قالت دراسة حديثة للبنك الدولي إن تضخم الاقتصاد غير الرسمي قد يبطئ التعافي من تداعيات جائحة “كورونا” في البلدان النامية؛ ومن بينها المغرب.
دراسة جديدة بعنوان “الظلال القاتمة للاقتصاد غير الرسمي.. التحديات والسياسات”، وهي أول تحليل شامل لمجموعة البنك الدولي يدرس حجم الاقتصاد غير الرسمي وتداعياته على التعافي الاقتصادي الذي يساند التنمية الخضراء القادرة على الصمود والشاملة على المدى الطويل، أظهرت أن ثلث الأنشطة الاقتصادية تحدث خارج مجال الاقتصاد الرسمي الذي تقوم الحكومات بضبطه.
وأفادت الدراسة بأن المغرب أحرز تقدما في تقليص الإنتاج غير الرسمي، مشيرة إلى أن الناتج غير الرسمي في الاقتصاد يعادل حوالي 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة ما بين 2010 و2018؛ في حين كان يفوق ذلك ما بين 1990 و1999، ووصفت الدراسة هذا الانخفاض بـ”المحدود للغاية”.
وحسب الوثيقة، فإن جائحة “كورونا” ساهمت في خلق منصات جديدة على الإنترنيت، وأنظمة دفع جديدة عبر الهاتف المحمول، لمساعدة الحكومات على توسيع تغطية الخدمات الاجتماعية القائمة.
وأشارت الدراسة إلى أن الاقتصاد غير الرسمي يوظف أكثر من 70 في المائة من مجموع العاملين، أي نحو ثلث إجمالي الناتج المحلي تقريبا، في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية؛ “ومن شأن ذلك أن يقلل من قدرة هذه البلدان على تعبئة الموارد الضريبية اللازمة لتعزيز الاقتصاد في وقت الأزمات، وتنفيذ سياسات اقتصادية كلية فاعلة، وبناء رأس المال البشري من أجل تحقيق التنمية على المدى الطويل”، أوضحت الدراسة.
وفي الاقتصادات التي تشكل فيها أنشطة الاقتصاد غير الرسمي نسبة كبيرة، قالت الدراسة إن الموارد التي تخصصها الحكومة لمكافحة حالة الركود العميق ودعم التعافي اللاحق تكون أقل مما هي عليه في الاقتصادات الأخرى، “إذ بلغ مجموع الإيرادات الحكومية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، التي يشكل فيها الاقتصاد غير الرسمي نسبة أكبر من المتوسط، نحو 20 في المائة من إجمالي الناتج المحلي أي أقل بنسبة 5 إلى 12 نقطة مئوية من مستواها في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية الأخرى. كما انخفضت النفقات الحكومية بنسبة تصل إلى 10 نقاط مئوية من إجمالي الناتج المحلي. وبالمثل، تعاني قدرة البنوك المركزية على مساندة الاقتصادات من القيود من جراء النظم المالية غير المتطورة المرتبطة بتضخم الاقتصاد غير الرسمي”.
وأوضحت الدراسة أن تضخم الاقتصاد غير الرسمي يقوض جهود السياسات الرامية إلى إبطاء تفشي فيروس “كورونا” وتعزيز النمو الاقتصادي، إذ إن الفرص المحدودة للاستفادة من شبكات الأمان الاجتماعي تعني عدم قدرة العديد من العاملين بالاقتصاد غير الرسمي على تحمل تكاليف البقاء في المنزل أو الالتزام بمتطلبات التباعد الاجتماعي. وفي اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، تشكل مؤسسات الأعمال غير الرسمية 72 في المائة من الشركات العاملة في قطاع الخدمات.
وأشارت الدراسة إلى أن ارتفاع مستويات أنشطة الاقتصاد غير الرسمي بوجه عام يعني ضعف نواتج عملية التنمية، إذ تعاني البلدان التي لديها اقتصادات غير رسمية كبيرة من انخفاض نصيب الفرد من الدخل وارتفاع مستويات الفقر وزيادة التفاوت في الدخل وتأخر الأسواق المالية وضعف الاستثمارات؛ وهي بلدان أبعد ما تكون عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة.