قراءة مواد بعض الأسبوعيات نستهلها من “الأيام” التي كتبت أن إسبانيا لا يمكن أن تفكر في خسارة المغرب لأسباب عديدة؛ منها أن الاقتصاد الإسباني بدأ يتعافى في السنوات الأخيرة، وأنها تعرف أن المغرب ساعدها كثيرا إبان أزمتها الاقتصادية في نهاية العقد الماضي، حين كانت قربة من الإفلاس.

فالمغرب بالنسبة إلى إسبانيا هو ثالث شريك اقتصادي خارج الاتحاد الأوروبي، بعد الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، كما أن 50 في المائة من الصادرات الإسبانية نحو إفريقيا تتجه نحو المغرب، حيث تفوق قيمة صادراتها نحو المملكة 6.5 مليارات يورو، كما تتركز كذلك في المغرب حوالي 20 ألف شركة إسبانية لها مصالحها في المملكة.

ووفق المنبر ذاته فإن إسبانيا تعول كذلك على المغرب في ما يتعلق بالمعلومة الاستخباراتية؛ فالمخابرات المغربية قدمت أكثر من معلومة مهمة لنظيرتها في إسبانيا، مما جنبها أكثر من حمام دم، كما تعول على التعاون المشترك بشكل أكبر في ما يتعلق بملف الهجرة الذي يؤرق بالها أكثر من غيرها من باقي الدول الأوروبية.

وعلاقة بهجرة الشباب والأطفال القاصرين بشكل جماعي إلى سبتة، يرى هشام معروف، المختص في السياسات الاجتماعية، أن اقتصاد الشمال، المرتبط بالسياحة الموسمية وكذلك بالتجارة الموسمية عبر التهريب، جعل الوضع يتفاقم بالنسبة للساكنة، خاصة بعد إغلاق مجال اشتغالهم. وشدد معروف على أن المقاربة الأمنية لا يمكن أن تكون لوحدها فعالة، فالمغرب لن يصبح دولة حارسة؛ بل يجب أن نقوم بتأهيل الشباب وإعطائه فرصة الحصول على لقمة العيش بكرامة، فالحل هو إدماجهم للمساهمة في التنمية المستدامة لبلدهم.

المنبر نفسه ذكر أن المغرب شرع بالفعل في إطلاق مشاريع ضخمة على الحدود مع الجزائر، عبر غرس آلاف أشجار النخيل لإنتاج التمور عالية الجودة، خاصة بمنطقة “قدوسة” حيث بني سد كبير يوصف بأنه الأضخم في المغرب الشرقي، على “واد كير” الذي يصب في الجزائر، ويشكل أهم مزود للمياه لولاية بشار في الجارة الشرقية.

وتعول المملكة على هذا السد، الذي سيتم استغلاله قريبا، من أجل خلق تحول إستراتيجي بالمنطقة. وخلال هذا الأسبوع تم إطلاق مشروع ري وتكييف الزراعة المروية على مساحة عشرة آلاف هكتار على محور المسكي بودنيب وخمسة آلاف هكتار باتجاه مجرى سد قدوسة.

هذه المشاريع ينتظر أن تساهم في خلق جيل جديد من الفلاحين العصريين بالمغرب الشرقي، ودعم التعاونيات الفلاحية، خاصة أن 16 ألفا و600 فلاح يعيشون في عدد كبير من الواحات التقليدية بمناطق فكيك وبودنيب والريش، المتاخمة للحدود مع الجزائر.

أما “الأسبوع الصحفي” فقد نشرت أن مستشفى مدينة جرادة يعرف فوضى عارمة بسبب حرمان مواطنين من خدمات مصلحة الأشعة المجهزة بأحدث المعدات، وتحميل المرضى عناء التنقل إلى مدينة وجدة في ظل حالة الطوارئ والحالة الاجتماعية المتأزمة التي تعيشها الساكنة.

ووفق “الأسبوع الصحفي” فإن تجميد مصلحة الأشعة هو مشكل من بين المشاكل التي الكثيرة التي يعرفها هذا المستشفى، وقد تترتب عنه إذا استمر على حاله إصابة جميع الأجهزة التي صرفت عليها الوزارة الملايير بالتلف، هذا دون الحديث عن تعرض حياة المرضى للخطر”.

“الأسبوع الصحفي” ورد بها، أيضا، أن اليوم الختامي لمهرجان الأبواب المفتوحة للكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بفاس شهد خرقا لقانون الطوارئ الصحية، بسبب الازدحام وعدم احترام التباعد الجسدي.

