لا شكّ أن زعيم حزب “بوديموس” الإسباني بابلو إغليسياس يشكّل عقبة أمام تقدم العلاقات بين الرباط ومدريد. وقد ظهر هذا جليا من خلال موقف المغرب تأخير عقد قمة ثنائية هي الأولى من نوعها منذ عام 2015، مادامت لائحة المدعوين الإسبان تضمّ السّياسي المتطرّف المعروف بمساندته لجبهة “البوليساريو” والانفصال في الصّحراء، بينما لم تظهر أي مؤشرات على تجاوز “سوء الفهم” بين الجارين.

ورغم أن الملفات “السّيادية” في مدريد ترسم معالمها جهات ضيّقة داخل النظام السياسي الإسباني فإنّ تصريحات مساندة للانفصال في الصحراء لطالما أعادت العلاقات بين مدريد والرباط إلى نقطة الصفر، وغالبا ما تصدر عن تنظيمات متطرفة مثل “بوديموس” المشارك في الحكومة، والحزب الوطني الباسكي؛ وهو ما جعل الرباط تتريث في تعاطيها مع الجار الشمالي في عدد من القضايا.

ويخلط زعيم “بوديموس” الإسباني بابلو إغليسياس بين دورين: المؤسّسي والحزبي؛ فهو في المقام الأوّل نائب رئيس حكومة إسبانيا، الدّولة التي يجب أن تهتم بشكل خاص بعلاقاتها مع جارها في الجنوب، وهو أيضا زعيم حزب يساري راديكالي يتبنى الأطروحة الانفصالية في الصحراء ويدافع عن جبهة البوليساريو.

وفي الفترة الأخيرة، حاول زعيم بوديموس أن يستغلّ موقعه الرسمي الحكومي للضغط على المصالح الحكومية للتعبير عن موقف ينتصر لجبهة البوليساريو، إذ أصدر “تدوينات” على “تويتر” طالب فيها بتقرير المصير في الصحراء، ودعم بشكل مباشر قيام الجمهورية الوهمية، وهو ما تسبب في توتر العلاقات بين المغرب وإسبانيا.

وتحاول الحكومة الإسبانية تخفيف حدة التوتر مع جيرانها في المغرب، إذ تؤكد أن علاقتها مع الرباط على ما يرام، مشيرة إلى إنفاق 10.6 ملايين يورو لتزويد وزارة الداخلية المغربية بأجهزة مراقبة لتعزيز حدودها: كاميرات حرارية ومشاهد ليلي. كما سيتم تخصيص 7.8 ملايين لـ 98 كاميرا رؤية حرارية إضافية و12 للمركبات.

ويبدو أنّ ضبابا كثيفا يسود العلاقات بين مدريد والرباط، وسيحول دون اجتماع سانشيز بالملك محمد السادس، خاصة بعد زيارة المسؤول الإسباني إلى الجزائر في أول رحلة رسمية له كرئيس في أكتوبر الماضي، بالإضافة إلى ملف الصّحراء، والتحالف مع فرنسا في صراعات الساحل وليبيا.

وكان من المتوقّع أن يتنقّل إلى الرّباط ضمن الوفد الإسباني نائب رئيس الحكومة، بابلو إغليسياس، لحضور الاجتماع رفيع المستوى في 17 دجنبر الماضي، ولكن في اللحظة الأخيرة غيرت الحكومة المعايير وأسماء المدعوين، إذ اقتصر الأمر على الوزراء الذين لديهم مذكرة تفاهم مع نظرائهم المغاربة، بينما لم يتم عقد القمة التي مازال تاريخها “معلقا”.

وتعتبر إسبانيا الشريك التجاري الأول للرباط. كما أن المغرب هو أول زبون لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة. ويشكل المغاربة أكبر جالية في إسبانيا، حيث يبلغ عددهم ما يقرب من مليون شخص، بينما توجد في المغرب أكبر شبكة لمعهد ثربانتس الإسباني.

hespress.com