كشفت دراسة علمية حديثة حول سيادة اللغة الإنجليزية في البحث العلمي، شارك فيها مجموعة من علماء البيئة، أن هذا الأمر ليس سوى وهم، لأن الواقع غير ذلك؛ فالبيانات العلمية المتاحة بلغات غير لغة شكسبير المستخدمة تقليديا لنقل العلوم، ثروة هائلة.
وخلصت الدراسة التي شارك فيها الباحث المغربي أحمد الطاهري، أستاذ باحث بجامعة شعيب الدكالي متخصص في دراسة الأنظمة الإيكولوجية، إلى ضرورة إعادة النظر في اللغات المستعملة في البحوث والدراسات العلمية، حيث انتهت إلى أن تضمين 10 لغات مختلفة يضيف أكثر من 200 مليار دولار مقارنة بالبيانات باللغة الإنجليزية.
وانطلقت الدراسة من التساؤل حول حقيقة هيمنة اللغة الإنجليزية، ومدى حضور باقي اللغات لتأطير هذه الدراسات العلمية، من منطلق أن الحركة الدولية للأشخاص وبضائعهم تنتج عنها آثار جانبية، تتمثل في نقل آلاف الأنواع الحية إلى أنظمة إيكولوجية جديدة، بعضها يستقر وينمو ويتسبب في أضرار كبيرة.
وللإجابة على هذا السؤال، قاد مجموعة من علماء البيئة، من قبيل “إيلينا أنجولو” و”فرانك كورشامب” من جامعة باريس ساكلاي (l’Université Paris Saclay)، وبعض العلماء الشباب من 18 دولة مختلفة، بحثا أكاديميا يهتم ببيانات تكاليف الأنواع الغازية (les coût des espèces envahissantes).
وفي ورقة توصلت بها هسبريس من الباحث المغربي أحمد الطاهري، فكل خبير كرس نفسه للبحث في التكاليف الحالية في جميع البلدان التي يتحدث فيها لغتهم الأم. ومن آخر ما نشر لمجلة Science of the Total Environment، مقال يعكس تمكن هذا الفريق الدولي من تسليط الضوء على الثروة الهائلة من المعلومات باللغات غير الإنجليزية.
وقال الطاهري: “بدءا من قاعدة بيانات غنية جدا تضم ما يقرب من 2500 تكلفة، ضاعف الفريق البيانات أربع مرات بفضل هذه اللغات الأخرى. كما وجد أيضا تكاليف لأكثر من 240 نوعًا جديدا، حيث لم يتم الإبلاغ في 15 دولة عن تكاليف بها باللغة الإنجليزية”.
ومن خلال هذه الملاحظة، تساءل فريق البحث عن اللغة التي يتحدث بها العلم. وفي هذا السياق، أوضح الباحث “فرانك كورشامب” أن “هذه الدراسة، كانت ترمي إلى إثراء قاعدة البيانات الخاصة بنا بنسبة قليلة أو %10 على الأكثر، إلا أن المفاجأة كانت الزيادة بنسبة %300، ولقد أذهلنا اتساع نطاق البيانات العلمية المتاحة بلغات غير اللغة الإنجليزية”.
وأوضح الباحث نفسه أن أعضاء هذا الفريق أصروا على ضرورة عدم إهمال اللغات غير الإنجليزية في تحليل البيانات على المستوى الدولي، من قبيل الفرنسية والإسبانية والبرتغالية والألمانية والهولندية واليونانية والروسية والعربية والصينية واليابانية.
وأكد المشاركون في البحث عثورهم على التكاليف (les coûts) في جميع اللغات التي تم البحث عنها تقريبا، وأن “العلم بدون حدود لغوية”، وأظهروا أهمية اللغة للتواصل الفعال بين جميع الجهات الفاعلة التي تعمل في مجال الأنواع الغريبة الغازية (les espèces exotiques envahissantes) من خبراء في مجال الإدارة والتدبير في هذا المجال.
ولم يستبعد الباحث المغربي المشارك في الدراسة أحمد الطاهري، وجود تكلفة اقتصادية مهمة للأنواع الغازية في المغرب، على غرار العديد من الدول الإفريقية، حيث الحاجة ملحة إلى إنجاز دراسات جادة حول التأثير البيئي والاقتصادي للأنواع الغريبة الغازية في بلدان العالم العربي بشكل عام، وفي المغرب بشكل خاص، بسبب شح في الإنتاج العلمي وفي إنتاج التقارير الرسمية بخصوص الغزو البيولوجي.