قد يكون دهس فرنسي مقيم بالمغرب أغنام طفل كان يرعاها في شاطئ الصّنوبر الدولي بإقليم بنسليمان الشّجرة التي تخفي غابة من الخروقات المسكوت عنها بالمنطقة؛ فحَسَبَ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان-بنسليمان، فإنّ الأرض التي كانت الأغنام ترعى فيها تابعة للملك الخاص للدولة المغربية، وليست ضيعة للمُعَمِّر الفرنسي، وتقدّم مثالا عن حالة التسيّب التي تعيشها منطقة شاطئ دافيد بجماعة المنصورية في الإقليم.

وذكر فرع الجمعية الحقوقية الأبرز في المغرب أنّ مع هذه “الحكرة التي تعرض لها طفل من طرف المعمر الفرنسي الذي لم يكتف بدهس أغنام والده بل هدده بالقتل”، تطفو على السّطح مجموعة من أوجه الاشتغال دون احترام القانون في فندق عشوائي على شاطئ البحر يستغلّ في الدعارة وترويج الممنوعات دون حسيب أو رقيب، واستغلال مقهى حُوِّلَ إلى حانة تروّج فيها الممنوعات من خمور دون رخصة “أمام أعين الجميع، وفي عزّ أزمة كورونا والحجر الصّحّيّ”.

كما أدان الفرع ما يرتبط بهذه القضية من “احتلال للملك العام البحري التابع للمِلك الخاص للدولة من طرف المعّمرين الأجانب بشاطئ دافيد ببلدية المنصورية في عمالة إقليم بنسليمان، رفقة مجموعة من النافذين بدون موجب حق”.

وقال محمد متلوف، رئيس مكتب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بعمالة بنسليمان، إنّ الأراضي التي كانت ترعى فيها أغنام الطّفل تابعة للدّولة؛ فقد كانت تابعة للمياه والغابات أوّلا، ثم صارت تجزئة قطن فيها مجموعة من الشخصيات، من بينهم أجانب، بعد مبادلة مع المياه والغابات والأملاك المخزنية.

وقال رئيس فرع الجمعية الحقوقية، التي أعلنت أنّها ستنتصب طرفا مدنيا في القضية، إنّه سبق لها مراسلة وزارة الداخلية ووزارة المالية ووزارة الفلاحة والأملاك المخزنية، حول “احتلال عقار الصنوبر من طرف بعض الناس، والممارسات اللّاإنسانية واللّاأخلاقية التي تقع فيه”.

ودعا الحقوقي في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية إلى فتح تحقيق في كيفيّة امتلاك هذا المواطن الفرنسي للعقار الذي يقطن فيه؛ لأن تلك الأرض صالحة للزّراعة لكونها أرضا فلاحية، علما أنّ اتفاقية الخزيرات التي وقّعها المغرب في 1906 تقول إنّه من غير الممكن لأيّ أجنبي تملّك أرض فلاحية في الدّولة المغربية إلا بشرطَين، هما: الترخيص من الدولة المغربية في شخص وزارة الداخلية، أو أن يكون عنده عقد البيع.

ويُذكَر في هذا السياق أنّ الدستور المغربي نصّ في فصله الخامس والثلاثين على ضمان القانون حقّ الملكية، وعدم إمكان نزعها “إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينصّ عليها القانون”.

ووفق الباحث في العلوم القانونية الحمزاوي المهدي، يخضع تملّك الأجانب للعقارات الفلاحية أو ذات الصبغة الفلاحية بهدف إنجاز مشاريع استثمارية غير فلاحية للحصول على شهادة بعدم الصّبغة الفلاحية، أو استثناءَين أحدهما حالة الشفعة من طرف الشّخص الأجنبي عندما يملك حصّة في عقار فلاحي أو قابل للفلاحة في الشياع مع شخص آخر يبيع حصّته.

واستشهد فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بما نصّت عليه اتفاقية الخزيرات في عام 1906 من أنّ الأجنبي لا يحقّ له امتلاك أرض فلاحية بالمغرب إلا بشرطَي إذن الدولة المغربية، أو عقد الشراء، وأورد أنه “حسب الثابت من شهادة المحافظة العقارية، فإن الأرض التي كانت مسرحا لجريمة المعمر الفرنسي مازالت في الملك الخاص للدولة المغربية، وليست في ملكية المعمر الفرنسي”.

