“أنا حْطِّيت السلاح”؛ بهذه الكلمات أنهى المفكر المغربي حسن أوريد مسارا ممتدا من الدعوة في كتاباته إلى “ثورة ثقافية” في المغرب، بعدما اعتراه الإحباط من إمكانية أن يفلح، هو وغيره من مثقفي جيله، في تحقيق الثورة المنشودة.
وقال أوريد في لقاء خصص لتقديم كتابه الجديد “فصول ورؤى.. من 11 سبتمبر إلى الدولة الإسلامية”، نظمته جمعية “أماكن من أجل جودة التعليم”، حين حديثه عن التعايش في ظل الاختلاف: “نحتاج إلى ثورة ثقافية، ولكني أُصبت بنوع من الإحباط، لأن جيلنا قدم ما ينبغي أن يقدمه، وعلى الجيل الجديد أن يقدم ما لديه من تصورات”.
واعتبر أوريد أن الثورة الثقافية لا يمكن أن تتحقق ما لم يحصل إصلاح حقيقي لمنظومة التربية والتكوين، وزاد موضحا أنه “لا يمكن أن نزعم بتحقيق ثورة ثقافية بدون جامعة؛ وكيف يمكن أن نزعم أن تكون لدينا جامعة بدون بحث علمي حقيقي؟”، ذاهبا إلى القول: “هذه قضايا معطلة”.
وأضاف المفكر المغربي بنبرة الفاقد لأي أمل في حصول “الثورة الثقافية” التي طالما نادى بها ودافع عنها: “أنا شخصيا حْطيت السلاح. ينبغي أن ينكب الجيل الحالي على تحقيق ما كنا ننادي به، وينبغي أن تستوي بنْية الدولة وأن تكون هناك ثقافة مطابقة للمعايير الكونية”.
ويرى أوريد أن ثمة حاجة ملحّة إلى التعايش في ظل الرؤى المختلفة، مبرزا أن هذا الأمر موجود حتى في البلدان العريقة في الديمقراطية مع صعود الأحزاب اليمينية التي تتبنى أفكارا وأطاريح تنطوي على خطورة، موضحا أنه “يمكن أن تختلف الرؤى، لكن علينا أن نتعايش”.
من جهة ثانية، قال أوريد إن العالم العربي، رغم كل الكبوات والنكسات التي تعتريه، “يبقى سُرّة العالم، والساحة التي يجري على أرضها تضارب السياسة والمصالح الدولية”، مضيفا: “إذا كان من الضروري للغربيين أن يفهموا العالم العربي، فالأولى أن يفهمه الذين يعيشون فيه”.
واعتبر المتحدث أن لحظة 11 شتنبر 2001، لم تكن مؤثرة في العالم العربي لوحده، بل في العلاقات الدولية كلها، مشيرا إلى أن التفجيرات التي استهدفت مركز التجارة العالمي بنيويورك “عمل إرهابي مُدان، ولكن هذا لا يُعفي من السعي للفهم، وهذا يقتضي العودة إلى ما قبل 11 سبتمبر”.
وأوضح أن أحداث 11 شتنبر لم تبزغ فجأة، “بل كانت نتاج صيرورة وصدام مضمر، قد نُرجعه إلى أزمة الخليج الثانية، أو عاصفة الصحراء، وهي المحددة والحاسمة”، مضيفا أن تفجيرات نيويورك سبقتْها رؤى من مفكرين أمريكيين محسوبين على ما يسمى “المحافظين الجدد”، وجدت في تلك الأحداث “مسوّغا لكي تنظر إلى الآخر من منظور العدو الضروري لصراع الحضارات”.
وعرّج المفكر المغربي على مآل “الربيع العربي”، قائلا إن هذه المحطة من تاريخ المنطقة لا تخلو من أهمية، وقد كانت ستُعطى لها أهمية أكبر لو نجحت الثورات، “ولكن بالنظر إلى الوضع الكامن أصبحت الأحداث عادية”.
وعلى الرغم من الكمون الذي انتهى إليه الحراك الشعبي الذي شهدته المنطقة، والانتكاسات التي أعقبته، يرى أوريد “أن الأمور لن تبقى كما هي، ولا يمكن أن يبقى الوضع منمّطا، لأن هناك ديناميكيات لا يمكن أن تُجهض”.