حال العلمي الحراق، البالغ من العمر 88 عاما، الذي قال، لهسبريس، إن العلاقة بين المسلمين واليهود بحي الملاح طبعها، على الدوام، التعايش واحترام كل طرف لثقافة الطرف الآخر.

ويراهن سكان حي الملاح بمدينة فاس على الآثار الدينية لليهود، كالمقبرة الإسرائيلية التي تحوي 12 ألف قبر لمتوفين يهود، وكنيسي “بيعة ابن دنان” و”صلاة الفاسيين”، اللذين يزخران بمجموعة نادرة من التجهيزات العبرية، لاستقطاب مزيد من اليهود المغاربة في إسرائيل، التواقين إلى معانقة جذورهم الضاربة في تاريخ أقدم عاصمة للمملكة.

حميد المنيعي، رئيس جمعية تجار شارع المرينيين بحي الملاح بفاس، أكد أن أفواجا مهمة من السياح اليهود دأبت، قبل الجائحة، على زيارة المآثر الدينية اليهودية التي يزخر بها حي الملاح، مشيرا إلى أن الوافدين، خصوصا الذين ينحدرون من الحي ذاته، لا يفوتون فرصة الزيارة للتواصل مع ساكنة وتجار الحي، ليستعيدوا ذكرياتهم وتاريخ آبائهم وأجدادهم.

وطالب المنيعي، في حديثه مع هسبريس، بالاهتمام بحي الملاح وتأهيله لاستقبال أبنائه من اليهود، مستحضرا كيف كان، كل يوم سبت، أبناء الحي من المسلمين يبادلون قاطنيه من اليهود التحية وهم مجتمعون رفقة أطفالهم بشارع المرينيين، والعلاقة الودية التي كانت تجمع الطرفين في الأفراح والأتراح.

وأضاف رئيس جمعية تجار شارع المرينيين، أن يهود حي الملاح بفاس كانوا معروفين بممارسة التجارة وأنشطة الصناعة التقليدية وصياغة الذهب وبيع الحلي والمجوهرات، مبرزا أن هناك منهم من اختار بيع عقاراته قبل الهجرة، ومنهم من فضل كراءها للغير مقابل مبلغ شهري لا يزال يتوصل به ذوو الحقوق إلى اليوم.

وأكد المنيعي أن متاجر حي الملاح كانت، فيما مضى، لا تستفيد من توافد السياح اليهود، لكون معروضاتها موجهة بالدرجة الأولى لمتطلبات المستهلك المغربي، مبرزا أنه يجب التفكير من الآن، وفي ظل ترقب حدوث طفرة في تدفق السياح الإسرائيليين على حي أجدادهم، في توفير سلع وبضائع تستجيب لحاجيات هذه الفئة من الزوار.

hespress.com