ترتبط الهجرة في مخيال الطامحين إلى خوض غمارها بالحُلم؛ الحُلم بمستقبل أفضل، وبتحقيق ما لمْ تُسعف الظروف لتحقيقه في الوطن الأم. لكن الأحلام لا تكون دائما وردية، بل قد تصير وهْما.
ذاك ما حاولت الكاتبة المغربية المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية سلوى الغرظاف إبرازه من خلال رواية نُشرت مؤخرا، بعنوان “مهاجرون بين الوهم والواقع”.
تبدأ الرواية المعروضة على موقع أمازون بسرد شعور الحزن الذي هبّ على “سَلمى” حين أقلعت الطائرة وهي جالسة في مقعدها إلى جانب زوجها؛ الحزن على فراق والديها وعائلتها ووطنها، والأسئلة التي توالت على ذهنها والطائرة تطوي المسافات نحو مدينة فانكوفر في أقصى غرب كندا.
منذ الصفحات الأولى من الرواية تنبه الكاتبة إلى أنّ اعتقاد بعض المهاجرين بأنّ الوصول إلى النجاح يتحقق فقط بالسفر خارج الوطن ليس صحيحا، وإلى أنّ الهجرة في حد ذاتها ليست نجاحا، بل النجاح الحقيقي هو أن يدرك المهاجر أنه في بلد يمنح فرصا للنجاح لمن يرغب في ذلك، ثم يبذل قصارى جهده لتحقيق حلمه.
وبعيدا عن الصورة المغلوطة التي يسوّقها معظم المهاجرين، وذلك بمحاولة إظهار ملامح الترف والنجاح حين زيارتهم إلى وطنهم الأم، حتى يُثبتوا للجميع نجاحهم وتفوقهم، فإنَّ الواقع في بلاد المهجر ليس دائما بهذه الصورة “الوردية” التي تجعل الحالمين بالهجرة يحسبون أن عليهم فقط مغادرة وطنهم نحو الضفة الأخرى لتحقق كل أحلامهم بسهولة.
وبمعزل عن الجوانب المادية، تشير الكاتبة إلى جانب آخر مما يفتقده المهاجرون في بلدان الاستقبال، وهو دفء العلاقات الاجتماعية؛ فقد كان زوج “سلمى” يتطوع أحيانا للعمل في مؤسسة تسمى “خط مفتوح”، تهتم بمشاكل الناس عبر الهاتف، ويتّصل بها أشخاص معظمهم يعانون من الوحدة القاتلة، أو من إهمال عائلاتهم، لا يبْغون شيئا آخر غير أذن صاغية إليهم للبوح بما تمور به صدورهم.
وتتوقف الكاتبة عند ارتباط المهاجرين المغاربة بوطنهم الأم رغم عيشهم في بلدان بعيدة؛ ففي حفل عشاء نظمه أصدقاء زوج “سلمى” على شرفه، حرص هذا الأخير على أن ترتدي زوجته قفطانا مغربيا تقليديا، كأنه يريد بذلك إظهار مدى الحرص على التشبث بهويتهما.
وتنتقل الكاتبة إلى عائق آخر من العوائق التي تنتصب في وجه المهاجرين، وهو الاندماج؛ “فحتى لو حملت جنسية البلد المضيف فهذا لا يعني أن اندماجك فيه سيكون سهلا”، تقول، وتخلُص إلى أن الاندماج في البلد المضيف ليس بالأمر الهين حتى وإن شغل المرء مناصبَ عليا، ذلك أنه يظل في حدود مرسومة يصعُب تخطيها.