خبز البهائم..
صورة: منير امحيمدات


سعيد بن عائشة


الخميس 1 أبريل 2021 – 09:01

جرت العادة أن يتلى على المواطنين تصريح حكومي يقول إن “القطيع بخير” كلما اقترب عيد الأضحى، ومع ذلك لا تحدث هذه الجملة أي أثر في نفوس المتلقين، لكونها مرتبطة بـ”البهائم” المخصصة للعيد الكبير، ولكن “البهائم” ستسمع لأول مرة تصريحا صحافيا يقول فيه صاحبه إن الدقيق الذي يأكله المواطنون لا يصلح ليكون حتى علفا للبهائم.

شكرا لمطاحن الدقيق الوطنية جدا، التي تزودنا يوميا بأطنان من هذا الدقيق..شكرا لكل من ساهم في إنجاز هذا العمل العظيم، حيث يحتل الإنسان مرتبة أدنى من الحيوان، ومع ذلك لا يتحرك أي أحد..شكرا لمن يساهمون يوميا في “طحن” أمعاء المغاربة بمواد غير قابلة للهضم، سواء تلك المواد المقدمة على الموائد أو تلك المنتجات السياسية الرديئة الموروثة من العهود البالية..شكرا لكل من لم يتحرك ليوقف المهزلة.

في المغرب فقط، يصرح مواطن بكامل قواه العقلية، وهو الكاتب العام للفيدرالية المغربية لأرباب المخابز والحلويات (محمد القيري) بأن “الدقيق المستعمل في إنتاج الخبز لا يصلح حتى لعلف البهائم”، ويضيف بكل أريحية أن الدقيق الذي تنتجه المطاحن يستعمل في بلدان أخرى في تغذية الدجاج والمواشي، مؤكدا أن أصحاب المخابز يضطرون إلى إضافة بعض المكونات إلى “العجين” لتحسين جودة المادة الرئيسية في موائد المغاربة. ولا يقف المتحدث عند هذا الحد، بل إنه يضيف تصريحا أكثر خطورة عندما يتحدث عن “الجريمة المكتملة”.

“الجريمة المكتملة”، حسب المتحدث، يمكن أن يترك المجال في تصنيفها لخبراء القانون..لكن هذه الجريمة في الواقع حسب المصدر نفسه هي أن “ارتفاع وفيات الأطفال والأجنة سببه نقص الحديد والفيتامين A وبعض المكملات الغذائية والأملاح المعدنية في مادة الخبز المغربي، وهو ما يهدد صحة النساء الحوامل”.

وكأن كورونا لا تكفي..وكأن الفقر لا يكفي..وكأن التهميش لا يفي بالغرض..تتحالف “اللوبيات الطاحنة” في ما بينها لتقدم للمواطن المغربي خبزة مسمومة، وغامضة، و”رمانة مغمضة” مجردة من كل فائدة.. حتى الخبز والماء الذي يلجأ إليه كل “ضعيف” عند الحاجة يوجد من يتلاعب فيه، ليقدم المواطنين فوق طبق من ذهب للوبيات أخرى، هي لوبيات الصحة والدواء والمصحات..والكارثة التي تنضاف إلى الجائحة هي أولائك المواطنون الذين يقفون على عتبات المستشفيات العمومية.

وكأن المواطن المغربي في حاجة إلى هم جديد. تتوالى التقارير الخطيرة عن مادة الخبز ولا أحد يتحرك. ما معنى أن تصدر، في بلد لديه مؤسسات، للاستهلاك، و”تدبير الهلاك”.. تقارير تقول إن “زيادة المواد الإضافية والملح والسكر في الخبز..واستعمال الخميرة الكيميائية والماء المشبع بالكلور، وإزالة الألياف الغذائية، أمور تكون سبباً مباشراً وغير مباشر في إصابة المستهلك بعدة أمراض، منها سرطان القولون والزيادة المفرطة في الوزن والاكتئاب والإكزيما وحساسيات مختلفة، منها حساسية الكليتين؟..أليس هذا الكلام كفيلا بتحريك “سيف العدالة”؟.

البهائم الخبز الدقيق المطاحن

hespress.com