قال الدبلوماسي المغربي رشيد خطابي، الأمين العام المساعد المشرف على قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية، إن الاعلام العربي يجد نفسه اليوم أمام اختبار حاسم في ظل التحولات المذهلة التي طرأت على الممارسة الإعلامية، وخاصة في ضوء بروز الإعلام الرقمي وتزايد أعداد مستخدمي منصات وشبكات التواصل الاجتماعي، مقابل تراجع واضح لما يسمى بالإعلام التقليدي، مما يطرح بعمق تساؤلات حول مستقبل المهنة.
وشدد خطابي، خلال مشاركته في أعمال الملتقى الإعلامي العربي في دورته السابعة عشرة، على أن الثابت هو “أن كثيرا من المؤسسات العاملة في الحقل الصحفي والإعلامي اضطرت إما للتوقف الكلي أو مواكبة التحول الرقمي، بشكل أو بآخر، باعتماد نظام مختلط، علما أن هذا التحول غير المسبوق زادت وتيرته مع تفشي جائحة كورونا التي عكست تداعياتها ضرورة الإسراع بتحقيق الانتقال الرقمي”.
وأضاف: “اسمحوا لي في هذا الصدد أن أتوجه بخالص عبارات الشكر والعرفان للجسم الصحفي العربي على أدائه في ظل الظروف الصعبة للجائحة، بكل نكران ذات للقيام بالواجب المهني في التوعية الاجتماعية والصحية لدى عموم المواطنين عبر مختلف قنوات الاتصال”.
من هنا، يتابع خطابي، “فنحن مطالبون على النطاق العربي بالعمل على كسب رهانات هذا التحول لاعتبارات ذات أبعاد متعددة، اجتماعية واقتصادية وتربوية وثقافية، عبر مسايرة التطور التكنولوجي، وترسيخ دمقرطة الحق في الإعلام والاتصال في نطاق ضوابط قانونية لحماية الفضاء الإعلامي من خطابات الإسفاف والتشهير بالأفراد والجماعات، والأخطر من ذلك، من الحمولات المحرضة على العدمية والتطرف والكراهية المهددة لقيم التماسك الاجتماعي والمقومات السيادية والوطنية؛ فالإعلام والمسؤولية وجهان لعملة واحدة”.
واعتبر المتحدث أن الكل أصبح مطالبا بالانفتاح على أنجح تجارب الانتقال الرقمي، وأفضل نماذج التطوير الإعلامي باستشراف أنماط مهنية خلاقة في إطار ضوابط حرية الرأي والتعبير ضمن بنية تشريعية ملائمة لمسايرة تطور صناعة الإعلام، وتشجيع الاستثمار في الحقل الإعلامي وصقل المهارات التكنولوجية للمهنيين، من أجل الارتقاء بالمؤسسات ومزاولة المهنة وفق نظم ومعايير محكمة تدبيرا وإنتاجا وتسويقا، بعيدا عن سلوكيات الانكفاء واستهلاك أخبار الآخر.
ونبه الدبلوماسي المغربي إلى أنه من الضروري بموازاة ذلك، إثراء المحتوى الإعلامي للمؤسسات الإعلامية بجعل مضامينه أكثر عمقا وتنافسية واحترافية، مع “الأخذ بالاعتبار أن الطابع الآني لتدفق المعلومات والمعطيات عبر الإعلام الرقمي لا يمكن أن يكون على حساب قواعد نقل الخبر بأمانة ومهنية وموضوعية ومصداقية، وذلك بمبررات السرعة وتحقيق السبق الصحفي”.
وأسترسل قائلا: “على هذا الأساس، تبرز الأهمية الملحة لنوع من التوازن في المشهد الإعلامي بين القطاعين العام والخاص، في نطاق تصور شمولي ومتناسق للنهوض بصناعة الإعلام، لما للإعلام العمومي من مسؤولية في التداول الدقيق للأخبار، والحد من السلوكيات المعيبة”، مشددا على أن الوسائط الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحت ظاهرة عابرة للحدود الجغرافية، وأدخلت كثيرا من المفاهيم في متحف التاريخ، “تخضع جلها لتطبيقات ذات منشأ غربي إذا ما استثنينا النموذج الصيني، تلكم الوسائط التي أصبحت أنجع أداة لممارسة إعلام القرب والتواصل المباشر”.
وأشار الأمين العام المساعد المشرف على قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية إلى أن “من شأن دعم البرامج ذات الصلة بالتحول الرقمي، بصرف النظر عن التفاوتات القائمة بين البلدان العربية، تعبيد الطريق للتعامل الواثق مع التحديات الإعلامية، والاستغلال الأمثل لما يتيحه من فرص واعدة، في أفق إرساء إعلام عربي أكثر تأثيرا في الدفاع عن القضايا العربية”، مؤكدا الحاجة الملحة لتعبئة قدرات مختلف المكونات والأجهزة الإعلامية العربية، بما فيها شبكات التواصل الاجتماعي، في إعطاء زخم دولي قوي، في هذا الظرف بالذات، لصدارة القضية الفلسطينية المشروعة على المستويات الدبلوماسية والسياسية والحقوقية والإنسانية إثر الاعتداءات الآثمة على قطاع غزة والضفة الغربية والانتهاكات الجسيمة في القدس، وخاصة في محيط المسجد الأقصى المبارك”.