أقدم عدد من زبائن الأبناك التشاركية بالمغرب، الذين استفادوا من تمويلات لاقتناء العقارات، على تأسيس تكتل افتراضي على موقع “فيسبوك”، بهدف إثارة انتباه الجهات المعنية إلى خطورة تأخر تطبيق التأمين التكافلي.

وبرز إلى السطح هذا التكتل في الأيام الأخيرة باسم “تنسيقية زبائن الأبناك التشاركية غير المستفيدين من التأمين التكافلي” على موقع “فيسبوك”، وجعل من ضمن أهدافه العمل على إعداد عريضة لتقديمها للجهات المعنية قصد التنزيل الفوري للقوانين المتعلقة بالتأمين التكافلي.

ومنذ بدء الأبناك التشاركية عملها في المغرب قبل سنوات، لم يرافق منتجاتها التمويلية أي تأمين، بينما يوجد ما يسمى التأمين التكافلي في المالية الإسلامية، وهو ما يجعلهم معرضين لضياع حقوقهم في حالة الوفاة مثلاً.

والتأمين التكافلي هو صيغة من صيغ التأمينات مخصصة للمالية التشاركية، ويقوم على أساس التكافل بين عدد من الأشخاص من أجل تلافي الأضرار التي يمكن أن تلحق بهم، وذلك وفق الضوابط الشريعة.

وقد وضع القانون رقم 59.13 الإطار التنظيمي للتأمين التكافلي وإعادة التأمين التكافلي، لكن البدء في مزاولة النشاط الفعلي لم يتم بعد، في انتظار صدور النصوص التطبيقية ومنح التراخيص لشركات القطاع الراغبة في مزاولة هذا النوع من التأمين.

وأشار أصحاب مبادرة التنسيقية إلى أن عدداً من الزبائن الذين حصلوا على تمويلات إسلامية لاقتناء العقار وافتهم المنية، وهو ما يطرح مشاكل كبيرة لذويهم في غياب التأمين التكافلي، ودعوا في هذا الصدد هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي وبنك المغرب والمجلس العلمي الأعلى إلى تدارك هذا الأمر.

ويطرح تأخر التأمين التكافلي أكثر من علامة استفهام، فقد مرت الآن ثلاث سنوات على دخول الأبناك التشاركية إلى السوق المغربية، ومازال التأمين معلقاً. وكثيراً ما يلجأ الزبائن إلى البنك للاستفسار فلا يجدون جواباً مقنعاً، وهو ما يزيد من تعميق القلق السائد لديه.

ويقول أحد المقتنين لعقار في إطار البنوك الإسلامية: “عندما اقتنيت عقاراً من البنك التشاركي الذي أتعامل معه قيل لي إن التأمين التكافلي سيخرج بعد بضعة شهور، والآن مرت ثلاث سنوات ولم يخرج بعد”.

وأضاف المتضرر، عدم الراغب في كشف هويته، أن “المتضرر الوحيد في هذا التأخر هو الزبون، لأن كل من اشترى عقاراً من بنك تشاركي يوقع التزاماً بدفع مبلغ التأمين التكافلي مباشرة بعد خروجه، بينما لا يوقع البنك أي التزام، ففي حال توفي الزبون لا قدر الله فإن أسرته ستتشرد لأن البنك لن يتردد في بيع العقار إذا لم يكن هناك طرف يدفع ما تبقى من الأقساط”.

وذكر المتحدث، في حديث لهسبريس، أن “التبرير الذي يعلل به تأخر تفعيل التأمين التكافلي كان في البداية هو انتظار استكمال تصور اللجنة العلمية المكلفة بمراقبة مدى ملاءمة معاملات الأبناك التشاركية لمقاصد الشريعة الإسلامية، والآن يقال إنهم ينتظرون الضوء الأخضر من البنك المركزي”.

ويؤكد هذا الزبون، المشتغل أجيراً في القطاع الخاص، أن “هذه التبريرات غير مقنعة ويصعب تصديقها، لأن اللجنة العلمية والبنك المركزي لا يحتاجان إلى كل هذا الوقت طالما أن هناك تجارب للتأمين التكافلي في عدد من البلدان، ولن يخترعوا هذا التأمين لأول مرة”.

وشدد المتحدث على أن “الأبناك التشاركية مطالبة بالضغط على الجهة أو الجهات التي تعرقل تفعيل التأمين التكافلي، ليس فقط حماية لمصلحة زبائنها، بل أيضاً حفاظاً على مصالحها، لأن كل تأخر للتأمين يُفقدها ثقة الزبائن المتعاملين، ويُبعد عنها الزبائن المفترضين، إذ لا أحد سيغامر بشراء عقار بدون وجود تأمين”.

وتشير المعطيات الرسمية الصادرة عن بنك المغرب إلى أن البنوك التشاركية وزعت سنة 2020 تمويلات تجاوزت 13.5 مليارات درهم، مسجلة بذلك ارتفاعاً قدره 48 في المائة مقارنة بـ2019 التي سجلت 9.1 مليارات درهم فقط.

واستأثر تمويل العقار بحصة الأسد من إجمالي التمويلات التي منحتها البنوك التشاركية خلال السنة الماضية، حسب بنك المغرب، إذ بلغت حوالي 11.5 مليارات درهم، لكنها مازالت كلها بدون تأمين تكافلي.

جدير بالذكر أن منظومة المالية التشاركية بالمغرب انطلقت سنة 2017. وقد منح بنك المغرب تراخيص لمزاولة نشاط بنكي تشاركي لفائدة ثمانية فاعلين؛ منها خمسة بنوك إلى جانب ثلاث نوافذ تشاركية.

hespress.com