تمزق التناقضات العاصمة الاقتصادية للمملكة؛ ففي مقابل الاستنفار الذي تشهده المدينة من قبل السلطات المحلية من أجل تطويق البؤر العائلية المتزايدة، تسود حالة “تراخٍ” عامة في صفوف المواطنين منذ الخروج من “الحجر الصحي”.

زيارة الشوارع الكبرى لمدينة الدار البيضاء تتيح ملاحظة “ضعف” الالتزام بالتدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية؛ بينها ارتداء الكمامة الواقية واحترام مسافة الأمان وغيرها من الشروط الصحية الموصى بها.

كما تغيب شروط الاحتراز في مجموعة من المقاهي الشعبية بالقطب المالي، على الرغم من الحملات المتتالية التي تقوم بها أجهزة وزارة الداخلية في الفترة الأخيرة، بعدما ارتفع منحنى الإصابات بفيروس “كوفيد-19”.

ويفسّر بعض الباحثين المغاربة “التراخي” الموجود في الدار البيضاء، على غرار “المدن الموبوءة”، باعتماد الدولة على المقاربة الزجرية في “إجبار” المواطنين على الالتزام بالتعليمات الحكومية، بينما يغيب الوعي الصحي؛ الأمر الذي يجعل السكان يتخوفون من السلطات عوض “كورونا”.

وتعليقا على ذلك، قال محسن بنزاكور، باحث في علم النفس الاجتماعي، إن “العقلية المغربية تتمركز حول الذات، لكن أقصد الذات الفارغة بمفهومها الكانطي؛ ذلك أن الذات ينبغي أن تتوفر على الفهم الكافي والبعد الاجتماعي والمسؤولية”، مبرزا أن “المعرفة في غياب هذا الثلاثي تصبح مثل معرفة المحامي”.

وأضاف بنزاكور، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “معرفة المحامي تروم البحث عن سبل خرقها، بينما المعرفة بالمفهوم الكانطي تتمركز حول كيفية احترامها”، وزاد: “تحدث خطاب الملك عن المواطنة، وليس تحميل المسؤولية مثلما ظن الكثير من الناس”.

وأوضح الأستاذ الجامعي أن “المواطنة داخل مجتمع معين تفيد بأن لكل فرد حقوقاً وواجبات محددة؛ لكن المغاربة يركزون على الواجبات فقط، بحيث يتم تخريب الشأن العام والحفاظ على الشأن الخاص؛ ويتعلق الأمر هنا بأمراض اجتماعية كائنة قبل حلول كورونا”.

وبخصوص تخوف السكان من السلطات المعنية عوض الوباء، شدد محدثنا على أن “السلطة تقتضي وجود شخص آخر يعود بك إلى الصرامة القانونية، بينما الخوف من المرض يبقى مسؤولية ذاتية”، معتبرا أن “الخوف من السلطة لدينا غير مرتبط بالمسؤولية، بل بكيفية التلاعب بها”.

وتابع شارحا: “لما نزلت السلطة بثقلها التزم المغاربة، لكن لما خففت ثقلها تهور المغاربة، بحيث لم نصل بعد إلى مرحلة الوعي، ما يستدعي الاشتغال على الجوانب الثقافية مستقبلا، بالنظر إلى غياب القيم والمواطنة، ما مرده إلى العقلية المرضية في المجتمع”.

ولفت مصرحنا إلى أن “المغربي يعيش الأنانية في المجتمع؛ لكنه لا يعي بأنه يقضي على المحيط الذي يعيش فيه من حيث لا يدري”، خالصا إلى أن “الوعي العالي غير متوفر لدينا؛ أي الوعي بالعواقب، بل نقتصر فقط على الملموس وما هو آني”.

hespress.com