المنبر ذاته أفاد بأن صور المهرجان أظهرت اكتظاظا للحاضرين من مناضلي حزب “المصباح” على صعيد الإقليم، وأعضاء من الأمانة العامة للحزب يتقدمهم الأمين العام سعد الدين العثماني، حيث ظهر العديد من الحاضرين بدون كمامات وبدون إجراءات وقائية؛ مما يهدد بانتشار فيروس “كورونا” بينهم.

وكتبت “الأسبوع الصحفي” أن عدم احترام الحاضرين للتدابير الوقائية خلق استنكارا واستياء كبيرين في صفوف المواطنين، الذين تساءلوا عن عدم التزام السياسيين في حزب “المصباح” بالتدابير المفروضة على الجميع، حيث حمل البعض المسؤولية لأعضاء الحزب والبرلمانيين الذين خرقوا الإجراءات الضرورية الوقائية، لا سيما أن الحكومة التي يترأسها العثماني شددت على ضرورة الالتزام بالإجراءات وتوعدت المخالفين.

“الوطن الآن” أفادت بأن إسبانيا مدعوة إلى أن تستعيد الحكمة والتبصر، وأن تنهض ضميرها لما فيه مصلحة استعادة بناء جسور التواصل الحقيقي؛ لأن استمرار الأزمة بينها وبين المغرب لن يكون سوى خاسر واحد هو إسبانيا.

وفي هذا الصدد، أفاد علي بوطوالة، الكاتب الوطني لحزب الطليعة، بأن إسبانيا أساءت التقدير ولم تكن تتوقع أن تواجه ردا قويا من المغرب. بينما ذكر إسحاق شارية، الأمين العام للحزب المغربي الحر، أن كشف الهوية المزورة لإبراهيم غالي، زعيم جبهة “البوليساريو”، يجسد أن للمغرب عيونا استخباراتية لا تنام.

محمد الغول، إعلامي متخصص في الشأن الإسباني، قال إن عودة اليمين المتطرف غذى تخوف الإسبان من المغرب كعدو خطير. أما مصطفى يخلف، محام وخبير في الشؤون الصحراوية، فيرى أن تأثير الفعل السياسي على القرار القضائي بإسبانيا، يجعل المحكمة العليا بإسبانيا في امتحان عصيب باعتبارها صاحبة الاختصاص القضائي للفصل في المسائل ذات الأهمية الكبرى المرتبطة بمراقبة الإجراءات المتخذة من قبل المحاكم الوطنية أو الإقليمية وفقا لأحكام القانون الإسباني والاتفاقيات والمعاهدات الأممية والأوروبية الخاصة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والمحكمة الجنائية الدولية.

وأورد عبد الحميد البجوقي، كاتب وروائي مقيم في إسبانيا، أن الجار الشمالي للمملكة ضحية استخفافه بقدرات المغرب وتجاهلها لرسائل بلدنا، مشيرا إلى استمرار التوتر بين البلدين لبعض الوقت، و”أن العلاقات بين الدولتين ستدخل مرحلة جمود خلال ما تبقى من حكومة بيدرو سانشيز الائتلافية، ولا أستبعد تعديلا حكوميا يشمل حقيبة الخارجية واستبدال الوزير الحالية التي أبانت عن فشل كبير في تدبير ملف هذه العلاقات، وملفات أخرى كانت موضوع نقد شديد حتى من قياديين بارزين في الحزب الاشتراكي الذي يقود الحكومة الإسبانية الحالية”.

وقال البجوقي: “لا أستبعد اضطرار الحكومة إلى طلب تدخل الملك فيليبي السادس للتخفيف من حدة الأزمة ومن تداعياتها على الداخل الإسباني.

وفي حوار مع “الوطن الآن” يرى حميد النهري، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بطنجة، أن ظاهرة الهجرة بالمغرب أخذت منحى خطيرا وتقتضي معالجة عملية ومسؤولة، قبل فوات الأوان؛ قائلا: “للأسف، يظهر من خلال العديد من تصريحات المسؤولين المغاربة حول الأزمة أنهم لم يستوعبوا دوافع الهجرة، وأننا أمام ظاهرة اجتماعية خطيرة هي رغبة فئات عريضة من المواطنين هجرة الوطن بأي ثمن وفي أي فرصة. وهنا، يجب أن نميز أننا صحيح أمام أزمة دبلوماسية غير مسبوقة مع إسبانيا، وأصبحت حاليا مع أوروبا؛ لكن يجب أن نعترف كذلك بأننا أمام أزمة اجتماعية خطيرة ستهدد السلم الاجتماعي ببلادنا وتزيد في تقليص منسوب الثقة للمواطن في الدولة.

hespress.com