أوصت دراسة أعدها خبير مغربي بإيلاء أهمية أكبر لتطوير وتعزيز مكانة الرياضة الوطنية لتكون رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجية للمغرب، وذلك ضمن النموذج التنموي الجديد المرتقب اعتماده خلال السنة الجارية.
وأعد هذه الدراسة، المعنونة “الرياضة لي بغينا”، عبد القادر بورحيم، خبير في استراتيجية تنمية الأندية والمؤسسات الرياضية، وبادر إلى تقديمها للجنة الملكية الخاصة بالنموذج التنموي.
وتقدم الدراسة توصيات لجعل الرياضة رافعة تنموية للمغرب، من بينها تبني سياسة رياضية وطنية وجهوية حقيقية من أجل ضمان تنسيق وفعالية الإصلاحات لفائدة الرياضة.
وتقترح الوثيقة إنشاء وكالة وطنية للرياضة للسهر على تنفيذ القرارات وتتبع النهج السليم للسياسة الرياضية، وتقديم الدعم للأندية الرياضية والجامعات المتكونة إلى حد الآن في غالبيتها من جمعيات.
ويقول صاحب الدراسة إن هدفه “هو تحسيس المسؤولين بأن الرياضة لا تقتصر على جانب التسلية والترفيه”، ويدعو إلى “هيكلتها على أساس الحكامة النموذجية وهيئات مستقرة قادرة على تحقيق أداء رياضي تنموي مستدام”.
وتتضمن مقترحات الدراسة أيضاً تعميم البنى التحتية لتحسين ممارسة الأنشطة البدنية في كل مناطق البلاد، واستعمال التكنولوجيا الرقمية كأداة لتحسين وتحديث إدارة الأندية والمؤسسات الرياضية، وإنشاء معهد وطني للتميز الرياضي المتطور لانتقاء أفضل الرياضيين من كل أنواع الرياضات لإعدادهم للتألق في المنافسات الدولية.
وتقر الدراسة بأن “المنتوج الحالي للرياضة المغربية ضعيف بالمقارنة مع حجم الإمكانيات المرصودة له من طرف المؤسسات العمومية”، وهو ما يجعل المغرب “بعيداً عن الصناعة الرياضية التي تعطي قيمة مضافة”.
حجم الرياضة في الاقتصاد
تشير الدراسة إلى أن الرياضة تمثل في حد ذاتها قطاعاً صناعياً لوحدها، فمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تعتبرها رافعة للتنمية الاقتصادية، حيث تمثل اليوم 1200 مليار يورو، أي ما يمثل 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام العالمي.
وفي الاتحاد الأوروبي، تمثل الصناعة الرياضية أكثر من 2.2 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وفي جنوب إفريقيا حوالي 2.3 في المائة. أما في المغرب، فلا تتجاوز نسبة 0.7 في المائة من الناتج الداخلي الخام الوطني.
أما السوق العالمية لمنتجات الرياضة، فستناهز خلال السنة الجارية 273 مليار يورو، وفقاً لإحصائيات الفدرالية المهنية لمقاولات الرياضة والترفيه، في حين تشير الأرقام إلى أن السياحة المرتبطة بالرياضة ساهمت في إيرادات بحوالي 800 مليار دولار سنة 2016، وفقاً للمنظمة العالمية للسياحة.
وتورد الدراسة أن عدد مناصب الشغل المحدثة في الصناعة الرياضية في فرنسا تناهز 448 ألف منصب، مقابل 240 ألف منصب فقط في المغرب، وهي مناصب شغل تهم الأنشطة المرتبطة بشكل مباشر وغير مباشر بالرياضة.
وبالإضافة إلى مزاياها توفير مناصب الشغل لفائدة الشباب، تتيح الرياضة، وفق الدراسة، بناء صورة إيجابية جذابة لدى المستثمرين والأجانب، كما تعتبر رافعة تأثير دبلوماسية لخدمة مصالح البلد، ناهيك عن كونها وسيلة تعليمية وناقلة للقيم القوية مثل الاحترام والتسامح، كما تحافظ على الروابط الاجتماعية بين المواطنين.
جدير بالذكر أن اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، المعينة من طرف الملك محمد السادس، سبق أن أعلنت نهاية السنة الماضية أنها شارفت على الانتهاء من مسلسل المشاورات الموسعة الذي كانت قد أطلقته في دجنبر 2019، وأنها دخلت في مرحلة إعداد التقرير التركيبي لرفعه إلى الملك محمد السادس بداية السنة الجارية.
ويرتقب أن يتضمن التقرير انشغالات المواطنين في ما يخص قضايا التنمية ورصد انتظاراتهم، بالإضافة إلى تصورهم للمغرب الذي يطمحون إليه، وذلك بعدما جرى تنظيم جلسات استماع عدة همت كلا من الأحزاب السياسية والفاعلين الاقتصاديين والنقابات ومختلف مكونات المجتمع المدني، بالإضافة إلى الإدارات العمومية والجامعات والهيئات الدولية المختصة.