تزخر المدينة العتيقة لفاس بعدد من المعالم العريقة التي يفوح منها عبق التاريخ؛ من أبرز هذه المعالم دار المُؤَقِّت، التي توجد على عتبة جامع القرويين والتي لا يمكن لزائر للمكان ألا يعرج عليها ليكتشف هذه المعلمة الفلكية والدينية التي تنفرد بها مدينة فاس.

دار المُؤَقِّت، التي يعلوها برج على شكل صومعة بدون قبة تتم من سطحه عملية مراقبة أهلة الشهور القمرية، من المآثر التي شملها برنامج ترميم وتأهيل المعالم التاريخية للمدينة العتيقة لفاس الذي تشرف على إنجازه وكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس، حيث أشرف الملك محمد السادس على إعادة افتتاح هذه المعلمة في يونيو 2016م.

“لا يوجد مثيل لدار المُؤَقِّت بمختلف أرجاء العالم الإسلامي؛ فهي رمز من رموز حضارة المغرب الثقافية والإسلامية”، يقول عبد السلام اجميلي، مؤقت مدينة فاس والأستاذ بكلية الشريعة بالعاصمة العلمية، مبرزا أن مهمة دار المؤقت استخراج أوقات الصلوات الخمس وتوزيع الحصة الشهرية لها على مساجد المدينة، فضلا عن مراقبة هلال الشهور القمرية من خلال اعتلاء برج الدار.

كما يقوم المؤقت، يوضح اجميلي متحدثا لهسبريس، بالحسابات الفلكية المتعلقة برؤية الهلال، مبرزا أن هذه العملية هي للاستئناس فقط، اعتبارا لأن المملكة المغربية لا تعتمد على الحسابات الفلكية في ضبط الشهور القمرية، وإنما يتم ذلك عبر مراقبة الهلال عن طريق الرؤية الشرعية البصرية.

وأضاف اجميلي أن المشرف على دار المؤقت يشتغل طيلة السنة على الحسابات الفلكية التي تتعلق بأوقات الصلاة، مبرزا أن برج دار المؤقت، المعروف ببرج النفارين، برج مخصص لمراقبة الأهلة طيلة العام الهجري.

“يصعد المؤقت رفقة بعض القيمين الدينيين يوم الـ29 من كل شهر قمري إلى أعلى البرج لمراقبة رؤية الهلال، حيث يتم أخذ بعض الصور إن ثبت رؤيته أو لم يثبت ذلك”، يقول مؤقت مدينة فاس، مشيرا إلى أن الرؤية تكون تارة ممتنعة وتارة أخرى واضحة.

ويوجد بداخل دار المؤقت متحف مخصص للأدوات الفلكية الميقاتية المختلفة، والتي قال الأستاذ بكلية الشريعة إنها وضعت رهن إشارة الزوار الذين يرغبون في اكتشاف دار المؤقت؛ منها نسخ من الربع المُجَيب والأسطرلاب، والمزاول الشمسية، فضلا عن مخطوطات فلكية قديمة تتحدث عن رؤية الهلال، واستعمال الآلات الفلكية، وكيفية استخراج مواقيت الصلوات، وطريقة تحديد جهة القبلة.

فلكيا.. الخميس عيد الفطر

يقول عبد السلام اجميلي إن الحسابات الفلكية التي قامت بها دار المؤقت خلصت إلى أن رؤية الهلال لشهر شوال لعام 1442هـ ستثبت يوم الأربعاء الموافق للـ29 من شهر رمضان الجاري، مبرزا أن هذه الحسابات الفلكية الدقيقة تؤكد أن الهلال سيوجد قرب كوكب الزهرة اللامع وسيكون واضح الرؤية في جميع مناطق المملكة المغربية. وعليه، يوضح المتحدث ذاته، سيكون الخميس، اعتمادا على المعطيات الفلكية، أول أيام عيد الفطر لهذا العام.

وأردف متحدث هسبريس أن المملكة المغربية تعتمد في مراقبتها لأهلة الأشهر القمرية الرؤية المجردة لنظارة الأوقاف ومقابلتها مع نتائج الحسابات الفلكية، مؤكدا أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هي الجهة المختصة بالإخبار بثبوت رؤية الهلال من عدمه؛ وذلك اعتمادا على أكثر من 270 لجنة مكلفة بمراقبة الهلال بمختلف مناطق المغرب، وبمشاركة القوات المسلحة الملكية التي تراقب الهلال من خلال مناطق انتشارها داخل المملكة.

hespress.com