هو المراكشي خليل الزنبي، الذي نذر حياته العلمية للاشتغال على نظرية التفاضل والتكامل كأحد فروع الرياضيات؛ ما جعله يتبوأ مكانة علمية رفيعة، مكنته من الحصول على جائزة تقدم للباحثين المرموقين في العالم الإسلامي.

خليل الزنبي أستاذ للعلوم الرياضية بكلية العلوم السملالية بمراكش، الذي حاز أخيرا على جائزة “الكومستيك أوورد 2019″، وجد ضالته المعرفية، في هذه العلوم منذ تعليمه الإعدادي، إلى حد الهوس.

هذا الباحث، الذي توج بجائزة التميز لمنظمة التعاون الإسلامي في الرياضيات في فئة العلوم الأساسية، تابع دراسته بالتعليم العمومي بالثانوية التأهيلية الحسن الثاني بمراكش في مسلك العلوم الرياضية، والجامعية بكلية السملالية التي قضى بها 25 سنة تدريسا وتأطيرا.

ويرى الزنبي أن ولعله بالعلوم الرياضية كان ميولا ذاتيا، إلى جانب حبه للقراءة في مجالات مختلفة كالفن والتاريخ والسنيما؛ ما نمى خياله، كما كان يمارس لعبة كرة القدم الشعبية بحومته بدوار العسكر بمقاطعة المنارة مراكش حاليا.

الأستاذ الجامعي الزنبي، الذي ملأ خزانة كلية العلوم السملالية ببحوث كثيرة وشارك في منتديات دولية، يتوزع وقته بين التدريس والتأطير بالماستر ودكتوراه الدولة بالجامعة المغربية وبجامعات دول بالقارة الإفريقية، بدءا من الجزائر إلى دولة البينان مرورا من تونس والسينغال ونيجيريا.

“كنتُ سفيرا لبلدي بالقارة السمراء، بتأطيري لحوالي 22 طالبا إفريقيا، تمكنوا من الحصول على بشهادة الدكتوراه، ويعملون حاليا بالجامعات الإفريقية”، يقول الزنبي في لقاء مع هسبريس بكلية العلوم السملالية.

وبكثير من التواضع، يضيف الأستاذ نفسه: “لا وجود لقطاع علمي لا تحضر فيه الرياضيات بقوة”، مستدلا على قوله باستحالة بناء نظرية علمية أو اختراع تكنولوجي، دون هذه العلوم؛ فنظرية النسبية لألبرت أنشتاين، والأطباق الهوائية، والهواتف النقالة، تتحدث تفاضليا.

وعند الحديث عن قيمة الرياضيات، يتحدث خليل الزنبي، عن حضور اللغة الرمزية، قائلا: “يسمع الناس خلال الجائحة عن R0 وهو رمز رياضي، يقيس الحالة الوبائية؛ ما يساعد الحكومات والدول، على اتخاذ القرار المناسب بخصوص التدابير الاحترازية لحالة الطوارئ الصحية”.

طيلة مسيرته المهنية التي راكمها خلال تجربة غير يسيرة بميدان البحث العلمي، حافظ خليل الزنبي، الشغوف بالبحث في علوم الرياضيات، بروح الشباب، على شرارة لا تخبو؛ فكانت النتيجة 200 بحث حول الأنظمة الديناميكية والمعادلة التفاضلية، نشرت في مجلات علمية دولية.

وعن مستقبل هذا العلم، قال الباحث عينه: “الرياضيات بكليات العلوم، مجهولة المصير؛ لأن الخلف يتكون من طلبة مستواهم التعليمي بهذا التخصص العلمي متوسط، فيما يتوجه ذوو المستوى العالي إلى معاهد ومدارس التعليم العالي التي تقتل التفكير العقلي”.

ولإعادة الاعتبار للعلوم الرياضية، فالأمر بالنسبة لهذا الباحث الذي خبر المعرفة المجردة، يتعلق بمراجعة منظومة التوجيه المدرسي التي دأبت منذ زمن طويل على تشجيع التلاميذ، لاختيار المعاهد والمدارس التي تقدم المعرفة التقنية فقط. أما النظريات العلمية، فإنها تولد بكليات العلوم.

ولضمان الاستفادة من طلبة الماستر والدكتوراه، يقترح خليل الزنبي تخصيص منح تشجيعية معتبرة، لضمان بقاء المتفوقين منهم بشعبة العلوم الرياضية بكليات العلوم، لمتابعة دراستهم العليا، وحتى يستفيد منهم المغرب.

وينظر هذا الباحث، الذي أطر حوالي 30 أطروحة دكتوراه عملية في شعبة الرياضيات بالمغرب والقارة الإفريقية والحاصل على جائزة منظمة التعاون الإسلامي في الرياضيات في فئة العلوم الأساسية، بتشاؤم كبير إلى مستقبل الرياضيات بالجامعة المغربية.

ولأن الأستاذ خليل الزنبي نموذج يحتذى به للباحث الجامعي الذي كرس وقته للبحث العلمي في علم يقود العالم اليوم، فإن جامعة القاضي عياض بمراكش احتفت به أخيرا في حفل تكريمي، لتميزه خلال السنة الجارية بحصوله على جائزة دولية.

يذكر أن هذه المؤسسة الجامعية تعمل، منذ تأسيسها، على تنفيذ إستراتيجية تهدف إلى التميز، سواء في برامجها التكوينية والبحثية في المواضيع ذات الأولوية الجهوية والوطنية.

ومكنت هذه الإستراتيجية جامعة القاضي عياض، التي تضم ثلة من الباحثين مثل خليل الزنبي، من الحفاظ على صدارتها في ترتيب الجامعات الوطنية والمغاربية والإفريقية؛ فكانت أخيرا الأفضل بين 100 جامعة إفريقية، وفق تصنيف مركز “روفورم” خلال الفترة الممتدة ما بين يناير وماي 2020.

hespress.com