السبت 26 دجنبر 2020 – 07:00
بناء على أحداث حقيقيّة، تعود رواية جديدة إلى الأندلس، قبل طرد المورسكيّين منها، مستلهمة قصّة واحدة من أكبر عمليّات التزوير التي شهدتها الكنيسة الكاثوليكية، في سبيل التقريب بين المسيحية والإسلام، وحِفظ اللغة العربية.
وتعود رواية “ترجمان الملك” لكاتبها مراد زروق إلى الزمن المتراوح بين سقوط غرناطة سنة 1492 وطرد الموريسكيّين سنة 1609، حين ظهر بغرناطة ترجمان وطبيب مورسكي اسمه ألونسو ديل كاستيو أو ألونسو الغرناطي.
وأبعدت الثقة التي نالها هذا الرجل كلّ الشكوك عن إمكانية بقائه سرّا على الإسلام، بعدما وثقت فيه استشارية غرناطة والكنيسة والبلاط، وبعدما عمل تحت إمرة محاكم التفتيش، إضافة إلى حنكته وتفانيه في العمل والولاء الذي أظهره للملك، ومشاركته في حرب البشرات بقلمه، مترجِما ومثبطا لهِمَم مَن رفع السلاح من المورسكيّين ضد جيوش فليبي الثاني.
ودخل ألونسو الغرناطي بلاط مدريد من أوسع أبوابه، وأبلى البلاء الحسن في ما كُلّف به من ترجمات، لكن بعد إصدار الملك المرسوم الذي ضيق على المورسكيين في لغتهم وعاداتهم، قرّر أن يقرب المسيحية من الإسلام وأن يقنع أسياد الأندلس الجدد بأنّ العربية لغة من لغات النصرانية، فوضع مع جماعة من المورسكيين قرطاس المئذنة القديمة وكتب الرصاص.
ولبلوغ هدفه اختار ألونسو تلميذين من تلامذة يعقوب بن زبدي الحواري، وهما سيسيليو وتسيفون اللذان كانا من عرب حران، ليضع هو ومن معه الرق والكتب المزورة؛ فظهرت فجأة نبوءة القديس يوحنا المعمدان في مئذنة المسجد الجامع الذي أصبح كاتدرائية، ثم بعد بضع سنين، ظهرت كتب الرصاص على مراحل في خندق الجنة الذي أصبح يعرف منذ تلك الاكتشافات بالجبل المقدس.
وجاء على لسان ألونسو في الرواية: “لقد وضعنا ما وضعنا لنرفع قدر العربية، حتى ينظر إليها أنها لغة من لغات الوحي في النصرانية، ولم ندخر جهدا لنجعل الرب عند النصارى لا يكاد يختلف عن الإله عند المسلمين. كلما اقتربنا بلغتنا وديننا مما يعتقده النصارى القدامى في هذه البلاد، كلما تبدد اختلافنا عنهم، وعشنا بينهم في أمن وسلام، لكن ما دمنا لا نستطيع الاقتراب سنسحبهم إلى ساحتنا سحبا”.
ورغم جهود ألونسو، إلا أنّ خطّته لَم تغيِّر مجرى التاريخ، لأن المورسكيين طردوا في آخر المطاف من الأندلس، وبقيت ذكراه بوصفه مَن أشرف على “إحدى أكبر عمليات التزوير التي عرفتها الكنيسة الكاثوليكية”.