تمضي فرنسا في تنزيل مقررات خطة محاربة “الانفصالية الإسلامية” في ظل تصاعد الغضب وسط الجالية المسلمة، التي يرفض جزء كبير منها “مشروع ماكرون”، بينما يصر الجانب الفرنسي الرسمي على الذهاب بعيدا في خطته بالسماح لأئمة فرنسا الاحتفال بزواج المثليين.
وكانت الوزيرة المفوضة في وزارة الداخلية المكلفة بالمواطنة، مارلين شيابا، صرحت خلال مقابلة تلفزيونية بأنه “على المدى الطويل، يمكن لأئمة فرنسا الاحتفال بزواج المثليين، وبالتالي الاعتراف بالاتحاد بين أشخاص من نفس الجنس”.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن خطة قال إن هدفها سن قوانين صارمة غرضها، بحسب تعبيره، “وقف الانفصالية أو الانعزالية الإسلامية، والدفاع عن قيم العلمانية الفرنسة”، تحدث ضمنها عن وضع حد لجلب أئمة الخارج وفرض رقابة مالية أكثر صرامة على المساجد الخاضعة لـ”تدخل خارجي”.
وأصدر شمس الدين حفيظ، عميد مسجد باريس، بيانا ينتقد فيه تصريحات الوزيرة الفرنسية مارلين شيابا التي دعت الأئمة إلى تزكية زواج المثليين بناء على ميثاق مبادئ الإسلام في فرنسا، مبرزا أن الميثاق الذي استندت إليه الوزيرة، وضع للتفاهم بين الإسلام والجمهورية الفرنسية، ولا قيمة دينية أو إصلاحية له.
وبحسب رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية المغربي محمد موسوي، فإن الميثاق ينص بشكل خاص على “مبدأ المساواة بين الرجال والنساء”، وعلى “توافق” الشريعة الإسلامية مع مبادئ الجمهورية الفرنسية، ويشدد على “رفض توظيف الإسلام لغايات سياسية”، وعلى ضرورة “عدم تدخل” دول أجنبية في شؤون الجالية.
وقال عمر مرابط، خبير في الشأن الفرنسي، إن “تصريحات الوزيرة الفرنسية حول المثلية والأئمة تأتي في سياق معين، في ظل بروز بعض بنود قانون محاربة الانفصالية الاسلاموية، أو ما سمي في ما بعد بتعزيز مبادئ الجمهورية الفرنسية، كما تأتي في خضم إمضاء 4 فيدراليات كبرى على ميثاق المبادئ الذي كتب بطريقة إقصائية وتهميشية”.
وقد تم التوقيع من قبل ست هيئات في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية على هذا الميثاق، بينما رفضت ثلاث هيئات التوقيع، في حين أورد مرابط أنه “كان على هذه الفيدراليات أن ترفضه (الميثاق) عوض المصادقة عليه. هذا الميثاق يضمّ مواقف معادية للمسلمين”.
نائب عمدة مدينة أتيس مونس سابقا أوضح في تصريح لهسبريس أن “الموقعين على الميثاق يعطون الانطباع بأنهم قابلون لقبول أفكار الدولة الفرنسية”، مبرزا أن “المشكل يأتي في ظل قبول الميثاق الذي يتعارض في جوهره مع الدين الإسلامي”، معتبرا أن “المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية لم يتحرك ولم يتفاعل مع هذا الميثاق على عكس مسجد باريس الذي عبر عن رفضه لهذا المشروع”.
وشدد المتحدث على أن المجلس كان عليه أن يقف في وجه هذا الميثاق. بينما يبدو أن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية يعيش تمزقا، حيث إن 4 فيدراليات أعلنت عن تأسيس تنسيقية خارج المجلس.
وزاد المتحدث أن “المسلمين الفرنسيين تنقصهم قيادة مدنية دينية، لأن الهجوم يستهدف المسلمين”، متسائلا: “لماذا لم تتحدث الوزيرة الفرنسية عن اليهود والمسيحيين، خاصة وأن عدد المسلمين الذين يبدون حماسا للزواج المثلي قليل أو منعدم تماما مقارنة بالمسيحيين مثلا؟”.