خلال الفترة الأخيرة تصاعدَ منحى انتشار فيروس “كورونا” المستجدّ في عدد من مناطق العالم القروي، حيث لم تسلم جماعات ومداشر بعيدة من خطر “الوباء” الذي مازالَ يسجّل أرقاماًّ قياسية، وهو ما دفعَ مهنيين إلى دقّ ناقوس الخطر من تحوّل “بوادي المملكة” إلى بؤر للفيروس التّاجي.

وسجّلت عدد من الجماعات القروية في مناطق مختلفة من المملكة إصابات متتالية بفيروس “كورونا”، فسّرها البعض بموجة نزوح جماعية قادت عددا من المغاربة إلى مسقط رأسهم للاحتفال بطقوس العيد، بحيث شهدت مثلاً جماعات لوطا والنّكور وبوفراح وتماسينت في الرّيف حالات إصابة مؤكّدة بالفيروس.

ومعروف أنّ غالبية المغاربة فضّلوا الانتقال من المدن والحواضر الكبرى صوبَ البوادي والمداشر البعيدة للاحتفال بعيد الأضحى، وهو ما أدّى إلى بروز بؤر عائلية في العالم القروي، الذي ظلّ بعيداً عن الفيروس لأشهر، بحيث يخشى مهنيو الصّحة من بروز موجات جديدة تنطلقُ هذه المرّة من البوادي المغربية.

وفي هذا الصّدد، أكّد الباحث المغربي كريم عايش أنّ “عدداً من المغاربة يفضّلون قضاء عطلة العيد مع ذويهم، في حين ترتبطُ هذه الظاهرة الاجتماعية بالهجرة بعد أن ضرب الجفاف مناطق عديدة وتم تقاسم الأراضي الفلاحية ضمن نظام الإرث فتحولت غالبيتها إلى قطع مجهرية لا تحقق ربحاًّ فلاحيا جيدا، ما دفع أصحابها إلى مغادرتها”.

ويشيرُ المحلّل ذاته إلى أنّ “غالبية هؤلاء المهاجرين من الحرفيين والصّناع والعاملين في المصانع والوحدات الصّناعية”، مبرزاً أنّه “مع هذه الحركية والتنقل صار سهلا أن ينتقل فيروس كوفيد-19 أيضا وينتشر بسهولة، طالما كثرت المخالطة، وهو ما تمت ملاحظته مؤخرا عبر وافد من طنجة نقل الفيروس إلى عائلته ببولمان”.

ويتوقّف المتحدّث ذاته عند الصّعود الصّاروخي في عدد “حالات اشتوكة”، حيث “تحوّل عيد الأضحى من فرصة لاجتماع العائلة إلى بيئة خصبة لانتشار الوباء بصمت وبسرعة”، مؤكّداً أنّ “المغاربة لم يستسيغوا قرار الإغلاق الفجائي الذي همّ ثمان مدن”.

وشدّد الباحث ذاته على أنّ “الوضعية الوبائية الحالية تستدعي برتوكولاً أكثر صرامة من أجل الحدّ من انتشار الفيروس”، موضّحاً أنّه “تمّ تسجيل أرقام مخيفة خلال اليومين الماضيين، ما دفع إلى إغلاق أجزاء مهمة من المدن التي لم يتم إغلاقها، وتعقيد مهام الأطقم الطبية التي ستضطرّ إلى إلغاء عطلها السّنوية عبر اعتماد حركية اختيارية أولا ثم إجبارية لسد خصاص الأطقم بالمراكز المخصصة للعلاج”.

hespress.com