واستشهد رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تصريحه لهسبريس، بنزاع سبق أن وصل إلى المجلس الأعلى سابقا، رئيس محكمة النّقض حاليا، أجاب فيه المحافظ العام للمملكة بالقول: “لا وجود لأجنبي اشترى أرضا فلاحية بالمغرب واحترم فيها اتفاقية الخزيرات”. وعلّق الحقوقي على ذلك قائلا: “كلّ أجنبي يمتلك أرضا فلاحية بالمغرب، فهي ليست له، بل تعود للدّولة”.

ثم استرسل محمد متلوف قائلا إنّ حالة الأجنبي المتابَع ليست وحيدة بالنسبة لأراضي “دافيد”؛ فهناك الكثير من الأجانب من محتلّي الأراضي الذين بنوا فوقها فندقا، أو مقهى، أو أشياء أخرى، ويحرَم بسببها المواطنون لا من الرّعي فقط، بل من السباحة أيضا؛ لأنّ هناك من يحتلّ 1000 متر، وهناك من يحتلّ 2500 مترا، على شكل مسابح في شاطئ البحر.

وزاد المُصَرِّح بأن “قضية الأغنام ستفجّر موضوعا كبيرا جدا، هو مشكل احتلال الملك العام الساحلي للدّولة دون دفع ولو درهم من طرف أجانب”، واتّهم “لوبيا كبيرا”، سمّى من ضمنه أخ شخصية نافذة، بالمساهمة في ذلك، قبل أن يقول: “هذه الجريمة البشعة فعلا هي القطرة التي ستُفيض كأس موضوع كان مسكوتا عنه وخرج الآن إلى العلَن”.

ويطالب فرع “الجمعية” في بيانه حول هذه القضية “وزارة الداخلية والأملاك المخزنية بضرورة فتح تحقيق بخصوص الطريقة التي يتملك بها المعمر الفرنسي داهسُ الأغنام ومهدّد الراعي بالتصفية الجسدية، وغيره من الأجانب والنافذين، فيلّات على شاطئ دافيد الساحلي”.

وتعود القضية المثارة حاليا أمام المحكمة الابتدائية ببنسليمان إلى يوم السبت الماضي، بعدما نُشِرَ شريط فيديو أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بالمغرب، يُظهِر شخصا يتتبّع أغنام طفل بسيّارته ويدهسها بطريقة هستيرية، أمام دهشة الشّهود المستشفّة من تعابير الصّدمة التي تُسمَع في الفيديو.

وتساءل مالك الأغنام، أب الطّفل الرّاعي، في تصريح مصور لجريدة هسبريس الإلكترونية، عن ذنب هذه الأغنام التي دُهِسَت بطريقة هستيرية، فيما كثّف ابنه شعورَه والأغنامُ تُدهَس أمامه بالقول إنّه أحَسَّ بـ”الحكرة”.

وسبق أن نقلَت جريدة هسبريس تفاصيل جلسة المحاكمة المنعقدة أمس الثلاثاء، وخبر تأجيلها إلى الأسبوع المقبل، بعدما اعترف المواطن الفرنسي بدهسِه قطيع الغنم الذي كان يرعاه الطّفل عند استماع وكيل الملك إليه، وبرّر ذلك بـ”استفزازات من طرف الشّخص الذي وثّق الفيديو”، والذي “شتمه، ممّا جعله يقدِمُ على هذه الخطوة دونَ شعور”.

ويتابَع المتّهم في حالة اعتقال بثلاثة فصول من مجموعة القانون الجنائي، هي “الفصل 425″ الذي ينصّ على معاقبة كلّ من هدّد بارتكاب جناية ضدّ الأشخاص أو الأموال، و”الفصل 427″ الذي يعاقب بالحبس من ستّة أشهر إلى سنتَين، وغرامة من مائتَين إلى مائتَين وخمسين درهما، إذا وقع هذا التّهديد شفهيا وكان مصحوبا بأمر أو معلقا على شرط، و”الفصل 603” الذي ينصّ على معاقبة من قتل أو بتر بدون ضرورة أحد الحيوانات (المحدّدة في الفصل 601، ومن بينها الأغنام والماعز وغيرها من أنواع المواشي)، بالحبس من ستة أيام إلى شهرين، مع غرامة مالية، إذا ارتُكِبَت الجريمة في مكان يملكه أو يستأجِرُه أو يزرعه الجاني، ويعاقب بالحبس من خمسة عشر يوما إلى ثلاثة أشهر، مع غرامة مالية، إذا ارتُكِبَت الجريمة في أيّ مكان آخر.

[embedded content]

hespress.com